فاروق محمد فارس دراما يترجل لكن صولاته الإبداعية خالدة

لا تذكر الدراما العراقية بشقيها التلفزيوني والمسرحي إلا ويبرز اسم الكاتب اللامع الراحل الذي أثراهما بما قدمه من أعمال خالدة غاصت في هموم الانسان العراقي كانت قريبة من النفس محفزة للذهن ومحرضة على الاندفاع وعدم النكوص وفاضحة لكل اساليب التدليس والقمع والاضطهاد والتضليل.

مازالت متوالية الخسارات في عراقنا الجريح مع رحيل المزيد من الأسماء الكبيرة من مبدعينا، في ظل صمت حكومي ورسمي لا مثيل له، فهاهو مبدعنا الكبير فاروق محمد فارس الدراما والمسرح يرحل دون أي رد فعل أو اهتمام برحيله.
هذا المبدع قدم الكثير من الأعمال التي مازالت راسخة في أذهان الجميع، وترك بصمات إبداعية لا يمكن أن تمحى ناغمت تطلعات وهموم أبناء شعبنا بمختلف مكوناته وانتماءاته، وقاربت كثيراً من القضايا الوطنية والإنسانية والاجتماعية والثقافية بموضوعية ومهنية ومبدئية خالصة.
لا تذكر الدراما العراقية بشقيها التلفزيوني والمسرحي إلا ويبرز اسم الكاتب اللامع فاروق محمد الذي أثراهما  بما قدمه من أعمال خالدة غاصت في هموم الانسان العراقي، كانت قريبة من النفس محفزة للذهن ومحرضة على الاندفاع وعدم النكوص وفاضحة لكل اساليب التدليس والقمع والاضطهاد والتضليل.

لم تقف اعماله عند حدود المحلية بل امتدت الى الساحة العربية التي نافس فيها أقرانه من الكتاب العراقيين والعرب، إن لم يكن قد تجاوز بعضهم في بناء المشهد الدرامي بدراية وفهم حقيقي وبقدرة عالية مؤطرة دوماً بالابداع.

مسيرة فاروق محمد كانت استثنائية شكلاً ومضموناً فالمتتبع لتجربته الابداعية يراه يغوص في الماضي والحاضر والمستقبل، ليقدم لنا لآلئ أفكاره ويكشف عن أبعاد انتاجاته وهي تتلبس الهم الذاتي والموضوعي بصياغة درامية، سرعان ما يستلهمها ويقاربها ويستجيب لها المتلقي بمستوياته المختلفة، لانها تمس وعيه وأحاسيسه دون حواجز أو فذلكات كما يفعل البعض، فكان ترميزه في ظل حقبة الدكتاتورية الصدامية يتجسد في وضوحه،  ووضوحه يتجسد في ترميزه، ليفتح الأبواب بإسقاط واضح وبين!
أعماله الاجتماعية لها مدى ومنتهى لكنها لا تتوقف عنده ما دامت الأحداث تتوالى والمتغيرات تفاجئنا، في حين نجده في الأعمال التاريخية يختار الموضوعات التي تحتمل توجيهها وجهة معاصرة، ليبث فيها كثيراً من الأفكار التي لا يستطيع البوح بها لتمرق من الرقيب مروقاً ناعماً هادئاً، لكنها تفور وتمور برسائل واضحة لدى المتلقي الحصيف..
ما زالت أعماله في التلفزيون راسخة في الذهن مؤثرة وعميقة وصادقة وملهمة، فقد صاغ الكاتب فاروق محمد بدراية ومكنة وحرفية عالية أكثر من 35 مسلسلاً متنوعاً قام على إخراجها نخبة من أبرز مخرجي الدراما العراقية وأنتج بعضها عربياً، كان من بينها المسلسلات التاريخية "الأصمعي"، "أبو حنيفة"، "الشافعي"، "القلم والمحنة" (محنة الخطاط بن مقلة)، "أبو تمام طائر الشعر"، "الزمن والغبار"، "المعري"، "الشعر ديوان العرب"، وغيرها 

فاروق محمد
أعمال مازالت راسخة في أذهان الجميع

كما أنجز كتابة مسلسلات اجتماعية مهمة بينها : "وينك يا جسر"، "قبل رحيل المواسم"، "حب وحرب"، "أسرار صغيرة، نفوس مهشمة"، "مواسم الحب"، "جذور وأغصان"، "الهروب الى المجهول"، "أمنيات نسائية"، "الزمن والغبار"، "سيد البيت"، "الحرير ودائرة الشوك"، "آمال وآلآم".
مثلما نجح في الدراما التلفزيونية نجح فاروق محمد في كتابة أعمال مسرحية تعد من روائع المسرح العراقي، ومنها: المسرحية الشعبية الكوميدية الساخرة "بيت وخمس بيبان" التي أخرجها الفنان الكبير محسن العلي، وحققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً مازال صداه يتردد الى الآن، كما هو الحال مع مسرحية "الإنسان الطيب" ، التي أخرجها الراحل عوني كرومي عن نص أعده الراحل فاروق محمد ومن تقديم  الفرقتين العريقتين فرقة المسرح الفني الحديث وفرقة المسرح الشعبي وشارك فيها عمالقة التمثيل في المسرح العراقي، ومسرحية "ترنيمة الكرسي الهزاز" التي جاءت بشكل مغاير للمألوف في العرض المسرحي العراقي، حيث استثمر مخرجها عوني كرومي الطراز المكاني المغاير للعلبة الايطالية من خلال مبنى منتدى المسرح، ليشكل العمل سابقة وعلامة فارقة في مسار العروض المسرحية العراقية، و"الغائب" التي كانت ثالث عمل يخرجه له عوني كرومي في تجربة ابداعية ثنائية نادرة مع مجموعة متميزة من ممثلين احترافيين بكل معنى الكلمة، انطووا على هدف تنويري وحداثي فريد من نوعه، فضلاً عن مسرحية "الشاهد" التي أخرجها الفنان عزيز خيون وعرضت في الجزائر.

برغم كل هذا  الصخب الإبداعي الوافر الظاهر والباطن، إلا أن فاروق محمد الإنسان تميز بدماثة خلقه وهدوئه ونقاء سريرته، فبات الجميع يحبه ويرى فيه مثالاً للطيبة والصفاء.. كما رأى في أعماله بصمات ابداعية لا يمكن أن تمحى أبداً.