قطوف من كتاب نخيل المنجى سرحان

الشاعر الراحل كان علامة في جيله، حيث إن فكرة العلامات الأدبية في الأجيال الأديبة تكون معدودة في كل نوع أدبي.
كان للشاعر نشاطه الجم وجانبه الإنساني الكبير، وتنوع مشهده الشعري
إيه أيتها البنفسجة / انطلقي..، / فرحة تورق فوق هدبينا

الشاعر المنجى سرحان فارس من فرسان الحياة الثقافية الكبار خلال النصف الثانى من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادى والعشرين، وأحد الكتاب الكبار الذين أثروا الحياة الثقافية والأدبية، وفي مجال العمل الثقافي بعامة، إضافة إلى عطائه الإنساني الكبير في الجماعة الأدبية بمصر والعالم العربي، كما كان له صلته العريضة بصناعة الكتاب على المستوى المهني، وعلى مستوى النشاط الثقافي، حيث كان لعدة سنوات مسئولاً عن لجنة النشر باتحاد كتاب مصر التي أخرجت سلسلة كتاب الإتحاد من خلال بروتوكول للتعاون بين الاتحاد والهيئة المصرية العامة للكتاب، كما شغل مدير تحرير مجلة "عالم الكتاب". ويتحدث في مقولته الجميلة عن مولد الكتاب بأنه عبير الألوان وغناء المعرفة حين تدور آلة الطبع لإخراج فكره أو إحساس إلى نور المعرفة والعلوم الإنسانية. 
أما عن جانب من سيرته الثقافية فقد ولد عام 1955 بمدينة سوهاج، وبعد اتجاهه لدراسة الهندسة تركها لدراسة الأدب واللغة وتخرج من آداب سوهاج 1980، ثم حصل على ماجستير النقد الأدبي، وله عدد من الدواوين الشعرية: "حين يدق صمودك بابي" – 1979، "عائد إليك" – 1987، "قراءة في كتاب النخيل" – 1992، "الولد البري" – 1999، "من كتاب المراثي" – 2012"، ورحل عن عالمنا ماديًا 17/12/2014.
والشاعر علامة في جيله، حيث إن فكرة العلامات الأدبية في الأجيال الأديبة – كما قال نقاد كثر- تكون معدودة في كل نوع أدبي، وهي أيضا رؤية الشاعر حيث كان له رؤيته في الإطار الشعري فتحدث عن نوع من الشعراء أصحاب موهبة بسيطة، ونفهم رأيه هذا حول العلامة الأدبية في الجيل بمفهوم المخالفة يقول: "وبقي الاخرون في دائرة القصيدة المتاحة أو المكتملة فنيا ولكنها تقع في إطار المتاح الذي لا يستشرف تصوراً فنياً أو ينحو تجاه التجديد حتى لو كان هذا التجديد في إطار الخيال، وهؤلاء الآخرون لا تخرج القصيدة عن كونها قصيدة جيدة لا تؤهلها جودتها إلى مستوى التميز أو التفرد وهؤلاء كثيرون ويملأون الدنيا ضجيجاً ..."، 
هو يرى "أن الفن ليس المتاح"، وأن "الشعر هو الشعر" شعار رفعه يبحث به الإجادة الشعرية في أي شكل فني كان، وهو نفسه ترك بصمة خاصة في الشعر، كما مارس النقد الأدبي بكتابة عدد من الرؤى النقدية لعدد من الشعراء الشبان من منظور النقد العطوف، الذي يوجه في لطف وأناه، لكنه لم يكن مجاملاً أيضا. 

Poetry
الفن ليس المتاح

يتحدث عنه الناقد د عوض الغباري رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة الأسبق عن كون الشاعر لم يأخذ حقه على المستوى الإبداعى، وأن له حضوره في الحياة الثقافية وفي القلوب علي المستوى الإنساني، وان نصه الشعرى في حاجة لمزيد من التأمل والتنبه لأن إبداعه أصيل يحتاج لقراءة متأنية ولا يمكن تلقيه في حالة فتور أو استرخاء، وأسمى دراسته النقدية تباريح شاعر، وأن "المرأة/القصيدة" يسيطرا على وجوده الشعرى، وأن بوحه الشعرى يتناص مع الصوفية، فنجد مفردات مثل "البوح/الحال" وهي لها دلالات صوفية، كما نجد الرصانة والفصاحة العربية، ونجد قصيدة السيرة الذاتية، وقصيدة السرد، وقصيدة الومضة، والشعر السياسي الذي يتناول مآسي العروبة. 
كان للشاعر نشاطه الجم وجانبه الإنساني الكبير، وتنوع مشهده الشعري، ونشير لقطرة واحدة من نهره الشعري؛ ففي قصيدتة "القصيدة" يشبه القصيدة بالبنفسجة، ومن هذا الوصف المعنوي ينطلق ليتغني بمعاني الشعر: 
"إيه أيتها البنفسجة / انطلقي..، / فرحة تورق فوق هدبينا.." 
فقد كان له الشعر حياة الشوق يقول عن القصيدة: 
"أنت سيدة الوقت / أنا غربة الشوق"، "كل من لقيته أنكرني.. / كل من لقيته.. / صرت قاب قوسين من اليأس.. / حتى لقيتك..!! / تقتحمين طلاسمها / تعبرين الصياغات.. / تختصرين المجازات.. / في نظرة واحدة! / إيه أيتها البنفسجة الرائقة!! / والشعراء / فوق الشواطي تدق طبولهمو.. / أي ألحانهم أتخير لغتي.. / لغتي في دمي.. / ودمي مختصر في عيونك.. / فاشتعلي.. / وانطلقي.. / وادخلي مملكتي". 
ثم يتحدث عن أثر الشعر في ذاته: 
"واختصري المسافات / بين دمي.. / ودمي.. دمدمي / أطلقي طيرك الناري يرعي كيدي.. / وأطفئي لظي القلب الظامي".