مات العطار الايراني

فات وقت الاصلاح والاصلاحيين في إيران.

هل يمكن للسلطات الايرانية أن تخرج من الازمة الحالية التي إنزلقت إليها بفعل الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي وما تبعه من فرض الدفعة الاولى من العقوبات الاميركية "الاقسى من نوعها" على إيران؟ هل إن وحدة الصف في داخل النظام وإصطفاف الجناحين في خانة واحدة، من شأنه كبح جماح الاميركيين وإحباط مخططهم؟ الحقيقة إنه كل ما إقترب موعد تطبيق الدفعة الثانية من العقوبات وهي التي من شأنها وضع قيود على بيع النفط الايراني وما يعنيه ذلك للإقتصاد الايراني المعتمد أساسا على بيع النفط، فإن التوتر والقلق يبدوان واضحين أشد الوضوح على القادة والمسٶولين الايرانيين خصوصا وإنهم يعيشون هاجس تجدد الانتفاضة الشعبية ضدهم وإندلاعها في أية لحظة.

الاستهانة بالدفعة الاولى من العقوبات الاميركية والاستخفاف بالدفعة الثانية، كما يتم الاعراب عنه من جانب المسٶولين الايرانيين ولاسيما المرشد الاعلى خامنئي نفسه، أمر لا يبعث على الطمأنينة والراحة لدى الشارع الايراني، ذلك إن السلطات الايرانية تكيل بمكيالين. فهي مع إستخفافها وإستهانتها بالعقوبات فإنها تبادر الى العمل بكل ما من شأنه حفظ النظام من جانب وإلقاء كل الثقل والآثار والتداعيات السيئة على الشعب، وهو ما سيضاعف من معاناة الشعب ويجعله في حالة أسوأ من حالته البائسة.

هذا التوجه الرسمي للنظام بإلقاء العبء والثقل كله على كاهل الشعب الايراني، يهدف الى تحقيق هدفين؛ أولهما المحافظة على رصيد العملات الصعبة لدى النظام وعدم صرفها لتحسين أوضاع الشعب، وثانيهما التهرب من الحل السياسي بالاستجابة للضغوط الاميركية وفتح باب الحوار والذي من الواضح إنه لن ينتهي كما إنتهى الحوار الذي أفضى الى الاتفاق النووي. طهران تعلم بأن واشنطن جادة هذه المرة ولن تسمح لطهران بأن تلعب عليها مرة أخرى ولذلك فإنها تطالبها بتنازلات ليست مٶلمة بل وحتى يمكن وصفها بالقاتلة الى حد ما، وتعلم طهران بأن الهدف هو النظام وليس الشعب. فالاميركيون يريدون تغييرا جديا في نهج وسلوك النظام وهو ما يعني تغيير الاستراتيجية التي يقوم عليه والتي تتكون من ثلاثة ركائز؛ قمع الشعب في الداخل، تصدير التطرف والارهاب والتدخل في بلدان المنطقة والسعي للحصول على أسلحة استراتيجية.

في هذا الخضم، وعندما يخرج علينا الرئيس الإيراني السابق، وزعيم ما يسمى بالتيار الإصلاحي، محمد خاتمي، مٶكدا بأن النظام الإيراني سينهار بالتأكيد إذا لم يجر الإصلاحات، مشددا على أن فشل العملية الإصلاحية تعني انهيار النظام، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تمر بها إيران جراء العقوبات الأميركية، فإن ما يدلو به لا يمكن أن يجدي نفعا ذلك إن الاصلاحات التي يطالب بها إضافة الى أنها لاتستهدف الاساس القمعي الاستبدادي للنظام، فإنها لم تر النور طوال أكثر من عقدين من المطالبة بهما والاهم من ذلك هو إن الشعب بنفسه لم يعد يثق بلعبة الاصلاح فهو يرى في التيار الاصلاحي ما يراه في التيار المتشدد، فكلاهما مرفوضين من قبله، ولا غرو من إن ما يدعو إليه خاتمي هو وضع فاسد لا يمكن لأي عطار أن يصلحه مع إننا واثقون بأن العطار الذي ينشده خاتمي قد مات منذ أن تأسس النظام!