كورونا إيران: مؤمنون يكسرون الحظر ويجتاحون المراقد

زوّار يلعقون الأضرحة في مدينتي قُم ومشهد ومعظم الاصابات التي نالت زائري إيران لدى عودتهم كانوا قد شاركوا في تجمعات ومزارات دينية.

بقلم: ميريام سويدان

في إيران التي تعتبر ضمن الدول الثلاثة الأولى في العالم لجهة حجم انتشار وباء كورونا، أغلقت المراقد الدينية، إلا أن جموعاً من المعارضين رفضوا القرار وتظاهروا مقتحمين أضرحة في مشهد وقم...

ترافق انتشار فايروس “كورونا” مع أشكال حادّة من التعبير عن التشبّث بالإيمان واللجوء إلى الطقوس الشعبية والممارسات الدينية الجماعية أحياناً بهدف الشفاء والخلاص، وبرزت مشهدية توق الناس إلى الصلاة في زمن الشدة والوباء. لكن التجمعات الدينية هي تماماً كأي تجمعات عامة قد تسهّل خطر انتشار الجائحة، وقد جوبهت الكثير من محاولات الحد من التجمعات مقاومة واستنكاراً من جهات دينية ومن مؤمنين على حد سواء.

في إيران التي تعتبر ضمن الدول الثلاثة الأولى في العالم لجهة حجم انتشار وباء كورونا، شهد مساء الاثنين 16 آذار/ مارس، إغلاق عدد من أماكن الزيارة بما في ذلك مرقد الإمام الشيعي الثامن في مشهد، ومقام معصومة في قم. إلا أن جموعاً من المعارضين رفضوا القرار وتظاهروا في المدينتين الدينيتين الأبرز في إيران. وأمام مراقد المدينتين هجمت جموع وقاموا بكسر باب الضريح في مدينة قُم، ودمروا الحواجز في مشهد، ودخلوا إلى هذين الضريحين متحدّين قرارات مراجعهم الدينية، وسط مشاعر جمعية يسيطر عليها اعتقاد أن لا مكروه يمسّ الأماكن المقدسة.

منذ أيام قليلة أيضاً، تعرضت مدينة مشهد، حيث ينتشر فايروس “كورونا” بكثافة، لأحداث مماثلة. إذ أصرّ معارضون على اقتحام ضريح الإمام الشيعي الثامن في هذه المدينة، بعد أن أغلقته اللجنة الوطنية لمكافحة “كورونا”. فكسروا الحواجز المحيطة بالضريح، ورفعوا شعار “حيدر حيدر” ودخلوا إليه.

هذه المشاهد تكرر في المدن الإيرانية، والزيارات الدينية تضاعف من سرعة انتشار الوباء،  ففي منتصف الشهر الماضي، ومع بداية انتشار فايروس “كورونا” المستجد في إيران، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوات لزوّار يلعقون الأضرحة المقدسة في مدينتي قُم ومشهد، ومعظم الاصابات التي نالت زائري إيران لدى عودتهم كانوا قد شاركوا في تجمعات ومزارات دينية.

تواجه إيران انتقادات عالمية واسعة حول غياب الشفافية بالتعامل مع فايروس “كورونا”. وفي هذا السياق، قال المدير الإقليمي لقسم عمليات الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، ريك برينان، إن “عدد المصابين بالوباء في إيران قد يكون خمسة أضعاف الرقم المعلن رسمياً”، كما أكّد أن البيانات والمعلومات الرسمية بإيران لا تزال تمثل نقطة ضعف رئيسة في الطريقة التي ينتشر بها "کورونا المستجد".

وفيما يواصل “كورونا” حصد ضحاياه في إيران، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران “انتصرت” في مواجهة الفايروس، وإنها “اجتازت” ذروة تفشي المرض، إلا أن انتقادات حادة صدرت بعد خطاب روحاني، باعتبار أنه يتحدث دون أدلة، وينشر أملاً مزيفاً، وأن الأرقام التي ينشرها لا تتوافق مع إحصائيات وزارة الصحة.

والمفارقة أن إنكار روحاني لتفشي الوباء يترافق مع تسجيل إيران أعلى عدد وفيات في يوم واحد، إذ أعلنت إيران يوم الاثنين عن وفاة 129 شخصاً. وبذلك فإن نسبة الوفيات تجاوزت 988 شخصاً.

وفي هذا الصدد، سجلت وزارة الصحة الإيرانية إصابة 1053 شخصاً بفايروس “كورونا”، ليرتفع عدد الإصابات إلى 14991 حالة، حتى يوم الاثنين 16 آذار/ مارس. وكانت العاصمة الإيرانية طهران الأكثر تأثراً بالإصابات، حيث سجل فيها 3774 إصابة، فيما حلت محافظة مازندران ثانية بإجمالي إصابات بلغت 1374 إصابة، وتلتها أصفهان 1301 إصابة، بينما سجلت قُم 1023 إصابة.

من جهة أخرى، تشهد إيران تضارباً واضحاً بين الجهات الرسمية والواقع، كما بين الجهات الرسمية نفسها. إذ أقرّ مساعد وزير الصحة الإيراني، رضا ملك زاده، أن تفشي الوباء والعجز عن السيطرة عليه يعود إلى تأخير اكتشاف الفايروس، معللاً ذلك بالقول: "إن كورونا والأنفلونزا تشابها علينا".

وعليه، فإن إيران لم تنجح هذه المرة بتطبيق سياسة الإنكار والتعتيم، تلك التي تطبقها مع حرية الرأي والسياسة الداخلية وغيرها، فالمرض والموت يصعب إخفاؤهما خصوصاً أن الوباء لا يميز بين الناس والمسؤولين الذين نالهم نصيب من الداء.

نُشر في صفحة درج اللبنانيّة