طنجة تحتفي بالتجربة الروائية والتشكيلية للعراقي شاكر نوري

نخبة من الأدباء والنقاد والفنانين يؤثثون لقاء أدبيا وفنيا استعرضوا خلاله مجمل الأعمال الإبداعية لنوري.

طنجة (المغرب) - احتضن المركز الثقافي أحمد بوكماخ بطنجة في الثاني والعشرين من أغسطس/آب الحالي، لقاء أدبيا وفنيا ناقش فيه مجموعة من المختصين التجربة الروائية والتشكيلية للعراقي شاكر نوري.

حضر اللقاء نخبة من الأدباء والنقاد والفنانين وهم د.محمد العناز والفنان التشكيلي د.عمر سعدون والشاعر محمد أحمد بنييس، وسير اللقاء الذي تناول تجربة روائي ألف 12 رواية وزواج بين الأدب والتشكيل عبر أعمال تشكيلية في معرض "السارد البصري"، الشاعرة إكرام عدي.

وانكب المشاركون في اللقاء على استعراض مجمل الأعمال الإبداعية لنوري، سواء في الأدب والرواية أو في تطويع الريشة والألوان من خلال لوحاته التشكيلية التي أثثت رواق الفقيه الركراكي في فضاء المركز الثقافي.

وقالت مديرة المركز الثقافي المستضيف لهذه الفعالية الثقافية، إكرام عبدي، إن "المحتفى به عاشق لمدينة طنجة، وهذا الاحتفاء بإبداعاته الأدبية والتشكيلية هو محاولة لمقاربة تجربته الإبداعية".

ووصفت عبدي في حديثها لوكالة المغرب العربي للأنباء تجربة نوري بكونها "موسوعية وزاخرة، وذات زخم كبير يصعب لملمة شتاتها والإحاطة بكل جوانبها، باعتباره ليس فقط كاتبا روائيا ولكن أيضا فنانا تشكيليا".

واعتبرت أن الاحتفاء بإبداعات نوري "يحمل في ثناياه حنينا ونوستالجيا إلى عمق العلاقات المغربية العراقية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ".

ويشكل اللقاء "فرصة سانحة لمد جسور التلاقي بين الأدب والفن التشكيلي بين أقصى المغرب العربي والشرق، الذي توحده الثقافة العربية والإسلامية"، وفق تعبير التشكيلي العراقي شاكر نوري.

وأضاف نوري في تصريح مماثل "من الطبيعي أن يكون هذا الامتداد كما هي طنجة جسرا بين أفريقيا وأوروبا، لاسيما وأن العالم أصبح قرية صغيرة ومن تمظهرات ذلك الفنون التي باتت أكثر انتشارا بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ولأدل على ذلك المعارض الافتراضية التي تتجاوز كل الحدود".

وعبر نوري عن اعتقاده بكون المزاوجة بين التشكيل والأدب هي "ضرورة قصوى، لأن الكتابة أحيانا تكون مملة، والرسم هو فضاء آخر للإبداع، في ظل غياب حدود صارمة بين مختلف الفنون".

ولا تقتصر تجربة نوري فقط "على الرواية والفن التشكيلي بل تمتد إلى الصحافة والترجمة، من خلال مداخل منها المنجز الروائي حيث راكم تجربة متميزة، سواء في ما يتعلق بالجوانب الشكلية وكذلك التيمات في تناول مواضيع أعماله"، وفق الكاتب والشاعر محمد أحمد بنيس.

وأكد بنيس في مداخلة له خلال اللقاء، أن نوري هو "من الروائيين العرب القلائل الذين يملكون ناصية الاشتباك مع التاريخ بما يقدمه لنا من وثائق ومرويات"، مستدلا على ذلك بروايته "خاتون بغداد".

وعن تجربة نوري الصحافية، ذكر بنيس بأنه "ينتمي لجيل من الصحافيين العرب الذين عايشوا العصر الذهبي للصحافة العربية في باريس، بين نهاية السبعينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، إذ حاور مجموعة من الكتاب الفرنسيين والفرونكوفونيين على أعمدة أهم الصحف العربية الصادرة من باريس، والتي أثرت على رؤيته للحياة وممارسته للكتابة ، فضلا عن تجربته التشكيلية".

وعن معرض "السارد البصري" الذي افتتاحه شاكر نوري في طنجة، يقول الفنان العراقي "يسعدني أن أدعوكم إلى معرضي الشخصي الأول 'السارد البصري' الذي يأخذكم في رحلة عبر عوالمي المتداخلة بين الكلمة واللون. أهدي هذا المعرض إلى روح الصديقين العزيزين، الأديب بهاء الدين الطور والروائي هاني النقشبندي، اللذين ألهماني دائمًا بقدرتهما على سرد القصص وإيقاظ الخيال".

وتابع في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك "في هذا المعرض ستشاهدون لوحاتي التي تجسد شخصياتي الروائية وأفكاري التي لطالما عبرت عنها بالكلمات، ولكن هذه المرة بلغة الألوان والخطوط. ستجدون في كل لوحة قصة تروى، وعاطفة تتجسد، وسؤال يطرح. إنها دعوة لاستكشاف عوالم جديدة ورؤية الجمال من منظور مختلف".

وأضاف "أتشرف بأن يقام هذا المعرض في مدينة طنجة الساحرة التي لطالما كانت ملتقى للثقافات ومصدر إلهام للفنانين. أتقدم بجزيل الشكر لوزارة الثقافة المغربية على دعمها الكريم وتنظيم هذا الحدث".

شاكر نوري كاتب ومترجم وروائي عراقي ولد في جلولاء عام 1949، درس الأدب الإنكليزي في جامعة بغداد التي تخرج فيها عام 1970. انتقل إلى باريس عام 1977 ودرس علوم الاتصال "الصوت والصوت" ونال شهادة الماجستير عام 1979. ماجستير أخرى نالها من جامعة السوربون في الأدب الإنكليزي عام 1978.

تنوعت تجربة نوري في ثراء لافت، فألف دراسات بينها "المقاومة في الأدب"، و"لا تطلق النار إنها قلعة أور"، كما تميز بترجماته العديدة مثل "محاكمة برودسكي" للكاتبة فريدا فيغدورفا وإيفيم ايتكند، وترجمته لـ"موعظة عن سقوط روما"، رواية لـ"جيروم فيراري"، لكن تبقى الأبرز في مسيرته كاتبا، كتابته للقصة والرواية اللتين امتاز فيهما بجدة مواضيعه وأسلوبه، ونذكر من مجموعاته القصصية "جنائن دجلة"، ومن رواياته "كلاب جلجامش" و"شامان".