كتلتا الحريري وجنبلاط ترفضان المشاركة في حكومة دياب

دياب يبدأ المشاورات لتشكيل الحكومة اللبنانية غداة قطع طرق وصدامات بين محتجين على تكليفه والقوى الأمنية.
لا مؤشرات على انفراج أزمة لبنان السياسية والاقتصادية

بيروت - أعلنت كل من كتلة المستقبل في البرلمان اللبناني برئاسة سعد الحريري وكتلة اللقاء الديمقراطي بزعامة وليد جنبلاط السبت، رفضها المشاركة في حكومة رئيس الوزراء المكلف حسان دياب، ما يفاقم الأزمة السياسية في لبنان المستمرة منذ نحو شهرين ونصف تزامنا مع احتجاجات تطالب بالقطع مع النظام السياسي وتشكيل حكومة تصريف أعمال تنقذ لبنان من أزمة اقتصادية خانقة.

ونقلت مصادر إعلامية تصريحات أعضاء في كتلة المستقبل، أنهم أبلغو دياب عند لقائه بقرارهم رفض المشاركة في حكومة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وقال متحدث بسم الكتلة "تمنينا أن يكون تأليف الحكومة من اختصاصيين مستقلين".

من جانبه طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري المتظاهرين بالتعبير عن مطالبهم بطريقة سلمية، دون التعرض للجيش أو القوى الأمنية.

وجاء ذلك بعد لقائه السبت دياب بالمجلس النيابي في إطار الاستشارات النيابية غير الملزمة التي يقوم بها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة.

وقال الحريري في مجلس النواب مخاطبا المتظاهرين "كل واحد له الحق في التعبير عن مشاعره، وأتمنى على الجميع التعبير عن مشاعرهم بطريقة سلمية، لأن الجيش جيشنا كذلك قوى الأمن الداخلي".

وأضاف "أتمنى على الجميع التعبير عن الموقف بالتظاهر السلمي. نحن أولاد رفيق الحريري، تعودنا على طريقة وسنتابع هذا الأسلوب، وأتمنى الخير من الاستشارات".

بدورها اعتذرت كتلة جنبلاط (9 نواب من أصل 128) في بيان، عن المشاركة في استشارات تأليف الحكومة الجديدة بإشراف دياب.
وورد في البيان "مع احترامنا للدستور والأعراف وآلية الاستشارات في حرم المجلس النيابي، فإننا انسجاما مع موقفنا المعلن بضرورة أن تعكس الحكومة نبض الشارع وطموح الشباب اللبناني، نعلن امتناعنا عن المشاركة في الحكومة المقبلة".
وأضاف "بالرغم أننا كنا وما زلنا من الداعين إلى تسهيل تشكيل حكومة قوية وقادرة، تلقى الاحتضان والدعم، وتتحمل المسؤولية الوطنية وتحظى بالاحترام وبالثقة الداخلية والخارجية، ما يساعد لبنان بالحصول على المساعدات والدعم للخروج من أزماته الحادة".
وعلل البيان موقف الكتلة بأن "السياق الذي تجري فيه عملية التكليف والتأليف، يوحي بأننا أمام سيناريو معد سلفا، سينتج حتما حكومة عاجزة وغير قادرة على تلبية طموحات الشعب اللبناني".

وبدأ دياب السبت استشارات مع الكتل النيابية لتشكيل حكومة جديدة في لبنان الذي يشهد انهيارا اقتصادياً بالتزامن مع قطع طرق عدة وغداة صدامات بين محتجين على تكليفه والقوى الأمنية.

وكلّف رئيس الجمهورية ميشال عون الخميس وزير التربية السابق والأستاذ الجامعي دياب (60 عاماً) تشكيل حكومة جديدة إثر إنهاء استشارات نال فيها تأييد نواب حزب الله وحلفائهم، بينما حجب أبرز ممثلي الطائفة السنية التي ينتمي إليها أصواتهم عنه، في مقدمتهم كتلة الحريري الذي استقال قبل ثمانية أسابيع على وقع غضب الشارع من الطبقة السياسية.

المتظاهرون بلبنان يرفضون حكومة تدور في فلك إيران بدعم من حزب الله
المتظاهرون بلبنان يرفضون حكومة تدور في فلك إيران بدعم من حزب الله

ومن المفترض أن يبدأ دياب لقاءاته مع الكتل النيابية في مقر البرلمان في وسط بيروت السبت عند الساعة الحادية عشرة (09,00 ت غ) على أن تنتهي عند الساعة 18.00.

ولا يعني تكليف رئيس للحكومة أن ولادتها ستكون سهلة في بلد يحتاج أحياناً إلى أشهر عدة للتوافق على تقاسم الحصص بين مكوناته.

ولم يتضح حتى الآن شكل الحكومة المقبلة، وإن كان دياب أكد أن هدفه تشكيل حكومة اختصاصيين تتفرغ لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف في البلاد، إلا أن حزب الله الذي أيد توليه رئاستها، أكد في وقت سابق رغبته بتشكيل حكومة لا تقصي أي فريق سياسي رئيسي.

كما لن تكون مهمة دياب سهلة على وقع تدهور اقتصادي متسارع. فهو يواجه من جهة حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة مستمرة منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول وتطالب بحكومة اختصاصيين غير مرتبطة بالطبقة السياسية كافة، ومن جهة ثانية المجتمع الدولي الذي يربط تقديمه دعماً مالياً لبنان بتشكيل حكومة إصلاحية ويرفض حكومة مدعومة من حزب الله.

وبرز اسم حسان دياب فجأة الأربعاء بعد إعلان الحريري أنه لن يكون مرشحاً لتولي رئاسة الحكومة نتيجة الخلاف على شكل الحكومة وعدم حصوله على دعم الكتلتين المسيحيتين الأبرز في بلد يقوم نظامه على التوافق بين الطوائف كافة.

وأثارت تسمية دياب غضب مناصري الحريري الذين قطعوا الجمعة طرقات رئيسية في بيروت ومناطق عدة، معتبرين أن دياب لا يمثّل الطائفة السنيّة التي ينتمي إليها، خصوصاً أنه نال تأييد ستة نواب سنّة فقط من إجمالي 27 نائباً يمثلون هذه الطائفة في البرلمان.

وفي محلة كورنيش المزرعة التي تعدّ من معاقل تيار المستقبل في العاصمة، قطع محتجون طريقاً رئيسياً ورموا عناصر الجيش بالحجارة والمفرقعات النارية، وتدخلت قوات مكافحة الشغب وأطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. واستمرت حالة التوتر حتى وقت متأخر من ليل الجمعة السبت.

ومنذ صباح السبت عاد مناصرون للحريري إلى قطع طرق رئيسية وفرعية عدة في منطقتي طرابلس وعكار (شمال) والبقاع (شرق).

في المقابل لم يبد المناهضون للطبقة السياسية موقفاً جامعاً من تكليف دياب الذي أكد أنه وبعد الاستشارات مع الكتل النيابية سيوسع مشاوراته لتشملهم. وكان المتظاهرون رفضوا سابقاً دعوات عدة من القوى السياسية لاختيار ممثلين لهم للحوار مع السلطة.

وجرى تداول دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى البرلمان السبت، احتجاجاً على تشكيل حكومة قالوا إنها ستكون "فاسدة".