ظل الحوثيين في جسد الشرعية اليمنية

الموظفون الذين يعملون باسم الشرعية يحققون للحوثيين غايتهم في السيطرة على مفاصل الدولة.

ما يدعو للغرابة، ويثير الدهشة والحيرة، أن تتحول أي إجراءات تزعم السلطات الشرعية اليمنية أن الهدف منها هو معالجة الاختلالات والقضاء على الفساد، إلى تعسفات وابتزاز وتصفية حسابات يطال في الدرجة الأولى المخلصين في مساندة الشرعية اليمنية، والمناضلين في مقارعة الانقلابيين، أو من لم يدر في فلك أهواء القائمين على الأمر ومن لف لفيفهم.

جل مسؤولي الجهاز الإداري في معظم المكاتب التنفيذية الحكومية، لم تكن الكفاءة واستشعار المسؤولية والقدرة على خدمة الناس، ولا القوانين واللوائح المنظمة للوظيفة العامة، هي التي أوصلتهم لمناصبهم التي شغلوها أو يشغلونها، لقد كان للحزبية والمال والمحسوبية والفئوية الفضل الكبير، في امتطاء أولئك المسؤولين كراسي إدارة الشأن العام، الذي يديرونه بالانتقائية والمزاجية، وارتداء الوطنية عندما تتوافق مع مصالحهم ومصالح داعميهم، وخلعها عند التصادم معها.

أحد الموظفين التربويين النازحين لمدينة تعز؛ جراء ملاحقة المليشيات الانقلابية له؛ لنشاطه المناهض لها، استجاب لتعميم الخدمة المدنية في تعز، بضرورة تسليم الموظف صورا ملونة للبطاقة الشخصية؛ بهدف إضافة الرقم الوطني لكشف الراتب. ذهب الموظف النازح لإدارة المركز التعليمي للمديرية التابع لها، التي ما زالت حتى الآن تحت سيطرة الحوثيين؛ ليسلم صورة بطاقته الشخصية للمختص، الذي كان بجانبه مدير شؤون الموظفين، الذي يوزع دوامه بين إدارة المركز التعليمي للشرعية، وإدارة المركز التعليمي الخاضع لسيطرة الحوثيين، وعلى الفور وبلغة فيها استعلاء وغرور، وبأسلوب من يحقق مع متهم، يطلب مدير شؤون الموظفين من الموظف النازح، الرجوع لمدرسته التي نزح منها؛ نجاة بنفسه، وبدلا من أن يسأل الموظف النازح عن المشاكل التي يعاني منها، يريد منه العودة لمقر عمله السابق؛ ليظفر به الحوثيون، أو ليخضع لرغباته الشخصية.

مدير شؤون الموظفين المتنمر على النازحين، لا يعنيه عشرات إن لم يكن مئات الموظفين التربويين، المغتربين في دول الخارج، الذين يعرف البعض منهم معرفة شخصية، والواقعين تحت دائرة اختصاصه، والذين لم تقطع رواتبهم، ومازالوا محتفظين بمواقعهم الوظيفية، وهو ذاته الذي يلتزم الصمت، إزاء استمرار استلام عدد من التربويين رواتبهم على القوى العاملة في التربية، رغم انقطاعهم عن العمل فيها، وانتقالهم للعمل في وحدات عسكرية وأمنية، واستلامهم رواتب منها، مثل هكذا أمور في نظره وفي نظر أمثاله، ليست ذات أهمية ولا تعني لهم شيئا.

نتيجة غياب الضوابط العامة، الحاكمة لمؤسسات الشرعية اليمنية، المرتبطة بالهدف الأسمى، المتمثل بمساندة الشرعية اليمنية ودحر الانقلابيين، أصبح الانقلابيون يتسللون لمؤسسات السلطة الشرعية، المطعمة بمسؤولين ألسنتهم مع الشرعية اليمنية وأفعالهم ضدها، قلوبهم معها وقنابلهم عليها، من خلال تصرفات بعض المسؤولين المنضوين تحت الإدارات والمؤسسات الشرعية، الرامية لزيادة معاناة مناصري الشرعية اليمنية ومقاومي الانقلاب، والتضييق عليهم، وتوسيع دائرة التذمر والكراهية داخل الحاضنة الشعبية للشرعية اليمنية.

كل من يمارس الفساد في مؤسسات الشرعية اليمنية، ويحرفها عن مسارها، ويتعسف في استخدام صلاحياته؛ لإلحاق الضرر بداعمي الشرعية اليمنية بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، وكل من يستخدم موقعه الوظيفي؛ ليثخن في جراح وآلام من وقف مع الشرعية اليمنية، باذلا في ذات الوقت كل جهده؛ لرعاية مصالح المنضمين للانقلابيين الداعمين لهم والعاملين تحت إدارتهم، وحريصا كل الحرص على عدم المساس بها، كل هؤلاء وأمثالهم المبثوثون في مختلف المؤسسات الشرعية اليمنية، هم المندوبون الساميون لدى جناح الشرعية الراعون لمصالح الانقلابيين، هم ظل الحوثيين تحت راية الشرعية! ولن يستقيم الظل حتى يستقيم عود الشرعية اليمنية، وإنا لمنتظرون.