فيروس كورونا ينتصر على الإسلام السياسي

صار فيروس كورونا الإيراني طاهرا من كل دنس وهو واحدة من علامات الانتماء إلى محور المقاومة.

لا شأن للعلماء والأطباء بما يتم تداوله شعبيا في ما يتعلق بفيروس كورونا. غير أن الرعب الذي أصيب به المجتمع الدولي دفع بالكثير من البسطاء إلى السقوط في هاوية معادلة ليست مستحدثة طرفاها الدين والسياسة.

في أوقات سابقة أفسدت السياسة الدين حين حولته إلى غطاء لفساد رجالاتها والاعيبهم وأكاذيبهم وفي المقابل فإن الدين أفسد السياسة حين جعل منها مطية لرجاله من أجل الوصول إلى السلطة واحكام السيطرة على الناس من خلال ممارسة الوصاية عليهم باسم قوة مطلقة.

ولأنهم تمكنوا من المجتمعات فإن السياسيين ورجال الدين لم يترددوا ولو للحظة واحدة عن الحديث عن الفيروس المستجد كما لو أن لهم معرفة مسبقة به. فهم يعرفون كل شيء بقوة ما يملكون من سلطة من غير أية حاجة للتعلم أو الإصغاء لرأي المختصين الذين يعتبرونهم مجرد موظفي خدمة عامة.

ما أن أعلنت الصين عن ظهور الفيروس في مدينة ووهان حتى أعلن سياسيون مصابون بحمى كراهية الامبريالية العالمية أن ذلك الفيروس مصنع من قبل الولايات المتحدة لتدمير الصين باعتبارها قوة اقتصادية. السخرية من تلك النظرية لا تنفي أن الولايات المتحدة كانت ولا تزال راغبة في التآمر على الصين أو على أية قوة اقتصادية أخرى.

اما حين وصل الفيروس إلى قم الإيرانية فقد كان لرجال الدين رأي آخر. لقد أعتبروه نوعا من الاختبار الالهي بحيث صار البعض يتحدث عنه باعتباره عقابا لبشرية لم تلتزم بحدود الله وغرقت في المجون وصارت ترتاد المختبرات أكثر مما تذهب إلى الحسينيات.

لذلك فقد مارست إيران تكتما على وضعها الصحي أثار غضب العالم.

لقد عملت على تخدير الناس بدلا من توعيتهم. وشمل ذلك الدول التي وقعت لسوء حظها تحت وصايتها وبالأخص لبنان والعراق.

ففي مشهد مأساوي صار حزب الله حارسا لحفلة دخول كورونا إلى لبنان وفي العراق أدت الأحزاب الشيعية دورها كاملا في ملهاة يمتزج فيها السياسي بالديني. بحيث صار فيروس كورونا الإيراني طاهرا من كل دنس وهو واحدة من علامات الانتماء إلى محور المقاومة.

من وجهة نظر أتباع إيران فإن مؤامرة كورونا ينبغي افشالها عن طريق الترحيب بذلك الضيف العزيز كما كان يُجرى الترحيب بقاسم سليماني الذي كان يدير الميليشيات الشيعية، عابرة الحدود.

لربما كان فيروس سليماني أشد خطرا من فيروس كورونا.    

في كل الأحوال فإن النظريات السياسية والدينية لم تجد نفعا في مواجهة الفيروس الخطير الذي اتسعت دائرة انتشاره بحيث صار من الممكن أن يُعلن باعتباره وباء.

وفي ذلك ما يذكرنا بأزمنة، كانت الأوبئة فيها تفتك بالمدن ولم يكن البشر يملكون يومها سلاحا يقاومون من خلاله تلك الأوبئة سوى أن يخضعوا لنظريات رجال الدين التي وضعت الدين في مكان ليس له.

اما اليوم وفي ظل هيمنة العلم فما من شيء يدعو إلى الاستسلام.

نسمع عن الاف حصدهم المرض غير أننا لا نلتفت إلى من نجوا منه بعد أن أصابهم وهم الأكثرية. 

العلم يعمل الآن على تحييد المرض ومن ثم ينتقل إلى مرحلة القضاء عليه.

في المقابل فإن هناك مَن لا يزال يروج للأفكار والشائعات التي يطلقها سياسيون ورجال دين جهلة في محاولة منهم للتغطية على انهيار القطاع الصحي في دول مزجت السياسة بالدين فأنتجت عقائد، هي عبارة عن خرافات ملغومة بالموت الذي يطوى ذكره باعتباره نوعا من القضاء والقدر.

وهكذا فإن كورونا وقد مد أذرعه الاخطبوطية حول العالم مناسبة للكشف عن واحدة من أكثر مهازل عصرنا استخفافا بالحياة البشرية وبالقيم الإنسانية وبالعقل والحضارة. تمثلت تلك المهزلة بالظاهرة العقائدية التي امتزج الدين من خلالها بالسياسة وكان الإسلام السياسي واحدا من أهم تجلياتها.

لقد خسر الإسلام السياسي معركته الأخيرة ولم يكن خصمه هذه المرة سوى مرض في طريقه إلى أن يختفي.