طهران ودورها المشبوه فلسطينيا

ما فعله ويفعله النظام الايراني من أجل القضية الفلسطينية ليست في الحقيقة إلا دفعها بإتجاه المزيد من الضبابية والتعقيد والعمل على إستعصاء حلها وجعلها مجرد كرة مشتعلة يتم التلاعب بها.

لو أجريت مقارنة دقيقة وعملية بين مدى ثقة الشارعين العربي والاسلامي بموقف النظام الايراني من القضية الفلسطينية في الاعوام الاولى لتأسيس هذا النظام، وبين مدى ثقة هذين الشارعين بهذا الموقف خلال العقدين الاخيرين عموما والاعوام الاخيرة خصوصا، فإننا نجد فرقا شاسعا بينهما إذ كانت ثقة الشارعين بموقف هذا النظام من القضية الفلسطينية، كبيرة، لكنه وبعد الاحداث والتطورات التي حصلت من حيث التدخلات غير العادية للنظام الايراني في بلدان المنطقة ودوره السلبي فيها عموما والدور السلبي الذي لعبه في شق وحدة الصف الفلسطيني وإضعافه، فإن الثقة تضاءلت الى أبعد حد بل وحتى صارت الغالبية تنظر بعين الشك والارتياب لهذا الدور.

بعيدا عن الضجيج والصخب المفتعل من قبل النظام الايراني ووكلائه في المنطقة، ومع النظر بهدوء وروية لواقع ما قدمه ويقدمه النظام الايراني من خدمة للقضية الفلسطينية على أرض الواقع، فإنه ليس هناك ما يمكن لمسه والاحساس به غير السعي من أجل تأزم وتعقيد القضية الفلسطينية عاما بعد عام وعدم السماح بحلها بصورة تتناسب مع الواقعين الاقليمي والدولي، بل وحتى إنه ومع ملاحظة الخطاب السياسي لطهران فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فإنه أقرب ما يكون للخطاب المشرئب بالحماس والانفعالية التي تغرق في الديماغوجية‌.

إستقبال وترحيب النظام الايراني غير العادي عند إندلاع حرب غزة الدموية، والتي جاءت في فترة حساسة جدا، ودوره المشبوه فيها ولاسيما فيما يرتبط بطريقة واسلوب تحريك وكلائه، لا يمكن إعتباره يبعث على الاطمئنان والثقة، لأنه يجري بصورة وسياق يسير أكثر لخدمة سياسة النظام الايراني ومصالحه في المنطقة من أن يكون في خدمة القضية الفلسطينية ولنصرة أهالي غزة المنكوبين، بل وإن الذي لفت النظر أكثر ووضع أكثر من علامة إستفهام على موقف النظام الايراني من القضية الفلسطينية هو الهجوم التوافقي الذي شنه هذا النظام على إسرائيل والذي أثار عاصفة من السخرية في العالم كله، إذ حرص النظام أشد الحرص أن لا يكون الهجوم مؤذيا ومنح وقتا كافيا لإسرائيل كي تتصدى لصواريخه وطائراته المسيرة على أفضل ما يكون.

ما فعله ويفعله النظام الايراني من أجل القضية الفلسطينية ليست في الحقيقة إلا دفعها بإتجاه المزيد من الضبابية والتعقيد والعمل على إستعصاء حلها وجعلها مجرد كرة مشتعلة يتم التلاعب بها بطرق مختلفة، ذلك إن واحدا من أهم المرتكزات التي يقوم عليها هذا النظام هو إثارة الحروب والازمات وعدم السماح بإستتباب الامن والاستقرار أينما حل، ولنا في العراق ولبنان واليمن وسوريا خير أمثلة عملية على ذلك، وإنه طالما كنا هناك ثمة باب أو منفذ مفتوح للنظام الايراني فلسطينيا، فإن ذلك لا يصب في صالح القضية بل وحتى إن الذي يخدم القضية الفلسطينية هو قطع دابر النظام الايراني ودوره المريب فيها!