كذبة المرجعية الدينية وخطرها

المرجعية هي الستار الذي توارى وراءه الأميركان ومن بعدهم زعماء الميليشيات الموالية لإيران وقبل كل شيء الفساد.

هناك ايحاء مبالغ فيه بأن المرجعية الدينية "الشيعية" في النجف تلعب دورا سياسيا كبيرا في العراق، بما يجعلها قادرة على التأثير على نظام الحكم والأحزاب السياسية المشاركة فيه. وهو ايحاء مضلل ولا يمت إلى الحقيقة بصلة.

صحيح أن المرجعية حظيت بمكانة لم يسبق لها أن ارتقت إليها. حدث ذلك بعد الاحتلال الأميركي عام 2003. ولم يكن ذلك مؤشرا حسنا. من خلاله صارت المرجعية تروج للفقرات التي صارت سلطة الاحتلال تمليها عليها. لذلك سوقت المرجعية الموافقة على الدستور الذي كتبه الاميركان كما أنها ضغطت باتجاه المشاركة في أول انتخابات تشريعية.

قدر الأميركان المرجعية وشكروها على دورها في خضوع المدن ذات الغالبية الشيعية لسلطة الاحتلال. كما أن المرجعية لم تستنكر حروب الإبادة التي شنتها القوات الأميركية على المدن ذات الغالبية السنية وفي مقدمتها الفلوجة التي تعرضت لحربين مدمرتين عام 2004.

وحين قرر مقتدى الصدر اعلان المقاومة في النجف وهي مدينة شيعية فأن رأس المرجعية علي السيستاني غادر العراق إلى لندن ليتيح للأميركان شن حملتهم العسكرية على النجف بشكل مريح.

وقائع كثيرة يمكن من خلالها إدانة المرجعية بعد أن تم تضخيم تأثيرها على الجمهور دعائيا. وهي لعبة أجاد الأميركيون تعبئتها بالمفاجآت. فالسيستاني الذي يشبه "أبو الهول" في صمته صار له وكلاء يتحدثون باسمه.

لقد تم الزج باسم السيستاني في كل الاحداث المفصلية في تاريخ العراق الجديد الذي كان الأميركان يستعدون لتسليمه إلى إيران في عهد الرئيس باراك أوباما هدية رخيصة.

لقد قيل عن السيستاني بإنه صانع حكومات فيما كانت الحكومات العراقية تتشكل في سياق تسوية أميركية ــ إيرانية. قمة السخرية كانت يوم قيل إن نوري المالكي لم يحظ بولاية ثالثة لأن المرجعية لم توافق على تتويجه ملكا على الشيعة. ذلك لأن الدستور العراقي الذي حثت المرجعية على التصويت عليه بالموافقة يمنع بقاء رئيس الوزراء في منصبه لأكثر من دورتين لذلك انسحب المالكي من المشهد السياسي.

السيستاني في حقيقته لم يكن سوى واجهة. استعملها الأميركان ومن ثم سلموها للأحزاب الموالية لإيران. فمثلما لم يقل كلمة ضد الاحتلال فإنه لم يسم حزبا فاسدا باسمه. تكلم وكلاؤه عن الفساد بشكل عام وحين تعلق الامر بالقتل الذي مورس في حق الشباب المحتجين دعت المرجعية إلى تشكيل لجان كما لو أن الأمر يمكن أن يكون محل التباس واختلاف.

على هذا المستوى يمكن القول إن المرجعية مجرد كذبة.

هي الستار الذي توارى وراءه الأميركان ومن بعدهم زعماء الميليشيات الموالية لإيران. المؤكد أن هناك عمليات فساد تُمارس من خلال المرجعية غير أن دور المرجعية السياسي لا يمكن أن يغادر الصفر. فلا أحد من المشاركين في الحكم معني بما تقوله وهي التي لن تقول شيئا محددا.

أما مقولة "الشعب ينتظر رأي المرجعية" فقد اخترقها الشباب المحتجون على الهيمنة الإيرانية وهي مقولة حاولوا من خلالها احراج المرجعية غير أنها حين قالت كلمتها خذلتهم حين ساوت بينهم وبين الجهات التي مارست القتل في حقهم وهم لم يحلموا السلاح.

لقد اصطاد القناصون أكثر من سبعة الاف متظاهر برصاصهم ولم تقل المرجعية سبع كلمات من أجل أن تسترضيهم وتتقرب إليهم. كما لو أن عينيها معصوبتان عن رؤية الكارثة بحجمها الحقيقي دعت المرجعية إلى التهدئة وإلى التحقيق في ما حصل.

في خبايا المشهد فإن المرجعية ليست مؤسسة مستقلة. وهي إضافة إلى ذلك تعرف جيدا أن رأيا منحازا للمتظاهرين تدلي به لن يحظى باحترام الحكومة والأحزاب الموالية لإيران وهو ما يمكن أن يشكل فضيحة لبطولتها الكاذبة. وعلى العموم فإن المرجعية لن ترتكب خطأ من ذلك النوع. ذلك لأنها كانت ولا تزال وستبقى الستار الذي يتوارى خلفه الفاسدون والقتلة وقطاع الطرق.