علي خوجة تجربة تشكيلية تونسية ومسيرة وأثر

رواق علي خوجة ظل مجال إبداع وابتكار وحراك فني تشكيلي وتعلم واكتشاف مواهب، وبإشراف وإدارة من قبل الفنان التشكيلي محمد أكرم خوجة.
بين المهدية ولياج وتلوينات مختلفة منها إيقاع صوت وموسيقى جاك برال
محمد أكرم خوجة..الفنان والرواق، وأثر علي خوجة المبدع الراحل

في هذا الهدوء "المهدوي" وغير بعيد عن موسيقى البحر وجمال الميناء وسكينة المقبرة المطلة على البحر. في هذا المكان الرائق كانت لمسات الفنان التشكيلي الراحل علي خوجة صاحب التجربة والخصوصية الفنية الجمالية حيث الأثر من الأعمال الفنية بما يشبه الفكرة الجمالية المفعمة باللون وموسيقى جاك برال الباذخة.
علي خوجة التجربة والمسيرة والأثر. من هنا لمعت فكرة المواصلة، هو الفتى الفنان الذي سار على الخطى ليظل الرواق حاضن فن ومواصلة. وهكذا ظل رواق علي خوجة مجال إبداع وابتكار وحراك فني تشكيلي وتعلم واكتشاف مواهب، وبإشراف وإدارة من قبل الفنان التشكيلي محمد أكرم خوجة.
هذا الفتى الذي نهل من مدرسة الأب. وفي مسيرة الأب علي خوجة الثرية بعد مدرسة الفنون الجميلة وأكاديمية لياج للفنون، نذكر عمله المفتوح بالورشات والتعاطي مع التعبيرات التشكيلية المختلفة، والمشاركات المتعددة في الفعاليات التشكيلية. وفي الموسوعة التونسية المفتوحة يرد " ... هو رسّام تونسي ولد بالمهدية سنة 1947 وتوفّي بها سنة 1991. وبعد دراسته الثانويّة بالمعهد الصّادقي بتونس، اتّجه سنة 1965 إلى مدرسة الفنون الجميلة بتونس ثمّ سنة 1968 إلى الأكاديميّة الملكيّة للفنون الجميلة والمعهد العالي للهندسة المعماريّة بلياج، بلجيكا، ليتمّ دراسته الفنيّة هناك". 
وهكذا، كان لعلي خوجة تكوين مزدوج. فهو متخصص في الفنّ الحديث بالأكاديميّة الملكيّة، وقد حصل على المرتبة الأولى بين خريجي جيله. وهو حاصل على دبلوم في هندسة الدّيكور الدّاخلي من المعهد العالي للهندسة المعماريّة بلياج. وقد ساعده هذا التكوين على تنمية أسلوبه الفنّي، خصوصًا على مستوى التعامل مع الفضاء البصري المعيش وهندسة علاقات الشخوص بالبيئة المعماريّة التي تتحرّك فيها. 
ولقد اتخذ علي خوجة من معاشرته للحياة اليوميّة بالمهدية وذاكرتها أسلوبا خاصّا وسم موضوعاته بنوع من الضبابيّة الجماليّة. وقد شرع في عرض أعماله منذ سنة 1969 ببلجيكا، حيث قدّم معارض فرديّة آخرها بقصر المؤتمرات بلياج سنة 1971. 
أمّا بتونس فقد قدّم منذ سنة 1973 عدّة معارض فرديّة بدور الثقافة ابن رشيق وابن خلدون والمهدية والحمامات وحمام الأنف وآخرها برواق "عين" بصلامبو سنة 1991، بعنوان "بحّار والمهدية"، كما كانت له في الثمانينيات مشاركات في المعارض السنويّة لاتحاد الفنّانين التشكيليين التونسيين والمعرض السنوي للفنّ التشكيلي بصفاقس، حيث نال الجائزة الأولى سنة 1990 والمعرض السنوي للفنون بنابل، حيث نال الجائزة الثانية. 
أمّا مشاركاته الخارجيّة، وفضلا عن بلجيكا، فقد عرض ببعض العواصم العربيّة منها طرابلس، كما عرض بفرنسا حيث قدّم معرضين بكلّ من الحيّ الدّولي للفنون وقاعة الأوبرا بباريس. وزيادة على ذلك أنجز مشروعات لجداريّات فنيّة في مجال الدّيكور والهندسة الدّاخليّة بتونس والنّيجر. 
إنّ فنّ علي خوجة لون إبداعيّ تونسيّ بارز يجسّد علاقة الفنّان بالبيئة التي أنجبته والطّبيعة التي عاش بين أحضانها منذ الطّفولة. فجولاته التي قام بها في أوروبا وإفريقيا لم تطمس فيه عشقَه للمهدية وبيئتها الطّبيعيّة والسّوسيو - ثقافيّة، تلك التي بقيت تتسلّل أسلوبيّا بين خطوطه وألوانه، بمراوحة ذكيّة بين أكاديميّة اللغة التشكيليّة ومناخات الذاكرة اليوميّة المعيشة المفعمة بالحركيّة. 

رواق وفضاء وعصارة عمل ونشاط وإصرار على حفظ الذاكرة ومجال للقول بالفن كعنوان لافت في حياة المهدية وتونس والناس

وعلى هذا النحو تتأكّد لنا قيمة الحياة ويتجلّى معنى الأصالة في لوحات علي خوجة الذي رسم أبواب المدينة وأنهجها، فكان ينبعث بين لمساته ضجيج الحياة وهمس الأمواج. ورسم ليالي المهديّة وأعراسها وأفراحها، كما رسم الرّبيع بكلّ الألوان والبحرَ بالأزرق الفيروزي ومراكبَ الصّيّادين العائدين محمّلين بالبهجة وألوان الفرح. 
إنّ لوحة علي خوجة المنجزة بتقنيات الرسم الزيتي وإن كانت لا تقدّم سينوغرافية الشخوص وما يحيطها على نحوٍ جليّ، تضفي عليها نوعا من الضبابيّة وخاصيّات التّشافّ الضّوئي ومراكمة الطبقات اللونيّة على القماشة. فإنها تكشف عن خبرة أكاديميّة واسعة مركّزة بفنّ الرّسم الخطّي. إنّها نتاج تصريف ذكيّ بين المُدرك الواقعي والطّبيعي الدّقيق والمخيال التشكيلي المراوغ. وهي على نحو متعادل، مصالحة طبيعيّة وثقافيّة بين الفنّ والبيئة. 
لقد كُرّم علي خوجة وأحييت ذكراه ضمن تظاهرة صيف المهدية للفنون في سنة 2007، حيث قُدّمت بعض أعماله والتأمت ندوة حول مسيرته الفنيّة.
الرواق يشهد بداية من 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري معرضا فنيا لمجموعة "اتجاهات" من القيروان ليتواصل الى 31 من ذات الشهر، وبمشاركة فنانين منهم درة علول وسنيا الفارسي وعواطف منصور ونادية الشرفي وأنيسة مجبري وزينب غربال.
تزور الرواق فترى الفن في تجلياته من أعمال ومعارض ونشاط ورشوي وأطفال في خطى التلوين الأولى. رواق وفضاء وعصارة عمل ونشاط وإصرار على حفظ الذاكرة والميرة ومجال للقول بالفن كعنوان لافت في حياة المهدية وتونس والناس.
الفنان محمد أكرم خوجة له عدد من المشاركات الفنية من خلال المعارض الفردية والجماعية بتونس وخارجها فضلا عن إدارته للسمبوزيوم الدولي للفنون التشكيلية ضمن فعاليات عيد البحر بالمهدية خلال الصائفة المنقضية بمشاركات واسعة لفنانين عرب وأجانب وهو الآن يشارك بعملين فنيين بفضاء علي القرماسي بالعاصمة في معرض جماعي بعنوان "فن وصداقة" لعدد من الفنانين وهم ماهر الطرابلسي ونورالدين الرياحي ورضا النغموشي وسماح نصرالله ويسر الجموسي.
علي خوجة.. محمد أكرم خوجة.. الرواق والتلوين واقتفاء الأثر. في هذا الهدوء "المهدوي" وغير بعيد عن موسيقى البحر وجمال الميناء وسكينة المقبرة المطلة على البحر. في هذا المكان الرائق كانت لمسات الفنان التشكيلي الراحل علي خوجة.