لا يزال أردوغان قادرا على اللعب في ليبيا

حرب تركيا في ليبيا ممولة بالكامل، لا يلعب اردوغان فيها سوى دور المتعهد المستفيد من استمرار الحرب بغض النظر عما تخسره ليبيا بشريا وماديا.
لولا تمكن جماعة الإخوان من الهيمنة على طرابلس لما جاء اردوغان الى ليبيا
منافع شخصية تدفع بالرئيس التركي إلى المضي في تلك الطريق الغاصة بالمفاجآت غير السارة
شركات يديرها أقرباء اردوغان وأخرى لأعضاء في حزبه عقدت اتفاقات نفطية مع حكومة السراج

لن يضر اردوغان الليبيين من خلال تدخله العسكري بل سينفعهم. فالرجل الذي تبنى حربا هي ليست في ظاهرها حربه كشف عن حقيقة خطأ الليبيين حين احتضنوا فصائل الإخوان الارهابية بين صفوفهم.

كان هناك خلل في الوطنية استغله الرئيس التركي ليدخل من خلاله طرفا في صراع، يُفترض به أنه صراع ليبي خالص، بالرغم من أن ذلك الصراع لم يكن ضروريا بالنسبة لكل الأطراف الليبية التي كان عليها أن تعيد بناء الدولة بعد أن سقط نظام العقيد القذافي الذي لم يكن قائما على مبدأ الدولة ولا مخلصا له.

لم يتسن لإردوغان العثور على ثغرة يتسلل من خلالها إلى ليبيا لولا تمكن جماعة الإخوان من الهيمنة على طرابلس. فحكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج كانت تقاتل بميليشيات يتزعمها إرهابيون دوليون. أما حين شعرت تلك الحكومة أن هزيمتها باتت قريبة استنجد زعيمها بمتعهد شركات الارهاب الذي كان مستعدا لتجنيد مئات السوريين اللاجئين مرتزقة في حرب سيُقتلون فيها قبل أن يتعرفوا على أسبابها.

ومع دخول اردوغان طرفا مباشرا في تلك الحرب فإن الصراع لم يعد بين أطراف ليبية خالصة بل صار الليبيون طرفا فيها أما الطرف الأخر فتمثله جماعة الإخوان المسلمين الذين يمكن القول إن من حقهم أن يعتبروا تلك الحرب على أرض ليبيا هي حربهم الأخيرة.

ذلك التحول أدى إلى فرز واضح بين مَن هو وطني ومَن يقاتل ضد قيام دولة مواطنة صحيحة في ليبيا. هناك جهة أجنبية دخلت طرفا في الصراع هي جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بزعامة اردوغان التي لا يهمها مصير ليبيا ولا مصالح مواطنيها بقدر ما تسعى إلى تاسيس قاعدة لها في المنطقة واستعمال ثروات ليبيا في خدمة مشروعها العدواني التوسعي.

اردوغان الذي يحارب بالإخوان ومن خلالهم ودفاعا عن مصالحهم لا يكتفي بالإخلاص الذي يُظهره للعقيدة. ذلك لا يكفي سببا للدخول في نزاع خطر مع أوروبا ومصر. هناك منافع شخصية تدفع بالرئيس التركي إلى المضي في تلك الطريق الغاصة بالمفاجآت التي لن تكون سارة.

ليس من باب المبالغة القول إن زعيم حزب العدالة والتنمية اعتبر التورط في الحرب الليبية بابا للاستثمار الشخصي والحزبي.

ما صار معروفا أن هناك شركات يديرها أقرباء اردوغان من الدرجة الأولى إضافة إلى شركات يديرها أعضاء في حزب التنمية والعدالة هي التي عقدت اتفاقات مع حكومة السراج من أجل الاستثمار في النفط الليبي. وكما هو واضح فإن السراج حين عرض على أردوغان التدخل لحماية حكومته من السقوط أن للأخير مطامع شخصية في ليبيا يمكن تلبيتها مقابل تلك الحماية.
ذلك ما هو صار معلنا ويتداوله الجميع. غير أن ما هو غير معلن انما يتعلق بالمنافع الخفية. وهو ما ستكشف عنه تحولات الحرب. فالأمر مرتبط بالأجندة الأخوانية والأطراف المستفيدة منها.

اردوغان يعتمد في إدامة حربه في ليبيا على تمويل خارجي وهو ما يعني أن الاقتصاد التركي لن يتم استنزافه. فالحرب لا تمولها تركيا وهو ما يعني أن الاقتصاد التركي لن يتأثر بحيث ينعكس سلبا على ما تبقى من شعبية اردوغان وحزبه.

تلك حرب ممولة بالكامل، لا يلعب اردوغان فيها سوى دور المتعهد المستفيد من استمرار الحرب بغض النظر عما تخسره ليبيا بشريا وماديا. فليبيا بالنسبة له هي موضوع ثانوي. إن نجح الارهابيون في حسم الأمور لصالحهم ونشر الفوضى فإن ذلك سيتوجه خليفة افتراضيا وإن فشلوا فإن أحدا لن يمس مشاريعه بعد أن عقدها مع حكومة معترف بها من قبل المجتمع الدولي.

لن تفشل لعبة أردوغان إلا إذا أجمع الليبيون على هدف مشترك.

ذلك ليس ممكنا حتى اللحظة.