قال العتيبة ما يحتاجه العرب أكثر من الإسرائيليين

الإمارات وهي أكثر الدول العربية حظوة لدى واشنطن لا تتبنى النفاق السياسي من أجل التقرب من إسرائيل.
موقف سياسي عربي لا يحتمل التأويل ولا المزايدات وينسجم مع المبادرة العربية للسلام
إسرائيليون معتدلون يعارضون الاستمرار في السياسة التوسعية التي تبقي حالة الحرب دائمة
جهل سياسي وشحن عاطفي في الترويج لفكرة أن النشر بصحيفة اسرائيلية نوع من التطبيع

في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية كتب سفير دولة الأمارات العربية المتحدة في واشنطن يوسف العتيبة "إن الضم هو عمل أحادي واستيلاء غير قانوني على الأراضي الفلسطينية ويمثل تحديا للإجماع العربي والدولي حول حق الفلسطينيين في تقرير المصير".
تلك ليست وجهة نظر شخصية بل هي تجسيد لموقف لم تتخذه دولة الامارات وحدها بل وأيضا جميع الدول العربية المعنية بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية. وهو موقف سياسي لا يحتمل التأويل ولا يدخل في مجال المزايدات وينسجم مع المبادرة العربية للسلام التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية عام 2002 وحظيت بإجماع عربي ودولي.

الجديد في الأمر أن العتيبة خاطب بشكل مباشر الرأي العام الإسرائيلي. ذلك ما يحتاجه العرب. أن يكون لهم مَن يناصرهم في قضيتهم العادلة داخل المجتمع الإسرائيلي. وليس من باب التكهن القول إن هناك فئات واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي تميل إلى خطاب السلام العربي المعتدل وهذه الفئات تحتاج لمَن يشجعها من العرب على المضي في طريقها الشائك.

يحتاج الإسرائليون المعتدلون إلى من يقف معهم ويخاطبهم بلغتهم في نضالهم ضد السياسة العدوانية التوسعية التي تنتهجها حكومتهم. وهي سياسة لا تنفع على مستوى البحث عن قواسم سلمية مشتركة مع الفلسطينيين. يدرك أولئك الإسرائيليون أن الاستمرار في السياسة التوسعية على حساب الفلسطينيين من شأنه أن يجعل بلادهم في حالة حرب دائمة.

وليس صحيحا أن الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل ودول عربية محيطة بها قد أنهت حالة اللاحرب واللاسلم التي عاشتها المنطقة عبر العقود الماضية. فإسرائيل لم تتصرف في ظل حكوماتها اليمينية بطريقة مسؤولة. ذلك ما شجع قيام تنظيمات ارهابية مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية التي وجدت في السلوك الإسرائيلي دعامة لوجودها وحجة لتضليل الرأي العام العربي وابتزازه عاطفيا بعيدا عن الحقائق العملية التي يمكن من خلال العودة إليها إدارة الصراع بأسلوب سياسي.

ذلك ما أشار إليه العتيبة بطريقة لا تقبل اللبس.

فالتطبيع وهو مصطلح صار يُستعمل لغرض التضليل والمزايدة هو من وجهة نظر الكاتب وذلك هو موقف دولته لا يمكن أن يتم على حساب الحق الفلسطيني. كان الدبلوماسي الاماراتي واضحا في موقفه. اما الترويج لفكرة أن النشر في صحيفة اسرائيلية هو نوع من التطبيع فذلك ما يكشف عن الجهل السياسي وغلبة العاطفة الشعبوية على التفكير العقلاني.

وفي كل الأحوال فإن العتيبة لم يخترق محظورا. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن دولة الإمارات وهي أكثر الدول العربية حظوة لدى واشنطن لا تتبنى النفاق السياسي من أجل التقرب من إسرائيل. كان خطاب العتيبة واضحا على مستوى الشريحة الاجتماعية والثقافية التي يتوجه إليها. وهو في ذلك انما يحقق خرقا داخل إسرائيل التي يعتمد اليمين الحاكم فيها على فكرة مضللة عن العرب كونهم لا يرغبون في السلام ويخططون لفناء إسرائيل تبعا لخطابات حزب الله.

مقال العتيبة يحتاجه العرب أكثر من الإسرائيليين.

ففي هذه اللحظة المفصلية من التاريخ الوطني الفلسطيني يحتاج العرب إلى النظر بعمق إلى جوهر ما يمكن الحصول عليه عمليا من أجل قيام الدولة الفلسطينية. تلك هي الخلاصة التي يقوم عليها مبدأ الأرض مقابل السلام. وهو مبدأ ليس من المعقول أن يظل عائما إلى الأبد.

مطالبة إسرائيل بأن تنفذ ما عليها من مسؤوليات تأكيدا لرغبتها في السلام هو ما يفرض عليها التخلى عن سياستها في ضم الأراضي الفلسطينية. ذلك ما ذهب إليه مقال العتيبة الذي كان منسجما مع الثوابت العربية من أجل الحفاظ على الحق الفلسطيني في إطار القانون الدولي.