طالبان تقترح تهدئة بثلاثة أشهر لترسيخ انتصاراتها العسكرية
كابول - أعلن مفاوض حكومي أفغاني الخميس أن حركة طالبان اقترحت وقفا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر مقابل إطلاق سراح نحو سبعة آلاف متمرد محتجزين في سجون أفغانستان في وقت أكدت فيه باكستان أن الحركة المسلحة سيطرت على معبر حدودي رئيسي.
ويأتي مقترح طالبان على الأرجح ليس من أجل التهدئة بمناسبة عيد الاضحى وإنما لترسيخ سيطرتها على المناطق التي انتزعتها مؤخرا من القوات الأفغانية الحكومية ومن ضمنها المعابر الحدودية.
وقال نادر نادري للصحافيين "إنه طلب كبير"، مضيفا أن المتمردين طلبوا أيضا شطب أسماء قادة في الحركة من اللائحة السوداء للأمم المتحدة.
ولم يتضح بعد رد الحكومة على مقترح وقف إطلاق النار ولا متى عرضته الحركة، لكنه يأتي فيما تسرع الولايات المتحدة وتيرة خروج جنودها واستكمال انسحابهم قبل 31 أغسطس/اب.
وقال متحدث باسم طالبان التي ينتشر قياديوها في أنحاء المنطقة، إنه على علم فقط بمقترح لوقف إطلاق النار بمناسبة عيد الأضحى.
وتأتي تصريحات نادري في وقت استخدمت فيه قوات الحدود الباكستانية الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد من مئات الأشخاص حاولوا اجتياز معبر حدودي لدخول أفغانستان، وفق مسؤولين.
وكانت السلطات الباكستانية أغلقت المعبر قبل يوم في أعقاب سيطرة متمردي طالبان على الجانب الأفغاني من الحدود في إقليم سبين بولداك وتحقيقهم المزيد من المكاسب منذ تسريع القوات الأجنبية خروجها من أفغانستان.
والخميس أكدت وزارة الخارجية الباكستانية أن المعبر الحدودي بات تحت سيطرة طالبان. وقال المتحدث باسم الوزارة زاهد حفيظ تشودري غداة سيطرة الحركة المتمردة على البلدة، "سيطروا على معبر سبين بولداك الحدودي".
وكان المسؤولون الباكستانيون قد أغلقوا الحدود الأربعاء بعد أن سيطرت طالبان على سبين بولداك ورفع المتمردون رايات الحركة في البلدة.
وقال مسؤول أمني طلب عدم الكشف عن اسمه في معبر شامان الحدودي (جنوب غرب) على الجانب الباكستاني "هذا الصباح (الخميس)، حاول حشد مؤلف من قرابة 400 شخص غير منضبطين يرغبون في المرور، عبور الحدود بالقوة. رموا حجارة ما أجبرنا على استخدام الغاز المسيّل للدموع"، مضيفا أن قرابة 1500 شخص كانوا قد تجمعوا منذ الأربعاء على الحدود بانتظار عبورها.
وقال مسؤول باكستاني آخر من حرس الحدود طلب أيضا عدم ذكر اسمه "أُرغمنا على ضربهم لأنه لم يكن بالإمكان السيطرة على الناس".
أوضح جماداد خان وهو مسؤول حكومي كبير في شامان أن الوضع حاليا "تحت السيطرة".، فيما أكد مصدر من طالبان أن مئات الأشخاص كانوا قد تجمعوا أيضا في الجانب الأفغاني، أملا في العبور إلى باكستان.
وقال "نجري محادثات مع السلطات الباكستانية. من المقرر عقد اجتماع رسمي اليوم بشأن فتح الحدود، ونأمل أن تُفتح خلال يوم أو اثنين".
وفي وقت لاحق الخميس قال أحد مسؤولي الحدود الباكستانيين إن المعبر سيُفتح الجمعة.
ويُعد المركز الحدودي أحد أهم المعابر من الناحية الإستراتيجية بالنسبة لطالبان إذ يمكن الوصول عبره مباشرة إلى إقليم بلوشستان الباكستاني، حيث تتمركز قيادة طالبان منذ عقود وينتشر عدد غير معروف من المقاتلين الاحتياطيين الذين يُرسلون إلى أفغانستان للقتال.
ويُعتبر طريق سريع رئيسي يربط الحدود بكراتشي العاصمة الاقتصادية لباكستان وميناؤها الشاسع المطل على بحر العرب، أساسيا لتجارة الهيروين في أفغانستان التي تدر مليارات الدولارات وكانت مصدرا مهما لتمويل الحرب التي تشنها طالبان منذ سنين.
وقف إطلاق نار لترسيخ النفوذ
ومعبر سبين بولداك كان الأخير ضمن النقاط الحدودية والموانئ الداخلية التي سيطر عليها المتمردون في الأسابيع الأخيرة، في وقت يسعون فيه لخنق العائدات التي تحتاج لها كابول بشدة وفي نفس الوقت لملئ خزائنهم.
وقال التاجر في سبين بولداك محمد رسول في اتصال هاتفي إن "السوق مغلق والتجار خائفون من أن يسوء الوضع"، مضيفا "يخشون أن تتعرض بضائعهم للنهب، هناك عشرات الانتهازيين الذين ينتظرون للقيام بأعمال نهب".
وقالت المحاضرة في الجامعة الأميركية بأفغانستان موسكا دستغير إن مقترح طالبان لوقف إطلاق النار هو على الأرجح محاولة من الحركة لترسيخ المواقع التي كسبتها بسرعة في الأسابيع الماضية.
وتابعت في تغريدة أن "وفقا لإطلاق النار الآن من شأنه الحيلولة دون استعادة قوات الدفاع الأفغانية نقاط حدودية مهمة استولت عليها طالبان مؤخرا"، مضيفة "اعتقد أن توقيت مقترح وقف إطلاق النار هذا يتعلق برغبتهم في ترسيخ نفوذهم على هذه المناطق". وشخص واحد على الأقل من أهالي كابول رأى أنه لا يمكن الوثوق بطالبان.
وأفرجت السلطات العام الماضي عن أكثر من 5 آلاف سجين من طالبان لدفع محادثات سلام في الدوحة، لكن المفاوضات فشلت حتى الآن في التوصل لأي حل سياسي، بينما يشير الهجوم الأخير لطالبان إلى أن المتمردين في طريقهم لتحقيق انتصار عسكري.