لطيفة المسيفري عوقبت على فعل الخير
كثيرا ما يفكر المرء بالتطوع لفعل الخير، وهذا من رفعة الأخلاق وحسن الصنيع وخدمة الانسانية، ولا ينتظر مكافأة من أحد، فإن كان كافرا، فهو يرضي ضميره، وإن كان مؤمنا، فهو يرضي الله. أما السيدة لطيفة المسيفري، فقد تطوعت لخدمة الآخرين ابتغاء لمرضاة الله، وسجلت نداءات لانقاذ أناس تعسرت أحوالهم وفقدوا أدنى أسباب العيش الكريم، فأخذتهم في سيارتها الى المؤسسات الوطنية في قطر وقدمت طلبات للمساعدة دون جدوى، فلجأت الى تسجيل صوتي بثته على اليوتيوب لايصال شكواهم الى المسؤولين، فلقيت من المسؤولين ومن بعض الأفراد ما لم يكن في الحسبان. فقد اعتقلت وضربت ثم سجنت وعذبت، وهذا درس لمن يرغب بفعل الخير في قطر أن يصمت ويحرص على شؤونه ولا يسعى لخدمة الآخرين.
وقد سجل بعض القطريين تسجيلات بثوها على اليوتيوب، شتموا فيها هذه السيدة واتهموها بأنها عميلة لدول "الحصار" وكأن الفقر غير موجود أبدا في قطر، على الرغم من أن هذا شيء طبيعي إذ لا يمكن السيطرة على جميع فئات المجتمع ولا بد من وجود بعض العائلات المنسية التي لم تحصل على حقها من ايرادات الدولة، وكان يمكن للجهات المختصة أن تسد حاجة هؤلاء الناس ويشكروا السيدة المسيفري.
نعم، قطر يوجد فيها فقراء وانا عشت فيها 13 عاما وأعرف جيدا أن فيها فقراء، ومنهم من يعيشون في بيوت آيلة للسقوط ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وليس لديهم القدرة على شراء قطعة أرض وبناء بيت عليها، وعندما انهار سوق الأوراق المالية في عام 2008، فقد بعض القطريين كل ثروتهم حيث كانت البورصة في حالة مربحة جدا، وباع بعض الناس أملاكهم وذهب زوجاتهم واشتروا أسهما، وفجأة وبدون سابق إنذار هبطت الأسعار بشكل جنوني، وأصيب البعض بنوبة قلبية وفقد البعض وعيهم ونقلوا في سيارات الإسعاف، ولم يكن عدد هؤلاء قليلا، فماذا تتوقع الدولة عن أحوالهم بعد ما باعوا كل ممتلكاتهم؟
زد على ذلك أن قطر فيها الكثير من "الخبراء" الأجانب الذين استقدمتهم الدولة وهم لا يقبلون براتب مئة ألف ومئتي الف في الشهر، بل أضعاف ذلك، وقد تعرفت فيما مضى على سيدة بريطانية كانت تعمل مستشارة في بنك قطر الوطني، قالت لي أنها تسكن في فندق الفور سيزونز لأنها لا تحب المنازل، فإذا كان في قطر ألف "خواجا" مثل هذه السيدة، فمن الطبيعي أن يكون في قطر فقراء، فلماذا كل تلك الضجة على السيدة المسيفري؟ في كل دول العالم يوجد فقراء ولم تلجأ هذه السيدة الى التسجيل والبث إلا لأن الجهات الرسمية التي راجعتها لم تتجاوب معها، وعادة ما يتم التجاوب مع هذه النداءات على وجه السرعة هذا اذا افترضنا أن قطر دولة ذات سيادة كما تدعي، والسيادة تعني أنها دولة لها نظام سياسي وإداري واقتصادي وتتخذ القرارات التي تناسبها، ويجب أن يكون من ضمن هذا النظام بند خاص للتعامل مع الفئات المعسرة، ولكن يبدو أن لها مفهوما خاصا عن السيادة، وهو أن تفعل ما يحلو لها بصرف النظر عن مصالح الآخرين.