عبدالقادر مسكار يُسمع رواد معرضه أصوات الموسيقى الشعبية المغربية

التشكيلي المغربي يرسم في لوحاته تاريخ العيطة عبر استكشاف حكايات عن الحياة والحب والألم التي تنقلها الأصوات النسائية ممثلة في 'الشيخات'.
عبدالقادر مسكار: أحرص على أن يشعر الجمهور بروح هذا الفن لا أن يراه فقط

مراكش - تحت عنوان "انغماس في صرخات وأغاني الروح المغربية" افتتح الفنان التشكيلي المغربي عبدالقادر مسكار معرضه الجديد "صدى العيطة" برواق "دار الشريفة" بمراكش.

ويتيح المعرض الذي سيتواصل إلى غاية الرابع من أبريل/نيسان المقبل لعشاق الفن والتراث الاطلاع على مجموعة من الأعمال غير المسبوقة، فمسكار يستعرض من خلال هذه التظاهرة الفنية تفكيرا مرئيا حول الأصول الشعبية والحمولة العاطفية لهذا الصنف الموسيقي العريق الذي تؤديه "الشيخات"، كمغنيات متنقلات حافظات للذاكرة الجماعية.

ويُعرف المعرض بأصل العيطة، وخصوصيات هذا النوع الموسيقي في كل منطقة ومكوناته في تراث المغرب، فالفنان يرسم عبر لوحاته تاريخ العيطة عبر استكشاف حكايات عن الحياة والحب والألم التي تنقلها هذه الأصوات النسائية، مع مقارنتها بصنف "البلوز" الموسيقي الذي ظهر في جنوب الولايات المتحدة، والذي اتسم بدوره بآلام وآمال عينة مجتمعية عانت من الظلم وتطلعت إلى الحرية.

وقال مسكار "في معرضي حول العيطة الموسيقى الشعبية المغربية، حرصت على أن يشعر الجمهور بروح هذا الفن، لا أن يراه فقط. لهذا، دعوت فرقة موسيقية من ساحة جامع الفنا لتعزف أمام الحاضرين، مما جعل الموسيقى تنبض بالحياة داخل الفضاء الفني. هذا التداخل بين اللوحات والصوت خلق تجربة فريدة، حيث لم تعد العيطة مجرد موضوع فني، بل أصبحت إحساسًا مشتركًا يعيش فيه الجمهور لحظات من التراث الأصيل. وهذا هو المعنى الحقيقي للدال والمدلول...، حيث يصبح الفن تجربة محسوسة تتجاوز الشكل لتعبر عن جوهرها العميق".

وأوضح التشكيلي المغربي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن هذا المعرض يسعى إلى أن يكون "جسرا بين عالمين موسيقيين وشكلين تعبيريين شعبيين ولدا من ألم الشعوب، يحمل كل منهما على طريقته ذاكرة حقبة ومجتمع".

وتابع "عبر صدى العيطة، أردت تكريم هؤلاء النسوة، الشيخات، اللواتي استطعن، من خلال قوة صوتهن، نقل شذرات الحياة وسقطات الحب والمعارك المنسية ... العيطة ليست غناء فحسب، بل صرخة، وشعرا خالصا وجديا حاولت إعادة رسمه في صور".

ويعكس اختيار مراكش والإطار التاريخي لـ"دار الشريفة" إرادة توحيد التراث المعماري واللامادي، قصد خلق فضاء للحوار يلتقي ويتجاوب فيه التاريخ والذاكرة الحية للغناء الشعبي المغربي، وفق مسكار.

وفي تصريحات مماثلة، أشاد عدد من الزوار بعمق العمل الفني وكثافة العواطف التي ينقلها هذا المعرض الذي يندرج ضمن الدينامية الثقافية للمدينة الحمراء، مع إبراز تنوع وغنى وعمق التراث الوطني.

وتقدم الأعمال الفنية للجمهور رحلة بين التجريد والتصوير، حيث يمتزج ظل الشيخات ضمن مشاهد تشبه الحلم، في حين أن الألوان الترابية والأنسجة المصنعة تذكر ببراعة بأصول فن العيطة.

وعند تقديمه لمعرضه الفني، أشار التشكيلي المغربي عبر صفحته بموقع فيسبوك إلى أنه يتمحور حول فن العيطة، هذا التراث الموسيقي العريق الذي يعكس روح الهوية المغربية، قائلا "يسعدني أن أقدم من خلال لوحاتي رؤية تشكيلية حديثة تستوحي من إيقاعات وأصوات العيطة، في مزج بين اللون، الحركة، والتعبير البصري.

ويعتبر عبدالقادر مسكار المولود في مدينة الدار البيضاء، أحد وجوه الساحة الفنية المعاصرة، مستكشفا الذاكرة الجماعية عبر أعمال مجردة مطبوعة بالدينامية والحركية.