علاج واعد يرصد الباركنسون مبكرا

الرصد المبكر للتغيرات في نظام إنتاج السيروتونين في الدماغ يفتح الطريق أمام تطوير علاجات جديدة تقي من المرض الانتكاسي العصبي.
محدودية نتائج الدراسة الجديدة
التقنية الجديدة باهظة جدا وقليلة الانتشار

باريس – هل سيتمكن العلم يوما من رصد إشارات مبكرة جدا عن احتمال الإصابة بالباركنسون لكبح هذا المرض قبل تطوره؟ هذا ما يظن باحثون أنهم اقتربوا من تحقيقه بحسب دراسة حديثة نشرت نتائجها في مجلة "لانست نيورولوجي".
ويمثل الكشف في أبكر مرحلة ممكنة التحدي الرئيسي للبحوث المتعلقة بهذا المرض الانتكاسي العصبي، وهو ثاني أكثر هذه الأمراض انتشارا بعد الزهايمر.
وحتى اليوم، يقتصر أثر العلاجات على التصدي للأعراض (رجفة واضطرابات حركية ومشكلات النوم…)، غير أنها لا تنجح في تقديم الشفاء من هذا المرض الذي يبدأ انتشاره في الجسم قبل سنوات من ظهور أولى الأعراض أي قبل التشخيص.
ويترافق مرض باركنسون مع انتكاس في الخلايا العصبية المنتجة لمادة الدوبامين، وهو ناقل عصبي أساسي في التحكم بحركة الجسم.
غير أن هذه الدراسة التي نشرت نتائجها الخميس تشير إلى أن المراحل الأولى من المرض قد تكون مرتبطة بتدهور في نظام إنتاج السيروتونين في الدماغ. هذا الناقل العصبي يؤدي خصوصا دورا في التحكم بالمزاج والنوم.
وعلى المدى الطويل، يأمل الباحثون في رصد خطر الإصابة بمرض باركنسون لدى الأشخاص الأكثر عرضة له في مراحل مبكرة للغاية.

 الزهايمر
الباركنسون ثاني أكثر الأمراض انتشارا بعد الزهايمر

وقال الأستاذ الجامعي المتخصص في علم الأعصاب والتصوير العصبي ماريوس بوليتيس المعد الرئيسي لهذه الدراسة التي أجرتها جامعة "كينغز كولدج" في لندن بتمويل من مؤسسة ليلي سافرا "الرصد المبكر للتغيرات في نظام إنتاج السيروتونين قد يفتح الطريق أمام تطوير علاجات جديدة للجم تقدم الباركنسون وحتى الوقاية منه".ولبلوغ هذه الخلاصة، تابع الباحثون حالات أربعة عشر مريضا لديهم تحول جيني نادر جدا يجعل إصابتهم بمرض باركنسون أمرا شبه حتمي.
وقد جرى اختيار هؤلاء المرضى في اليونان، أول بلد ظهر فيه هذا التحوّل الوراثي النادر، وأيضا في إيطاليا التي وصلها هذا التحوّل بفعل حركات الهجرة.
وكان نصف هؤلاء المرضى يظهرون أعراضا جسدية للإصابة بباركنسون، فيما النصف الثاني لم يكن لديه أي أعراض.
وكانت الدراسة تشمل أيضا 65 مصابا بمرض باركنسون ممن لا يظهرون هذا التحوّل الجيني، فضلا عن 25 مشاركا من غير المصابين بالمرض.
وخضع الجميع لعمليات تصوير شعاعي دماغي عالية الدقة.
وتظهر مقارنة هذه البيانات أن تدهور نظام إنتاج السيروتونين يبدأ لدى المرضى المصابين بباركنسون قبل ظهور أولى الأعراض، وقبل أن يتضرر نظام إنتاج الدوبامين بدوره.
وأشاد علماء بهذه الدراسة واصفين إياها بأنها "مشجعة"، لكنهم لفتوا إلى محدودية هذه النتائج.
ويعود ذلك بداية إلى العدد القليل من المتطوعين المعرضين جينيا للإصابة بمرض باركنسون. وفي هذا الإطار، "قد لا تؤكد دراسات أوسع نطاقا هذه النتائج" وفق الأستاذ في جامعة "يونيفرسيتي كولدج" في لندن ديريك هيل.
وثمة نقطة ضعف أخرى توقف عندها معدو الدراسة أنفسهم وهي أن التقنية الجديدة باهظة جدا وقليلة الانتشار، وهو ما لا يتيح تعميم استخدامها كأداة رصد وكشف مبكر للمرض.