غازات سجنتها الطبيعة تتحرّر وتسرّع التغير المناخي

ذوبان التربة الصقيعية في كندا وألاسكا وسيبيريا بسرعة يحرر كميات من ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان كانت عالقة داخل تربة الأرض الصقيعية لآلاف السنين.
طبقة تحوي كربونا تشكل من مخلفات حياة ازدهرت سابقا بما في ذلك نبات وحيوانات لم تتحلل بالكامل
في حال احتواء الاحترار دون درجتين مئويتين سيبلغ تراجع الجليد الدائم 24 % بحلول العام 2100
في حال استمرت انبعاثات الوقود الأحفوري بالارتفاع سيختفي الجليد الدائم بنسبة 70 بالمئة بنهاية القرن

باريس – تذوب التربة الصقيعية في كندا وألاسكا وسيبيريا بسرعة قد تؤدي إلى تحرير كميات كبيرة من غازات الدفيئة بسرعة أكبر من المتوقع ما يساهم في الاحترار المناخي، على ما حذر باحثون.

ولطالما أعرب العلماء عن قلقهم من أن التغير المناخي الذي ادى إلى احترار في القطب الشمالي والمناطق شبه القطبية أسرع بمرتين من الوتيرة العالمية، سيؤدي إلى تحرير كميات من ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان كانت عالقة داخل تربة الأرض الصقيعية لآلاف السنين.

وكان يعتقد ان هذه العملية ستكون تدريجية وتفسح في المجال أمام البشرية لخفض انبعاثات لكربون بشكل يسمح بتجنب أن يدخل ذوبان التربة الصقيعية في حلقة مفرغة من ذوبان الجليد والاحترار المناخي العالمي.

إلا أن دراسة نشرتها مجلة "نيتشر جيوساينس" ذكرت أن التوقعات حول كمية الكربون التي ستنبعث من عملية الذوبان البطيئة والمستقرة، تتغاضى عن ظاهرة غير معروفة جدا تتفكك فيها التربة الصقيعية فجأة، في غضون أيام أحيانا.

وقالت ميريت توريتسكي مسؤولة معهد البحث القطبي والألبي في بولدر في ولاية كولورادو الأميركية، "مع أن الذوبان المباغت للجليد الدائم سيطال أقل من 20 % من التربة الجليدية إلا أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع في انبعاثات الكربون الصادرة عن هذا الذوبان بنسبة 50 % تقريبا".

ويحوي الجليد الدائم الصخور والتراب والرمل وجيوب من الجليد الناصع. ويتشكل الكربون الذي يحويه من مخلفات الحياة التي ازدهرت سابقا في القطب الشمالي بما في ذلك النبات والحيوانات والجراثيم. وهذه المواد التي لم تتحلل بالكامل مجلدة منذ آلاف السنين.

ويمتد على مسافة موازية لمساحة كندا والولايات المتحدة مجتمعتين ويخزن حوالى 1500 مليار طن من الكربون أي ضعف الكمية الموجودة في الغلاف الجوي وأكثر بثلاث مرات من الانبعاثات الناجمة عن البشر منذ الثورة الصناعية.

وبدأ بعض من هذه التربة الصلبة في السابق يلين، مؤثرا على حياة جماعات السكان الأصليين ومهددا البنى التحتية الصناعية في المنطقة شبه القطبية ولا سيما روسيا.

وما من دليل قاطع على أن هذا الجليد الدائم بدأ يصدر كميات كبيرة من غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون.

والتوقعات أيضا غير أكيدة مع قول بعض العلماء إن الانبعاثات المقبلة قد يعطل تأثيرها غطاء نباتي جديد يمتص ثاني أكسيد الكربون ويخزنّه.

إلا أن خبراء يؤكدون ان ما من شك بأن الجليد الدائم سيستمر بالتراجع مع ارتفاع الحرارة.

ذوبان التربة الصقيعية
نماذج المحاكاة المناخية الراهنة لا تأخذ في الاعتبار انهيارا سريعا للتربة الصقيعية

"سريع جدا"

في تقرير خاص صدر في أيلول/سبتمبر، درست الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ سيناريوهين.

ففي حال نجح الإنسان في احتواء الاحترار العالمي دون الدرجتين مئويتين كما هو وارد في اتفاق باريس حول المناخ، "سيبلغ تراجع الجليد الدائم 24 % بحلول العام 2100" على ما خلصت الهيئة.

لكن في حال استمرت انبعاثات الوقود الأحفوري بالارتفاع خلال السنوات الخمسين المقبلة، سيختفي الجليد الدائم بنسبة 70 % على ما خلصت الهيئة.

إلا أن السيناريوهين يشيران إلى أن التراجع سيكون تدريجيا ما يشكل خطأ ربما على ما أشارت توريتكسي.

وكتبت في تعليق نشرته "نيتشر" أيضا "نقدّر أن يؤدي الذوبان المباغت للجليد الدائم في البحيرات الخفيضة والمستنقعات فضلا عن المترفعات، إلى بعث 60 إلى مئة مليار طن من الكربون بحلول العام 2300".

ويوازي طن الكربون 3.67 أطنان من ثاني أكسيد الكربون ما يعادل ثماني سنوات من الانبعاثات بالمستويات الراهنة.

وأكدت العالمة "يضاف ذلك إلى 200 مليار طن من الكربون يتوقع أن تصدر عن مناطق أخرى سيذوب الجليد فيها".

ونماذج المحاكاة المناخية الراهنة لا تأخذ في الاعتبار انهيارا سريعا للتربة الصقيعية وكميات الغاز التي ستصدر عنها على ما أشارت الدراسة.

وقالت ميريت إن الذوبان المباغت "سيكون سريعا ولافتا. وقد تستحيل غابات بحيرات في غضون شهر وقد تحدث انزلاقات تربة من دون إنذار مسبق".