قوس قزح بعيني شديد وروح الطبيعة

الفنانة التشكيلية لينا شديد تقتنص جميع الفرص المتاحة وغير المتاحة، متناسية أعين المحيطين بها ومتغاضية عن المسموح والممنوع.
لم تلق مساعدة من أحد إلا تشجيع والدها القريب من نبضها
إذا اعتنى الفنان بموهبته وأعطاها حقها، وتتناغمت ملكاته وأحاسيسه، لا بد أن تزهر موهبته

ببراءة مطلقة وبعمر صغير؛ اقتنصت الفنانة التشكيلية لينا شديد جميع الفرص المتاحة وغير المتاحة، متناسية أعين المحيطين بها ومتغاضية عن المسموح والممنوع، لممارسة أحب الأشياء إلى قلبها؛ الرسم، فصادقت الجدران ورافقت المقاعد وأرضية المدارس حتى الساحات ودفاتر الإمتحان، غير آبهة بالآخرين.
رافقها حلمها في أبسط تفاصيل حياتها، وأهمها، تقدمت إلى امتحان القبول في كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق، تاركت قطعة من قلبها الأبيض فوق تلك المساحة البيضاء، وغادرت معتقدة أنه بأيادٍ أمينة؛ لكن خابت آمالها ولم تنل القبول، علماً أن زملاء لها لم يقدموا سوى ورقة بيضاء ممهورة باسمهم، وكان ذلك كافيا لقبولهم. تلك النتيجة لم تقف عائقاً أمام موهبتها؛ انتسبت إلى المعهد المتوسط الهندسي قسم العمارة لتكون قريبة من حلمها، ونالت جوائز تقديرية ومالية لقاء رسمها لمقاطع معمارية. 
الحب
تزوجت بعمر أربعة وعشرين عاماً، وأنجبت أربعة أبناء، تقاسمت معهم ساعاتها اليومية، واصلة الليل بالنهار، القسم الأول ملكهم من اهتمام ورعاية، فهي طباخة وربة منزل ماهرة، ومتابعة شغوفة لجميع متطلباتهم من رغبات وواجبات ومواهب، والليل بسكونه وجلالته ملكها وحدها تشاركه حلمها وشغفها اللوني وبراءتها وعنادها. لم تلق مساعدة من أحد إلا تشجيع والدها القريب من نبضها. اشترت المواد ووضعتها على الطاولة التي سبق ووضعت عليها أطباق الطعام، وصبت فيها كل جهدها وحنانها، بالزيت والألوان وبدون أدنى مساعدة من أحد، رسمت لنفسها أولاً رسومات تشبهها، تحمل من الحزن ما يكفي، ومن الجمال ما يفيض، وامتدت خطوطها مع خيوط الفجر ومرافقة أغاني الطرب الأصيل والموسيقى الكلاسيكية غير آبهة بالنتيجة.  

توجهت إلى المركز الثقافي في دمشق، بعد أن لونت ريشتها أكثر من ستين لوحة، وتم عرضها على لجنة مؤلفة من سبعة فنانين تشكيلين، ليقام أول معرض لها سنة 2009، وحظي المعرض بإعجاب الزائرين والمختصين والداعمين للفن. 
العناد الإيجابي
سافرت للخارج مع عائلتها، ولم يكن للمستحيل وجود بحياتها؛ صبت شغفها اللوني وأحلامها بنفس الجهد والإصرار والصبر. تماهت مع الطفلة التي كانت تنمو وتكبر بداخلها، متسللة ليلاً لمرسمها، وبعفويتها التي هي جزء من تميزها تضرب بأصابعها وبوشاحها وبريشتها وبالإسفنجة وبكل ما يتوفر من أدوات، فرحةً بإنجازاتها فخورةً بنفسها معجبةً بشقاوتها وعنادها كقوس قزح، وبدون أدنى فكرة عن الموضوع الذي يبدأ بالتكون رويداً رويداً غير آبهة بصحتها وبالوقت الذي تقضيه في حصنها الدافيء، فالأم لا تقف عند تعب، ويمكن أن  تنشغل بعدة أعمال معاً.
 الأمل شفاء الروح
إذا اعتنى الفنان بموهبته وأعطاها حقها، وتتناغمت ملكاته وأحاسيسه، لا بد أن تزهر موهبته، صدقت إحساسها ولحقته؛ والعمل المعجون بالحب يمد بالقوة مهما تقاذفتنا الحياة، وما لمسته بداخلها من حب وعناد كانا ضفة النجاة لشغفها، فأعمالها ممهورة بالأمل، ولهذا  لقبت بملكة الضوء؛ وهو جزء من شخصيتها، لاداع لتوقيع لوحاتها لأنها تشبهها؛ وهذا ما يردد في المعارض داخل سوريا وخارجها وتحديداً الولايات المتحدة.
حكاية الخلق 
للبداية لا بد من حضن دافئ وفنجان قهوة؛ والمرسم كان ذلك الحضن الذي اتخم من شقاوتها وتحمل مزاجيتها، ولملم أجزاءها وساندها، ولم يخذلها، رغم أنه كان شاهداً على لحظات ضعفها، وفيه بدأت محاكاتها للطبيعة، فكانت لعبتها التي لعبتها بحرفية عالية وعشقت تفاصيلها، فحملتها مشاعرها، وألبستها أحلامها، فالطبيعة بالنسبة لشدود هي الخلق، هي رائحة الجسد، والتراب، هي المرأة بعنفوانها وبسحرها وتقلباتها، هي الأم بعطائها، هي الوطن هي كل شيء، وجوفها مليء بالحلم.
رغبة الناس باقتناء أعمالها وحبهم لمساحة الضوء فيها، عزز ثقتها بنفسها، ورسالتها هي رسالة جمال وحب وإصرار، والريشة الحرّة تركض وحدها وهي ستتبعها لآخر نفس، لا تعلم كيف أصبحت هنا؛ ولم تخطط يوماً ان تصبح ملكة الضوء.
يذكر أنها شاركت بعدد من المعارض داخل سوريا وخارجها، منها معرض فردي في دمشق 2009، ‏‎معرض مشترك في أبوظبي هيلتون 2010. معرض مشترك شيكاغو 2012 Missouri art gallery. ‏معرض مشترك إستانبول 2013  Nev gallery‏‎، معرض مشترك هاواي 2014 Van hull art  gallery‏‎، معرض فردي نيويورك 2015  Spot art. ‏‎معرض مشترك لندن 2016 ‏‎، شيكاغو 2018. ‏‎معرض مشترك Hyatt Regency  بنيويورك. معرض مشترك مشيغان 2019 . معرض فردي فييننا 2019.