فدوى منصوري تركز كاميراتها على الـ'فراغ' في حياة الأمهات

أول فيلم سينمائي في مسرة المخرجة التونسية يضيء على لحظة إنسانية عميقة تكشف عن زاوية منسية من الحياة.

تونس - اختارت المخرجة التونسية فدوى منصوري أن تفتتح مسيرتها الفنية بالفيلم الروائي القصير "فراغ" الذي يدور حول البر بالوالدين.

وقد احتضنت قاعة صوفي قلي بمدينة الثقافة، الأربعاء، العرض ما قبل الأول لأول عمل سينمائي للمنصوري التي أعربت عن سعادتها بذلك، قائلة في تدوينة على صفحتها بفيسبوك "الحمد الله.. نشكر كل شخص شجعني وامن بيا.. القادم أفضل بإذن الله".

ويسلط العمل في 15 دقيقة الضوء من خلال قصة امرأة متقاعدة تعيش وحدها رفقة كلبها، هذه المرأة هي أم لبنت تعيش في المهجر وابن هجرها وزوجته وانتقلا للعمل والعيش في مكان آخر، وقد قطعا حبل الاتصال بوالدتهما ما جعلها تدخل في دوامة من التأثر والنفسي.

ويستهل الفيلم وهو من بطولة الممثلة كوثر بالحاج التي اعتبرت أن هذه التجربة السينمائية "مهمة في حياتها"، بمشهد تظهر فيه امرأة مبتسمة وهي تداعب كلبها في صورة توحي بالفرح، لكنها في عمقها تعبر عن غياب أكبر وعن "فراغ" الأبناء الذين كان يجب أن يكونوا في هذا المكان. وفي الأثناء تتلقى هذه المرأة مكالمة هاتفية من صديقة لها لتضع الأحداث بعد ذلك وجها لوجه أمام حقيقة موجعة هي أن إهمال الأبناء لوالديهم يترك فراغا وأرواحا منكسرة.

وينقل الفيلم وهو من إنتاج إيمان السويلمي تفاصيل دقيقة لحياة هذه الأم، حيث يصبح الكلب هو أنيس وحدتها وبديلها العاطفي في دلالة رمزية على "الفراغ" العاطفي والنفسي الذي خلفه الأبناء.

ومن خلال عدسة مشبعة بالضوء الطبيعي وظلال الألم، استطاعت المخرجة أن ترسم مشهديات واقعية ومؤثرة حيث تدمع الأم على الشاشة بصمت موجع جالسة أمام صورة قديمة لها وهي تبتسم… في مفارقة مؤلمة بين ماضي مليء بالحياة وحاضر غارق في النسيان تملؤه العزلة.

وحاولت المخرجة من خلال هذا الفيلم القصير زمنيا والمشبع بالرموز والمعاني تسليط الضوء على معاناة عشرات الأمهات اللاتي يتم إهمالهن في مرحلة من العمر وكن ينتظرن فيها أن يقطفن ثمرة الحب الذي بذلنه لأبنائهن الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء الاتصال بهن أو زيارتهن وكأن وجودهن في الحياة انتهى بانتهاء دورها كأم مانحة.

وفي تقديمها لهذا الفيلم، تقول فدوى منصوري إن الفكرة جاءت من متابعتها للبرامج الاجتماعية والقصص الواقعية اليومية، مضيفة أنها قررت توجيه عدستها نحو موضوع بر الوالدين، لأن العديد من الآباء ينسون بعد التقاعد.

وأضافت منصوري "أتمنى أن يتذكر الناس والديهم وأن يتصلوا بهم ويسألوا عنهم... فهم يشعرون بفراغ كبير".

وصاحبت الفيلم موسيقى تصويرية من تأليف ياسين حناشي وهو عازف كمان عصامي التكوين. وقد صر ح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن قصة الفيلم لئن كانت حزينة، فإنه حرص على أن تكون الموسيقى محافظة على هويتها التونسية بألحانها وإيقاعاتها".

وعلى هامش عرض العمل الذي حضره العديد من الصحفيين والإعلاميين والوجوه المعروفة من الوسط الفني، تقول المنتجة إيمان السويلمي "في حضرة الفن والصدق، التقينا لنحتفي بفيلم يحكي ما لا يُقال، ويروي الصمت الذي يَسكن تفاصيلنا... 'فراغ' ليس مجرد شريط سينمائي، بل لحظة إنسانية عميقة، وجّهنا فيها الضوء نحو زاوية منسية من الحياة. شكرا لكل من حضر، دعم، وآمن. حضوركم منحنا المعنى، وترك بصمة لن تُنسى".