فيل حزب الله وكوابيس شيعة لبنان

نكب حزب الله شيعة لبنان بوطنيتهم.

لا قدرة لحزب الله على الاستمرار في البقاء إذا ما فقدت إيران نفوذها في المنطقة. ذلك الحزب باعتراف زعيمه هو منظمة إيرانية وهو باعتراف الإيرانيين ذيل أو ذراع إيرانية ممدودة في المنطقة.

يبدو حزب الله الآن كما لو أنه فيل ثقيل الوزن ولكن ذلك الفيل سيفقد الكثير من وزنه إذا ما توقف التمويل الإيراني بتأثير العقوبات الأميركية. وهو ما سينعكس إيجابا على حياة اللبنانيين بعد أن صار ذلك الفيل يزورهم كل ليلة باعتباره كابوسا جماعيا.

وقد لا يصدق الكثيرون إذا ما قلت إن شيعة لبنان هم الطائفة الأكثر تضررا من وجود ذلك الحزب. ذلك لأنهم يشعرون أن كابوسه سينتقل مثل عدوى إلى أبنائهم ومثلما التهمتهم وحوشه فإنها ستلتهم أجيالا قادمة لا ذنب لها سوى أنها ولدت في بيئة شيعية.

أعرف كثيرين صاروا يهربون أبناءهم من الضاحية الجنوبية ليقيموا في أماكن أخرى من بيروت أو في مدن لبنانية أخرى وذلك حرصا منهم على أن لا يُصاب أولئك الأبناء بلوثة حزب الله التي هي نوع من الجنون.

وهذا بالمناسبة ما يحصل في البحرين حيث تلجأ العوائل الشيعية المتمكنة إلى تهريب أبنائها إلى الخارج سعيا منها إلى أن تجنبهم كارثة الوقوع بين أيدي رجال الدين المدربين على تضليل الأطفال والمراهقين من أجل استعمالهم وقودا في الفتنة الطائفية.

وإذا ما كانت إيران قد وزعت كوابيسها على المنطقة فإن لبنان كانت له الحصة الأكبر من تلك الكوابيس. ليس لسوء الحظ دور في ذلك. بل لأن لبنان نفسه كان ولا يزال عبارة عن مستنقع تخوض فيه الطوائف، كل واحدة منها تسعى إلى البحث عن جهة خارجية تعينها على الانتصار على الطوائف الأخرى. لبنان كان ولا يزال حاضنة لانتحار الطوائف.

لذلك صارت إيران وصية على شيعة لبنان. فحين مدت لهم حبل الإنقاذ من خلال حزب الله فإنها صنعت منهم رعايا لمشروعها التوسعي في المنطقة. إنهم من وجهة نظرها خونة أوطانهم المضللون بعقيدة لا أساس مادي لها.

لقد سحقت إيران من خلال حزب الله شيعة لبنان. وهو ضرر يفوق بأضعاف الضرر الذي ألحقه حزب الله بالتركيبة الطائفية التي يقوم عليها لبنان السياسي. ما لم يتمكن حزب الله من فعله بالنسيج الاجتماعي اللبناني الشامل فعله بالنسيج الاجتماعي الشيعي. لقد دمره من الداخل ليعيد تركيبه باعتباره فضاء للبكاء والنحيب واللطم وتوديع الجنازات.   

لذلك فإن تخلص لبنان من حزب الله هو مناسبة يتخلص فيها الشيعة من الكابوس الذي صار عنوانا لحياتهم التي هي أشبه بالجحيم. وهو ما صار ممكنا في ظل التصميم الأميركي على تحجيم إيران واحتوائها. ذلك لأن حزب الله ليس سوى بدعة إيرانية. وهو ليس ابن بيئته اللبنانية.

"لقد بدأ الحزب بتسريح عناصره المقاتلة." ذلك خبر مريح ومبهج. شباب كان عليهم أن يموتوا سيكونون جزءا من القوة العاملة. سيكون تأهيلهم صعبا غير أن الأصعب أن يبقوا رهائن رغبة مبيتة في الموت. سيكون على الدولة اللبنانية أن تحتويهم. فهم أبناؤها.

شيعة لبنان كلهم سيغادرون الكابوس وسيرون كم هي الحياة واسعة ورحبة ومليئة بالجمال والمسرات والأفكار البناءة إذا ما رفع ذلك الفيل ظله الثقيل عن صدورهم. وهي مناسبة ليعبروا من خلالها عن وطنيتهم الحقة التي حجبتها عمالة حزب الله وتآمره خدمة لأسياده الإيرانيين.

لقد نكب حزب الله شيعة لبنان بوطنيتهم. فليس أصعب على المرء من أن يكون أداة يستعملها الآخرون للانتقاص من كرامة بلاده واهانتها واستصغارها. وهوما كان حزب الله حريصا على القيام به مستعينا بالسلاح والمال الإيرانيين. لذلك فإن خلاص شيعة لبنان من حزب الله سيعيد إليهم جزءا من كرامتهم التي أهدرها ذلك التنظيم الإرهابي.