'ليزا فتاة لامبيث' باكورة روايات العبقري سومرست موم

في ميلاده التسعين الروائي الانكليزي الأشهر في القرن العشرين الأكثر ربحاً قي ثلاثينيات القرن المنصرم يكتب 'لقد جف قلمي وسأكتفي بالقراءة'.

في ميلاده التسعين كتب الروائي الانكليزي الأشهر في القرن العشرين والأكثر ربحاً قي ثلاثينيات القرن المنصرم سومرست موم صاحب المسيرة الإبداعية حيث تنوعت اعماله ما بين الرواية والمسرحية والقصة والكتب السياسية، "لقد جف قلمي وسأكتفي بالقراءة".

ولدَ وليام سومرست موم في 25 يناير/حزيران، 1874 ديسمبر في باريس من ابوين انكليزيين وكان يتحدث الفرنسية باعتبارها لغته الأم، ولم يجد لغة بلده سوى بعد سنين عديدة، درس الطب وكتب اول رواية له وهي"ليزا فتاة لامبيث" الصادرة عن دار آفاق (بترجمة) سامح الجباس.

وعندما كان طبيباً متدرباً في احدى مستشفيات لندن، عرف سومرست موم بتبنيه للإتجاه الواقعي في الكتابة وهذا م انلمسه في هذه الرواية التي تم نشرها عام1897.

"شخصيات حقيقية"

من قراءة السطور الأولى للرواية يشعر القارئ بروح الحياة في حي لامبيث مسرح الاحداث في الرواية وهو احد الأحياء الفقيرة في لندن، وهناك معلومات تؤكد ان صاحب"القمر وستة بنسات" عمل طبيباً في احدى المستشفيات القريبة على هذا الحي فهل كانت شخصية ليزا شخصية حقيقية ممن صادفهم موم أثناء عمله كطبيب؟.

بدايةً يصور لنا الكاتب" ليزا" على انها شخصية قوية وطموحة ورافضة لحياة الفقر التي تعيشها ووالدتها في هذا المكان البائس حيث الناس هناك يكثرون من شرب المشروبات الروحية ليتناسوا بؤسهم. 

"وبدت ليزا في رقصها تفوقهم جميعاً، وإذا كان الآخرون يبدوم كملكات فخمة،فإن ليزا تبدو كإمبراطورة أفخم. إن الجاذبية والكرامة التي كانت ترقص بها الفالس كانت شيئاً مروعاً، وكأنها ملكة منتخبة للجمال والمرح".

 لكن سرعان ما تتهاوى هذه الصورة عندما تقع فتاة لامبيث في حب"جيم"وهو رجل يكبرها سناً متزوج ولديه 5 أولاد فما الذي دفعَها لمثل هذا الحب غير احتياجها الى الإحساس بوجود "بديل الأب" (فعوضَها عن هذا الفقد).

وقسم موم الرواية الى عدة فصول وطريقة السرد كانت مقسمة بين الراوي العليم العارف بكل شيء وبين شخوص الرواية والحوارات القائمة بينهم، ومن المعروف ان صاحب"كنت جاسوساً" الذي تربى في باريس وعشق الحياة فيها والسفر بين البلدان كانَ ناقداً لاذعاً لمجتمع المملكة المتحدة، بينما يزداد أنبهارنا بكل الصور التي تصف لنا حياة المجتمع الفكتوري في لندن يصف لنا موم بواقعيته حقيقة أحياء لندن الفقيرة في ذلك الزمن حيث الإهمال والجوع وغياب الوعي وانجاب عدد كبير من الأطفال بالإضافة إلى الوفيات المتزايدة بينهم  بسبب الأمراض والعوز، اكثر من مشكلة طرحها الكاتب في هذه المخطوطة أهمها واقع البسطاء في تلك الفترة، وتأثير الكحول على عقل الإنسان من خلال قصة الحب التي جمعت بين صديقة ليزا"سالي"وزوجها الذي افقده إدمانه السيطرة على نفسه فيبدأ بضرب زوجته وتعنيفها وصولاً الى الحدث الأهم في الرواية هو"العشق الممنوع"  بين ليزا وجيم.

هذا العشق الذي كان مرفوضاً من قبل كل سكان حي لامبيث المتعاطفين مع زوجة جيم مع ضعف إرادة الأخير  وانانية ألام " مسز كيمب"وفي هذه الشخصية ما يثير القارئ خصوصاً في المشاهد الأخيرة للرواية فيخيل لنا ان موم سمع هذا الحديث البارد عن الموت بين احدى الامهات وجارتها واقعياً عندما كان طبيباً، وصور لنا على الورق صورة الأم التي تناقش امر التأمين والدفن بينما ابنتها ماتزال تحتضر.

من كان السبب الحقيقي في وفاة ليزا ضروف عشيقها وفقدانها لطفلها  ام تعنيف زوجته!، السبب الحقيقي في موت ليزا هي ليزا نفسها عندما وهبت حياتها لرجل عاجز عن التضحية في سبيل هذا الحب، لتموت فاتنة هذا الحي الفقير تاركة حب عمرها يعود الى زوجته وحياته، وام جشعة تعدُ نقود التأمين بعد وفاة ابنتها فينطفأ مصباح فتاة لامبيث ويحل شبح الموت وسكونه في هذا الشارع العتيق.