"لن أواري سوأتي" تطرح هموما أنثوية في سياقات عابرة

لغة آية السيابي لغة متمكنة ومكثفة، تعكس قدرة الكاتبة على تجسيد الحالات برشاقة سردية عالية.
موهبة الكاتبة العمانية تُبرز في تصوير المشاعر ونقلها إلى القارئ 
الكاتبة تتناول معاناة الخادمات اللاتي يغتربن عن أوطانهن وأطفالهن بحثًا عن لقمة العيش

عمّان ـ تغُوص الكاتبة العُمانية آية السيّابي عبر قصصها في مجمُوعتها الصادرة حديثًا "امرأة في الحب" في أعمَاق العذابات التي تعتريْ نساء من سياقات مجتمعية متعددة، يتشَاركنَ المصِيرَ نفسه في موَاجهَة ظُروف الحَياة وأحكَامهَا المجتمعية.
وجاءت المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في مئة واثنتي عشرة صفحة من القطع المتوسط، واختيرت لغلافها لوحة من أعمال الفنانة العمانية مريم الوهيبي. وقدَّمت خلالها الكاتبةُ تسع قصص حفلت بأصوات داخلية عبرت خلالها البطلات عن رغباتهن وهمومهن العديدة.
وتسأل الكاتبة عائشة السيفي في مقدمتها التي خصَّت بها المجموعة: "هلْ هي حكَايات نساءٍ هنّ محض خيَال أمْ أنّه انعكاسٌ لواقعِ نساءٍ يعشنَ بيننا؟ أم قصص نساءٍ سيعشنَ السيناريُو مجدداً مع تعديلاتٍ طفيفة؟
إنّها ليستِ الحكَايات فقط ما يُكتب في هذه المجموعَة لكنّها المشَاعر، والانثيَالات والأوجاعُ والتفَاصيل التيْ لا تُسمَعُ على الملأ ولا حتّى خلف الأبواب الموصدَة لكنّ قلمَ الكاتبَة ما يلتقطهَا، ويحفُر فيهَا ويحوّلها إلى نصوصٍ تقرأُ في هذهِ المجموعة".
تقول بطلة إحدى القصص مشيرة إلى واحدة من القضايا اليومية التي تؤكد سطوة المجتمع الذكوري على الأنثى، وكيف تذوب بسبب هذه السطوة المتوارثة الهوية الشخصية لكل أنثى:
"تنتمي جدتي لزُمرة من ينادي بتمييز الذكر، في قانون التملّك الأسري لدى قبيلتي تُولَد الأنثى فيرافقها اسمها حتى يسقط عنها عندما يُعلِن جسدها عن استدارته، عندها ينحسر استخدام اسمها ويُستَبدَل به جملة «الأهل أعزك الله» اذا ما اضّطُرّ جاهدًا أن يُخبر عن موقف ما، فيفهم الطرف الآخر أنّ «الأهل» ما هي إلا إحدى إناثه، زوجته أو أخته! لا تعلم جدتي أنّ حياةً بلا أنثى لا أمان فيها لا سيّما إن غَزَتْها طفيليات مجتمعية". 
وفي القصص جميعها تبدو لغة آية السيابي لغة متمكنة ومكثفة، تعكس قدرة الكاتبة على تجسيد الحالات برشاقة سردية عالية، وتُبرز موهبتها في تصوير المشاعر ونقلها إلى القارئ. تتحدث بطلة أخرى عن معانانها اليومية قائلة: "أغفو كلّ ليلة على وعد جديد وأمنية جديدة، ينقضُّ على جسدي باستمرار وفي كل مرة أرى عينيه جائعتين.. قدَر ملوّث أُضيف إلى قدري بلا تخطيط، أكاد أُشبه القصاصة من الصبغ المتشظّي في السقف، تُقرّر تغيير قدرها فتتقاطر في فضاء مجهول مُعلّقة بين سماء وأرض حتى إذا ما استبشرت استقرارًا على سطح صلب دَهَستها قدم لا تبالي بما تحتها".
ولا تكتفي آية السيابي بتقديم الهموم التقليدية للمرأة في مجتمعاتنا العربية بشكل عام، بل إنها تتناول في إحدى القصص معاناة الخادمات اللاتي يغتربن عن أوطانهن وأطفالهن بحثًا عن لقمة العيش، فتقول:
"في أحد الأيام وأثناء انهماكها الشديد بمسؤولياتها دخل سيدها لينقل لها خبر وقوع زلزال مدمّر يضرب مناطق أندونيسيّة بلغت قوته (7.5) ريختر، وقد أودى بحياة العشرات من الضحايا ولم يُحصَر العدد بشكل كامل حتى ذلك الحين.. 
بعد عشرة أيام من وقوع الزلزال يستفيق الحزن من غفوته، ويَهطل متكاثفًا ليعطّل هذا الدوران، وتردّد ليانا باكية: «نحن كائنات يأتي علينا كلّ الدهر ولا نكون يومًا شيئًا مذكورًا!".
يذكر أن هذه المجموعة هي الإصدار الأول للكاتبة الشابة آية السيابي.