قرني جميل: العالم موطني

الفنان العراقي درس الفن التشكيلي في مدينتي برشلونة وغرناطة الإسبانيتين. وبحث عن مدى تأثر الفن التشكيلي الإسباني، بالواقع.
قرني يؤكد: لوحاتي تعبر عن شعور داخلي للإنسان
لوحاتي تعبر عن آمال غير متحققة

الفنان التشكيلي العالمي قرني جميل، من موالید اربیل العراق ١٩٥٤، أکمل دراسته الإبتدائیة والمتوسطة فی أربیل، وأکمل معهد الفنون الجمیلة سنة ١٩٧٧ في بغداد. باشر بالتدريس في المدرسة الابتدائية في قرية روست التابعة لأربيل سنة ١٩٧٧، ثم بعد الترحيل القسري لإهالي القرية المذكورة من قبل النظام البائد وتدميرها، انتقل إلى قرية ناوروين – ناحية ديانا التابعة لقضاء رواندوز، سنة ١٩٧٨. ثم هاجر إلى إيطاليا سنة ١٩٧٩ وبقى فيها لغاية سنة ١٩٨٤ وانتقل بعد ذلك إلى إسبانيا وبقى فيها لغاية عودته إلى الوطن عام ٢٠٠٣.
الفنان قرني جميل، مؤسس مجلة (شيوەکاری – التشكيلي) التي كانت تعنى بشؤون الفن التشكيلي على مستوى الإقليم والعراق والعالم، ومارس التدريس في معهد الفنون الجميلة في اربيل بعد عودته إلى الوطن عام ٢٠٠٣. وبخصوص نشاطاته، أقام ١١ معرضا شخصيا في بغداد واربيل والسليمانية وبرشلونة وغرناطة وفالينسيا في إسبانيا. وشارك في الكثير من المعارض الفنية العالمية والدولية بالاشتراك مع كبار فناني العالم.
تتميز لوحاته، بأنها عبارة عن تنقيب خيالي عن الزمان والمكان، يتحدث فيها عن المشاعر الداخلية للإنسان وبإحساس إنساني مرهف، ويهوى رسم المخلوقات ويهتم كثيراً بالطبيعة بما فيها من مكاسب وخسائر، كما يغلب فيها اللون البني بدرجاته المختلفة؛ ذلك لأنه يذكره بأيام طفولته وبمسقط رأسه (أربيل)، إذ عاش في تلك المدينة الصغيرة، بينما كانت عبارة عن مجرد قلعة بنيت حولها منازل معدودة وشوارع قليلة. 
يقول الفنان قرني جميل: كل دول العالم موطني وقبل كل شيء نحن أخوة في الانسانية. ويضيف: اكتشفت أسلوبي في الرسم خلال السنوات الأخيرة من رحلتي إلى إسبانيا، في البداية كنت أرسم لوحات صغيرة على الورق، لكنني عندما عدت إلى كوردستان أصبحت لوحاتي أكبر واستخدمت الألوان المائية. ويرى أن مصير جميع الأشياء في هذه الدنيا هو الفناء والأشخاص يعيشون ثم بعد ذلك يتوفاهم الموت، ويتعاقب بنو آدم على مدار السنين فيشيدوا المدن ويقيموا الحضارات التي ما تلبث أن تزدهر حتى تضمحل مرة أخرى. وإن معظم  لوحاته تعبر عن آمال غير متحققة. 
ويوضح: لوحاتي تعبر عن شعور داخلي للإنسان، للإنسان آمال كثيرة جزء من هذه الآمال ربما لا يتحقق بمرور الوقت، ولوحاتي تعبر عن آمال غير متحققة. 

ويوضح: لوحاتي تعبر عن شعور داخلي للإنسان، للإنسان آمال كثيرة جزء من هذه الآمال ربما لا يتحقق بمرور الوقت، ولوحاتي تعبر عن آمال غير متحققة. 
لم يكن وضعي جيداً في العراق، إذ كنت حينها لدي اهتمام بالسياسة وعضواً في الحزب الشيوعي العراقي، فقررت حزم أمتعتي. وفي ١٩٧٩ بدأت رحلتي قاصداً إيطاليا. ثم سافرت إلى إسبانيا في ١٩٨٤، وعشت في مدينة "برشلونة" بإقليم كاتالونيا، لمدة عامين، ثم انتقلت إلى الجنوب واستقررت في مدينة "غرناطة" لكي أدرس الفن التشكيلي الإسباني ومدى تأثره بالواقع.
كانت إسبانيا تجربة مهمة للغاية للفنان قرني جميل، حيث الشعب الإسباني مر بمشاعر قاسية جدا جراء الحرب الأهلية، لذا كان الفنان مهتماً بملاحظة تأثير ذلك على الفن، والمتابع لأعمال قرني جميل يرى أن فنه عبارة عن مزيج بين ثقافته الخاصة وثقافة العالم، بين كوردستان والعراق والغرب. 
شهد الفنان، على أبرز الأحداث التي مرت بها بلاده، وعندما عاد إليه بعد فترة غياب عقب الإطاحة بنظام صدام حسين عام ٢٠٠٣، وجد أنه لم يتغير شيء سوى أن الحياة أصبحت أكثر كآبة بفعل الأحداث والمأسي التي حلت بالبلاد، جراء الحروب المتتالية والضحايا جراء جرائم النظام البائد.
كان لـه دور بارز في تحريك البيئة الثقافية في بلدته المنهكة من الحروب والمأسي، إذ أنه أدار مجلة (شيوەکاری) - للفنون وأقام معارض فنية، كما أشرف على مشروع تطوير (متحف الفن الحديث) في أربيل.
وحول الفنان یقول سوران عبدالرحمن، صديق الفنان والمدير العام لدار اربيل للطباعة والنشر والمستشار لدى جمعية المطابع في كوردستان: 
قرني جميل فنان كوردستاني عراقي من طراز عالمي، واسم لامع على مستوى العالم والقارة الأوروبية بشكل خاص، وعندما ننظر إلى معظم أعمال الفنان سنلاحظ أنه يمنح عنصر الفضاء في لوحاته بالقياس مع مساحات الأشخاص أو الأشياء المادية، وكأن الفضاء عنده كالبحر وما تلك الاشياء إلا عبارة عن جزر وسط ذلك البحر، ويجعل الناظر للوحاته بأن يعوم ليصل إلى تلك الموجودات التي في وسط اللوحة، أو في أحد جوانبها وبذلك يصور الفنان مكنون تعبيراته في اللوحة.