عين خامنئي على داخل إيران

لا يوجد في إيران ما يختلف عما يسبب الاحتجاجات في لبنان والعراق.

حينما يقوم المرشد الاعلى للنظام في إيران بالادلاء بتصريح جديد يٶكد فيه موقفه السلبي السابق من الانتفاضتين المندلعتين في العراق ولبنان، يمكن إعتباره بمثابة إشعال الضوء الاخضر للأحزاب والميليشيات التابعة لطهران في هذين البلدين، ولاسيما بعد أن ردد المتظاهرون شعارات معادية للتدخلات الايرانية ومزقوا وأحرقوا صور خامنئي نفسه.

خامنئي الذي وصف يوم الاربعاء الماضي الاحتجاجات الشعبية المستمرة في العراق ولبنان منذ أسابيع بأنها "أعمال شغب تديرها أميركا وإسرائيل وبعض دول المنطقة"، فأن هذا الموقف يعني بأن طهران قد علمت بأن الانتفاضتين وفي خطهما العام تتقاطعان وتتعارضان مع أهدافها وأجندتها في البلدين وبذلك فإن نفوذها قد أصبح في خطر ولأن الاوضاع التي تمر بها وتواجهها طهران خلال هذه المرحلة بالغة الخطورة وهي في أمس الحاجة الى عمق استراتيجي لها، فإنه عندئذ نعلم لماذا قام خامنئي بالادلاء بهكذا تصريح معادي للإنتفاضتين وللمرة الثانية.

خامنئي عندما يدعو بأسلوب الناصح وهو يشير الى السبيل لمعالجة الاوضاع الوخيمة في العراق ولبنان الى أن "تتحقق مطالب الناس ضمن الأطر القانونية لبلادهم حصرا"، فإن الشعبين العراقي واللبناني يعرفان جيدا الاوضاع بالغة السوء للشعب الايراني والتي لم يتمكن النظام الايراني من معالجتها ليس في خضم الازمة القائمة مع الولايات المتحدة بل وحتى قبلها، ولذلك فإن نصيحته هذه لا قيمة ولا أهمية لها وأن العراقيين واللبنانيين ينظرون بدلا من ذلك الى الإيعازات المشبوهة الصادرة من طهران للتعامل مع الانتفاضتين وكذلك لدور وتحركات الارهابي قاسم سليماني.

تخوف خامنئي من هاتين الانتفاضتين وموقفه السلبي منهما نابع من إحتمالات إنتقالها لإيران التي يمكن القول بأن شعبها يعيش حالة من الغليان بسبب الاوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة جدا وتصاعد الممارسات القمعية التعسفية في سبيل ردع الشعب عن القيام بتحركات مضادة واسعة النطاق خصوصا وإن الشعب الايراني قد خاض غمار إنتفاضة عمت أكثر من 166 مدينة وقاستها منظمة مجاهدي خلق التي إضافة الى إعتراف المرشد الاعلى بأنها (أي مجاهدي خلق) قد كانت وراء الانتفاضة وإن دورها وتأثيرها آخذ في الاتساع كما يٶكد القادة والمسٶولين الايرانيين، ولذلك فإن طهران تعيش هاجس إحتمال إمتداد إنتفاضة الشعبين العراقي واللبناني الى إيران وهو أمر وارد بل ومن الممكن أن يحدث في أية لحظة وتندلع إنتفاضة قد تكون الاكبر من نوعها وقد تحسم الاوضاع وتضع النقاط على الحروف ولاسيما وإن الاجواء الداخلية والاقليمية والدولية كلها مهيأة لذلك.