ليبيا والإرهاب أبرز ملفات قمة 'إسكات الأسلحة' الإفريقية

الاتحاد الإفريقي يرفض تجاهله في عملية المفاوضات لتسوية الأزمة في ليبيا لكن الخلافات الداخلية والتمويل يقفان عقبة أمام مساعيه لحل النزاعات في القارة بدلا من ترك هذه المهمة لأطراف خارجية.

أديس أبابا - يشارك قادة دول أفريقية في قمة الاتحاد الأفريقي الثالثة والثلاثين التي تفتتح اليوم الأحد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتي تركز على الأمن في القارة السمراء حيث من المنتظر أن تأخذ الأزمة الليبية والإرهاب أبرز أولوياتها.

ويسعى رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي في القمة  التي تستمر ليومين تحت شعار "إسكات الأسلحة" إلى تعزيز مشاركتهم في الوساطات في عدد من النزاعات المسلحة التي تمزق القارة على الرغم من الإخفاقات السابقة.

وتفتتح هذه القمة السنوية للمنظمة الإفريقية التي يحضرها 31 رئيسا منهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيسا وزراء كندا والنرويج. على ملاحظة مريرة، هي إخفاق الاتحاد الإفريقي في تنفيذ التعهد الذي قطعه في 2013 "بإنهاء كل الحروب في إفريقيا بحلول 2020".

وتمهيدا للقمة، رسم رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي صورة قاتمة للوضع في القارة، من الساحل إلى الصومال، معتبرا أن الوقت الذي مر منذ 2013 سمح بكشف "مدى تعقيد الإشكالية الأمنية في إفريقيا" أكثر مما أتاح تسوية النزاعات.

وبعد اجتماعات قمة عديدة احتلت فيها الواجهة قضايا إصلاح الاتحاد الأفريقي، خصوصا تمويله، وتنفيذ إجراءات مثل منطقة التبادل الحر القارية، ستتركز المناقشات في هذه القمة على النزاعات التي تشهدها إفريقيا وعلى رأسها ليبيا وجنوب السودان.

والقضايا الإشكالية عديدة من الإرهاب إلى الاحتجاجات التي تلي الانتخابات، والنزاعات كثيرة. وقد تحقق بعض التقدم في إفريقيا الوسطى والسودان لكن ظهرت أزمات أخرى من الكاميرون إلى موزمبيق.

وسيتولى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا الأحد رئاسة الاتحاد لمدة عام، خلفا للمصري عبدالفتاح السيسي. وقد اعترف رامافوزا في نهاية كانون الثاني/يناير بحجم المهمة التي تقع على عاتق الاتحاد الإفريقي، مذكرا بأن النزاعات ما زالت تحد من تنمية إفريقيا.

وعلى هامش القمة أجرى السيسي محادثات مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون ركزت على مواجهة الإرهاب والأوضاع في ليبيا.

وقال بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي أكد خلال المحادثات على موقف مصر الداعم للجزائر في مواجهة الإرهاب، خاصةً في منطقة الساحل، ودعم الإجراءات التي تتخذها القيادة الجزائرية في سبيل الحفاظ على الأمن.

وأشار إلى "تشابه الظروف والتحديات التي تواجه البلدين"، ولفت إلى "ضرورة تدعيم التنسيق الأمني وتبادل المعلومات بشأن الجماعات الإرهابية التي تمثل تهديداً مشتركاً للبلدين والمنطقة بأكملها".

وقال المتحدث إن "اللقاء شهد تبادل الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً الأزمة الليبية، حيث توافق الرئيسان على ضرورة تكثيف التنسيق في هذا الصدد، بالنظر إلى أن مصر والجزائر دولتي جوار مباشر عبر حدود ممتدة مع ليبيا، مما يؤدي إلى انعكاسات مباشرة لاستمرار الأزمة الليبية على الأمن القومي للبلدين، مع تأكيد الحرص الكامل على إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل لحل سياسي يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق ويقوض التدخلات الخارجية به".

ال
الجزائر تكثف جهودها الدبلوماسية لقطع الطريق أمام التدخلات التركية في ليبيا

وصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أديس أبابا أنه يتفهم "إحباط" الاتحاد الإفريقي الذي "استُبعد" حتى الآن عن الملف الليبي، مؤكدا تأييده لمنح المنظمة الإفريقية دورا أكبر.

ووعد في هذا الإطار بدعم مبادرة لعقد منتدى للمصالحة اتخذت في نهاية كانون الثاني/يناير خلال قمة نظمتها لجنة الاتحاد الإفريقي حول ليبيا في الكونغو برازافيل.

وقال جوتيريش "أعتقد أنه يجب أن نستعيد السيادة في ليبيا... إننا ندعم بشكل كامل منتدى ينظمه الاتحاد الأفريقي للتوصل للمصالحة".

وأضاف "هذا هو الحال أيضا في منطقة الساحل"، مقترحا ائتلاف دولي أوسع لمكافحة الإرهاب في المنطقة.

وكثفت دول جوار ليبيا التي تخشى من تنامي خطر الميليشيات والإرهابيين الذين وصلوا ليبيا بعد التدخل العسكري التركي فيها، الحراك الدبلوماسي مؤخرا لمنع فوضى السلاح وإغراق القارة بالإرهابيين وهو ما دعا دول القارة للاسراع في تطويق النفوذ التركي والقطري قبل انفلات زمام الأمور من يدها. 

وحذرت العديد من التقارير في الآونة الأخيرة من مواصلة تركيا إرسال المرتزقة من فصائل سورية متشددة موالية لأنقرة ومقاتلين من داعش والقاعدة لدعم حكومة الوفاق التي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين في طرابلس، وهي خطوة تثير مخاوف دول جوار ليبيا الإفريقية أولا في حين بقي المجتمع الدولي عاجزا عن وضع حد لها.

ويرى فكي أن الأمر بات يتعلق بأن "نسأل أنفسنا عن السباب العميقة" للنزاعات وتقديم "حلول مبتكرة لها تحد من الحل العسكري عبر إرفاقها بإجراءات في مجالات أخرى، مثل التنمية".

وصرح وزير خارجية جنوب إفريقيا ناليدا باندور إن الاتحاد الأفريقي "يجب أن يكون أكثر حيوية" في تصديه للنزاعات بدلا من ترك هذه المهمة لأطراف خارجية. وقال "يجب أن نتحرك بسرعة أكبر".

لكن بين الخلافات الداخلية والتمويل غير الكافي لمهمات حفظ السلام، سيواجه الاتحاد الإفريقي صعوبة في أن يصبح جهة فاعلة لها وزنها في تسوية النزاعات.

ومن أولويات الاتحاد شغل مكان أكبر في عملية المفاوضات لتسوية الأزمة في ليبيا، الملف الذي تتولى إدارته الأمم المتحدة واشتكى الاتحاد الإفريقي مؤخرا من "تجاهله (...) بشكل منهجي" فيه على حد قول ناطقة باسم فكي.

وذكر المركز الفكري "مجموعة الأزمات الدولية" أنه على الاتحاد الإفريقي أن يدرج في أولوياته وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع الأمم المتحدة لتمول بنسبة 75 بالمئة من مهماته لحفظ السلام التي يوافق عليها مجلس الأمن الدولي.

وقال المركز نفسه في تقرير نشر الجمعة إن "الاتحاد الإفريقي يملك الإرادة والقدرة على القيام بمهمات لمكافحة الإرهاب وحفظ السلام ضرورية للمساعدة في إحلال الاستقرار في دول إفريقية".

لكنه أضاف أن الاتحاد "لا يملك الموارد المالية الضرورية لتقديم دعم ثابت ومتوقع وهذا أمر يمكن أن تؤمنه الأمم المتحدة".