في الوباء.. مؤدلجو الدين الإسلامي.. يتحدون دولهم

المؤدلجون يعتبرون فايروس كورونا من جند الله لينتقم إما من الكفار أو من أجل اختبار المسلمين ومدى تقبلهم لقضاء الله، وقدره.

بقلم: محمد الحنفي

  لعل بعض الناس، لا يجدون لذتهم، إلا في ازدهار الموت، والدفن، حتى يجدوا ضالتهم، التي من أجلها وجدوا، أصلا، فكأنهم مبعوثون من الله، لأداء رسالة معينة، في هذه الظروف العصيبة، التي تعيشها البشرية على وجه الأرض، لتنظيم الموت، والدفن. فكأن كورونا تفرق بينهم، وبين من يخالفهم في أدلجة الدين الإسلامي. يعتقدون أن الله أعطاهم مناعة، وحصانة، ضد كورونا، حتى ينجزوا مهمتهم، التي من أجلها وجدوا.

إن أي دولة، كما كل الدول، وفي كل القارات، تدرك جيدا، أن وباء كورونا، وباء قاتل، وأن هذا الوباء ينتشر بسرعة فائقة، كما تؤكد، ذلك، كل الأخبار الواردة، من كل الجهات. وفرض أي دولة، وغيرها من الدول، ملازمة المواطنات، والمواطنين بيوتهن، وبيوتهم، من أجل المحافظة على الشعب، من إصابة أفراده بوباء كورونا، حتى يتبين: أن الشعب سليم.

ولمحاصرة الوباء، والتغلب عليه، تم إيقاف التواصل بين المدن، والقرى، في كل دولة، إلى أجل مسمى، أو غير مسمى، حتى تتحكم الدولة، أي دولة، كباقي الدول، في انتشار هذا الوباء، في أفق القضاء عليه، بفضل المجهود الذي تقوم به السلطات المسؤولة، على مستوى كل دولة، وفي كل بلد، من البلدان ذات الأنظمة التابعة، من أجل تنظيم المجال، وحراسة، ومراقبة مدى التزام المواطنات، والمواطنين، بالتعليمات التي اقتضتها شروط انتشار وباء كورونا، في كل بلدان العالم أو في أغلبها، على الأقل.

غير أن مؤدلجي الدين الإسلامي، لهم رأي آخر، مخالف لما استقر عليه رأي العلماء، والباحثين، في كل القارات، كما هو مخالف لرأي الأطباء، الذين يغامرون بحياتهم، في إنقاذ المصابين بمرض وباء كورونا.

يعتبر هؤلاء المؤدلجون أن وباء كورونا، من جند الله، لينتقم إما من الكفار، أو من أجل اختبار المسلمين، ومدى تقبلهم لقضاء الله، وقدره. ومنهم من اعتبره سلاحا، يجب استخدامه ضد بوليس النظام، وجنوده الذين يحولون دون بقائهم في الحكم، أو دون وصولهم إلى الحكم، أو دون بسط نفوذهم على مجموع البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، في أفق تمكينهم من الحكم، قبل أن يرفع الله جنده، المتمثل في وباء كورونا، الجائحة التي عمت كل أرجاء الأرض، لا فرق، عندها، لا بين عربي، وعجمي، ولا بين أبيض، وأسود، ولا بين مومن بهذا الدين، أو ذاك، ولا بين هذا المذهب، أو ذاك، من نفس الدين، ولا بين مؤدلج، ومؤدلج مختلف، للدين نفسه، أو لأي دين آخر، ولا بين منتم إلى هذه الطبقة، أو تلك، ولا بين من يوجد في هذه الدولة، أو تلك، ولا بين مؤدلج للدين الإسلامي، أو غير مؤدلج له.

على هؤلاء المؤدلجين للدين الإسلامي، أن يدركوا: أن الصراع الذي يقودونه ضد الأنظمة، بما فيها نظام مصر، أو نظام المغرب، أو تونس، أو الجزائر، أو سوريا، إنما هو صراع ضد العقل، وضد الإنسان، الذي يحمل هذا العقل، ويستخدمه من أجل الإنسانية، لا من أجل نفسه، كما أثبت ذلك العالم المكتشف لدواء وباء كورونا، الذي رفض مليار دولار، الذي عرضه عليه ترامب، واعتبر أن ما توصل إليه من أجل الإنسان، أنى كان لونه، أو جنسه، أو لغته، أو معتقده. وفعلا، اتفق مع حكومة بلاده، على تصنيع الدواء الذي توصل إلى تركيبه، على أن يوزع في جميع أنحاء العالم. وهو ما يثبت أن الإنسان، ليس موجودا في فكر، وفي ممارسة مؤدلجي الدين الإسلامي، بقدر ما هو موجود في العلم، وفي فكرالعلماء، أنى كانوا، ومهما كانوا، وكيفما كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو أي شيء آخر، وأن الصراع، الآن، على المستوى العالمي، يجري بين التقدم، والتخلف، وبين العلم، والجهل، الذي يدعي المعرفة العلمية، ولكن في الخرافة.

فإذا كان مؤدلجو الدين الإسلامي، يخوضون حربا شرسة ضد العلم، والعلماء، وضد الطب، والأطباء، وضد الممرضات، والممرضين، وضد الباحثات، والباحثين، اللواتي، والذين يخاطرون بحياتهم، في مواجهة وباء كورونا، وضد السلطات المسؤولة، في هذا البلد الإسلامي، أو ذاك، وضد الإنسانية جمعاء. فإن الجميع، قد أجمع على أن الهدف الرئيسي، الآن، هو تحقيق أمرين رئيسيين:

  • أولاً: الحرص على سلامة شعوب الإنسانية، من الإصابة بوباء كورونا القاتل، والذي لا يفرق بين البشر. وهذه المهمة، تتحملها الآن الدول، بقواتها المختلفة، وبقوانينها، وبأجهزتها المختلفة، من أجل إلزام الناس بالمكوث في بيوتهم، سعيا إلى نجاتهم من الإصابة بوباء كورونا، في الوقت الذي يقوم به الأطباء، والممرضون بواجبهم، من أجل إنقاذ المصابين بهذا الوباء. بالإضافة إلى كل من تجند من أجل إنجاح عملية العلاج، إلى جانب حفظ سلامة غير المصابين بالوباء القاتل.
  • ثانيا: الانكباب على البحث العلمي، من أجل الوصول إلى إيجاد دواء، لعلاج المرضى، وإلى إيجاد لقاح ضد فيروس كورونا الجائحة، مع إجراء التجارب المخبرية، قبل الإقبال على التصنيع، والتسويق، إلى جميع أنحاء العالم. وفي كل القارات، وفي جميع الدول المتقدمة، طبعا، وليس المتخلفة، التي لا تجيد إلا الاستهلاك، والتي ينشط فيها هولاء المتخلفون، الذين لا يجيدون إلا أدلجة الدين الإسلامي، الذي صار محرفا على أيديهم، لغاية في نفس يعقوب.

مهمة الدولة في مثل حالة جائحة كورونا، أن تحرص على سلامة مواطنيها، وأن تتخطى بهم كل المراحل التي تقتضيها هذه الجائحة وصولا إلى بر الأمان. يبقى مؤدلجو الدين الإسلامي، ومؤدلجاته، من الظلاميين، والظلاميات، وحدهم، ووحهن، الذين، واللواتي، يتمسكون، ويتمسكن، بأن يبلغ وباء كورونا مداه، من أجل القضاء على أغلب الناس، ذكورا، وإناثا، وأطفالا، وطفلات، حتى ينشط مؤداجو الدين الإسلامي، لقيام وباء كورونا المستجد، بتصدير الآلاف، إن لم تكن الملايين، إلى الآخرة، من أجل الانتقام من البشرية، المعتبرة، في نظرهم، كافرة، وملحدة، من أجل أن يدفعوا، دفعا، إلى جهنم، وكأنهم شاهدوا الجنة، التي سوف يتمتعون بنعيمها، عندما يلتحقون بالآخرة، وشاهدوا عملية الدفع، التي تمارس في حق غيرهم، إلى جهنم. إنه العبث بالدين.

فمهمة الدولة، في مثل حالة جائحة كورونا، أن تحرص على سلامة مواطنيها، وأن تتخطى بهم كل المراحل، التي تقتضيها هذه الجائحة، وصولا إلى بر الأمان، حتى تقوم الدولة بدورها، سواء في المغرب، أو في الجزائر، أو في تونس، أو في مصر، أو في غيرها من دول العالم، خاصة، وأن جائحة كورونا لا ينفع معها لا الدعاء، ولا الصلوات، بقدر ما ينفع معها الحصار، وبعد المسافة بين الأفراد. فكل مواطن التجمع، تصبح خطرا على مستقبل الشعب، أي شعب. ومهمة الحرص على البشر، تقتضي: أن الابتعاد عن بعضهم البعض، تسهل مهمة الدولة، وهو ما يفوت الفرصة على مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين كانوا يسعون إلى دون إدراك أنهم قد يصيرون هدفا لوباء كورونا.

كاتب مغربي