لكل مشاهد 'غودو' خاص به في عرض مسرحي عراقي

المخرج العراقي أنس عبدالصمد يصوغ في مسرحيته العنف المهيمن على بلده منذ عقود، بأسلوب إيمائي خال من الكلام.
واقع العراق اليومي مصدر إلهام مخرج المسرحية
المسرح شكل من أشكال الأمل

بوزانسون (فرنسا) - يصوّر العراقي أنس عبدالصمد في مسرحيّته "نعم غودو" التي تعرض ضمن "مهرجان بغداد" في فرنسا العنف الذي يهيمن منذ عقود على بلده، حيث يكاد العمل المسرحي يكون مستحيلا رغم أن واقع العراق اليومي مصدر كبير للإلهام كما يقول.
ويقول المخرج "كثيرون من زملائنا في عالم المسرح ماتوا أو صاروا في المنفى، قلة منهم بقيت" في العراق.
وشاركت مسرحيته في "مهرجان بغداد" الذي افتتح في الرابع والعشرين من الشهر الحالي في مدينة بوزانسون الفرنسية، إلى جانب سبعة أفلام عراقية.
يصوّر أنس عبدالصمد البالغ 44 عاما في مسرحيته مدينة عراقية دمّرتها الحرب، وطيرا في قفص ومعطفا معلّقا قرب صورة للكاتب صمويل بيكيت صاحب رواية "بانتظار غودو" الشهيرة التي تتحدث عن شخصية ينتظرها الكلّ، ولا تأتي.
يخلو العرض المسرحي من الكلام، بل يعتمد على الإيماء للحديث عن العنف الذي ينتاب العراق منذ سقوط نظام صدام حسين.
وأطلق أنس على فرقته المسرحية اسم "فرقة مسرح المستحيل"، في إشارة إلى الصعوبات التي تعرقل نموّ هذا الفنّ في العراق واستحالة التكسّب منه.
لكن رغم هذه الصعوبات، صمم مسرحيته الجديدة "نعم غودو" في بغداد، وقدّم منها ثلاثة عروض في بوزانسون.
وعلى امتداد 45 دقيقة هي مدة المسرحية، لا يُفرض شيء على الجمهور، بل "لكل واحد منهم غودو الخاص به وهو ينتظره".
ويقول أنس إنه استوحى "من الحقبات المختلفة التي مرّت على العراق، ومن زمن صدام حسين خصوصا".

في ذلك الوقت، قبل أن يطيح تحالف دولي بقيادة واشنطن بصدام حسين، شدّدت الرقابة قبضتها على أعمال أنس عبدالصمد، ومنعته من اعتلاء المسارح الرسمية.
ويقول "كنت أقدّم أعمالي في بيوت أو في بيتي أنا".
وبعد الإطاحة بالنظام القديم، شعر المخرج بشيء من الحرية، لكن في ظلّ "مرحلة صعبة من الفوضى الشاملة".
أما اليوم، فما زال العمل المسرحي متأخرا جدا إذ "لا صالات للعرض ولا موازنات، والجمهور لا يرغب بدفع المال".
رغم ذلك يرى أن الظروف السائدة مناسبة جدا للإبداع الفني والمسرحي.
وهو يستمتع بأنه شاهد على عصر ويؤدي أدوارا عنه. ويقول "لقد نجونا من كل العنف" الذي مرّ على العراق في حقب متتالية.
لا ينوي أنس عبدالصمد مغادرة بلده، بل ينوي البقاء لمناصرة فكرة أن "المسرح هو شكل من أشكال الأمل، ولإظهار أن الحياة تستمر وتنتصر".
ويرى أن الإنترنت فتح آفاقا جديدة للمسرحيين العراقيين، ويقول "من ذي قبل، كنا نقدم عروضنا في إطار ضيّق ولجمهور صغير. لكن بفضل الإنترنت عرفوا عنا في الخارج وصرنا نقدم عروضنا في كل العالم"، من القاهرة وعمان وتونس إلى إسطنبول وروما وطوكيو.
وإضافة إلى هذه المسرحية، تعرض سبعة أفلام عراقية في موسم يناير/كانون الثاني من مهرجان بغداد، ومن المقرر أن تفتتح دورة ثالثة في مايو/أيار المقبل.