قيس سعيد والمرزوقي باعتباره خراجا إخوانيا

المرزوقي يخدع العالم بماضيه اليساري في حين أنه يدافع عن حركة ظلامية انصب كل جهدها عبر عشر سنوات على افقار وتجهيل وتضليل الشعب التونسي ووعده بحياة أخرى مطمئنة فيما كانت الفوضى هي العنوان الرئيس لحقبتها.
كانت الديمقراطية على خطأ حين وضعت المنصف المرزوقي رئيسا على تونس
خيانة واضحة غطاؤها الخوف على الديمقراطية الوليدة التي اعتبرها الاخوان هبة الغرب لهم

هُزمت حركة النهضة الإسلامية بتونس بيسر. ما أن أصدر الرئيس قيس سعيد قراراته بتجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة من عمله حتى التف الشعب التونسي حوله.

قيل يومها إن الرئيس يختال بشعبيته. كانت "الشعبوية" تهمته الجاهزة. ولكن ما الذي كانت تفعله حركة النهضة عبر عشر سنوات أذاقت فيها الشعب شتى صنوف العازة والفقر والحرمان والتمييز والعزل وهي تختال بشرعية ولائه لها؟

ألم يكن ذلك غطاء شعبيا لكل أنواع الفساد الذي مارسته النهضة وهي تتخذ من الخطاب الديني وسيلة للتضليل والخداع؟

في حقيقة الامر فإن النهضة خسرت أخلاقيا قبل أن تخسر سياسيا. ما التقطه الرئيس سعيد كان الشعب قد اطلع عليه قبل سنوات. لقد ظهرت حركة النهضة أثناء سنوات حكمها على حقيقتها تنظيما يمتزج فيه التشدد بالفساد بالتبعية لدول أخرى. لم تكن تونس بالنسبة لذلك التيار السياسي اليميني سوى قاعدة لتحرك جماعة الاخوان من موقع قريب من مصر. وهو موقع يهم الأوروبيين كثيرا.

المنصف المرزوقي وهو رئيس سابق لتونس ليس اخوانيا. إنه يساري المنشأ والتفكير واللغة. غير أن ذلك لا يعني أن الرجل يوم كان رئيسا لم يضع منصبه في خدمة الأجندة الاخوانية. في واحدة من أهم سقطاته أن الرجل دافع عن الجماعات الارهابية التي تحارب في سوريا. لذلك فإنه حين يقود مظاهرة في باريس من أجل المطالبة بتجميد المساعدات الأوروبية لتونس فإنما يعبر عن حقيقة موقفه اللاوطني. كانت الديمقراطية على خطأ حين وضعته رئيسا على تونس.

أحيانا تتحول أخطاء الديمقراطية إلى جرائم عظمى. هتلر نموذجا.

الرئيس الأسبق لتونس يخدع العالم بماضيه اليساري في حين أنه يدافع عن حركة ظلامية فاسدة انصب كل جهدها عبر عشر سنوات على افقار وتجهيل وتضليل الشعب التونسي ووعده بحياة أخرى مطمئنة فيما كانت الفوضى هي العنوان الرئيس لحقبتها.

ليس الرئيس التونسي الأسبق وحيدا في ذلك التناقض القاتل. اليسار التونسي كله ارتكب الحماقة نفسها حين رأى في اجراءات الرئيس سعيد خروجا على الحياة الديمقراطية وانتهاكا للدستور.

لقد جهزت أحزاب اليسار المهزومة سياسيا قاعدة بديلة لحركة النهضة التي انفض عنها انصارها، بل أن زعيمها راشد الغوشي صار معزولا في مكان ميت لا يتجاوز الإطار الحزبي.

اللافت أن ذلك اليسار وقد تناغم مع رغبة اخوان تونس في أن يمثلوا دور الضحية التي انتهكت حقوقها بسبب ما اعتبروه ضربة وجهها الرئيس سعيد للحياة الديمقراطية صار يخاطب الغرب بلغة يعرف أنها ستكون مسموعة هناك.      

فـ"الديمقراطية" التي يريدها الغرب للدول الأخرى التي تقع خارج محيطة هي مفهوم مجرد من الاخلاق. لا يهم أن تكون فاسدا وسياسيا في الوقت نفسه ما دمت قد وصلت إلى الموقع الذي يمكنك من التمسك بهياكل الشرعية الانتخابية وهي تفصيل قُدر له أن يكون بديلا عن الحياة الديمقراطية الحقيقية التي توجب الشفافية ومساءلة الفاسدين.

وهكذا بدأ البعض يحرضون على تدخل الغرب في الشأن الداخلي التونسي، متناسين أن ذلك التحريض هو نوع من الخيانة. فليست الديمقراطية مجرد مسمى بقدر ما هي معنى يتعمق من خلاله مفهوم الوطنية. فالدول الديمقراطية هي أكثر الدول التي يتمتع مواطنوها بحرية التعبير عن رأيهم بالأداء الحكومي واداء الحزب الحاكم بما يجعلهم قادرين على المراقبة والدعوة إلى المساءلة إذا ما تطلب الأمر.

ولو كانت الحياة الديمقراطية في تونس بهذا المستوى لتمت احالة الكثير من أفراد حركة النهضة وفي مقدمتهم زعيمها إلى المحاكم بسبب ما شهده البلد من انهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية في العشرية السوداء التي حكمت فيها النهضة تونس.  

ولكن الديمقراطية التونسية التي جعلت منها حركة النهضة مركبها السكران كانت عبارة عن الاستيلاء على أصوات العامة الذين سيكونون ضحية جاهزة لألعاب التضليل والخداع ومن ثم الفساد الاخواني الذي لن يقف أمام أطماعه وطن أو مواطنون. فالإخوان لا يعترفون بالأوطان ولا بحقوق الإنسان فكيف يعترفون بالمواطنة؟

ما يصرح به مسؤولون صغار في الولايات المتحدة أو في الاتحاد الأوروبي انما يأتي منسجما مع شعور اخواني بأن الهزيمة يمكن تجاوزها عن طريق تضييق الخناق الدولي على تونس وبالأخص على الصعيد الاقتصادي. خيانة واضحة غطاؤها الخوف على الديمقراطية الوليدة التي اعتبرها الاخوان هبة الغرب لهم.

ولكن ما فات إخوان تونس أن المؤسسة السياسية الغربية تدرك جيدا ان رئيسا يحترم الدستور مثل قيس سعيد يعرف أن ما قام به لا يتعدى نزع القشرة عن مسببي الفوضى باسم الديمقراطية لذلك فإنها لا تتخذ قراراتها بناء على عويل كاذب أو دموع مخاتلة. كما أنه ليس من مصلحة أجهزة المخابرات الغربية أن تفتح تونس ملفات حركة النهضة وأحزاب اليسار التونسي معا.  

هُزمت حركة النهضة من الداخل حين انفضت عنها جماهيرها غير أن المنصف المرزوقي هزم نفسه بنفسه حين أعلن عن تخليه لأهم مبدأ من مبادئ المواطنة بتحريضه الآخرين على بلده.