ما الجديد الذي ستأتي به طهران؟

كلما ابتعدت إيران عن روح الاتفاق النووي، كلما زادت مشكلتها مع الأوروبيين وعززت لديهم الاعتقاد بأنها شريك لا يمكن الاعتماد عليه.

على أثر إقرار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قبل بضعة أيام، بأن مخزون بلاده من اليورانيوم المخصب قد تجاوز 300 كيلوغرام كما هددت إيران بالقيام به، ومع دعوة الاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء الماضي، إيران إلى التراجع عن تقليص التزامها بالنووي، مشيرا إلى التزامه بتنفيذ الاتفاق النووي طالما واصلت طهران تنفيذ تعهداتها. الى جانب دعوة روسيا أيضا إيران إلى "عدم الانسياق وراء العواطف" واحترام "الأحكام الأساسية" من الاتفاق النووي رغم الضغوط الأميركية، كما جاء على لسان سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في نفس اليوم الذي وجه فيه الاتحاد الاوربي دعوته لإيران، فإنه من الواضح بأن طهران لم تتمكن من كسب ولو حتى مجرد تأييد ضمني من جانب أوروبا وروسيا، وهو ما يبقي الكرة في الملعب الايراني وليس في الملعب الاميركي، كما خططت طهران لذلك.

التهديدات الايرانية التي ستٶول في نهاية المطاف، وكما أكد القادة الايرانيون، الى خروج إيران من الاتفاق النووي. وعلى افتراض إن الإيرانيين جادون فيما يقولون، فإنها وبحسب معظم القديرات والتحليلات، ليست في صالح إيران بأي شكل من الاشكال، بل وإن إيران ستجازف مجازفة كبيرة جدا وتخطو خطوة إستثنائية بإتجاه ما يمكن وصفه بالانتحار السياسي والاقتصادي معا، أو بتعبير أدق إن النظام يضع المسدس على رأسه بإنتظار الضغط على الزناد في أية لحظة.

الرد الاوروبي ـ الروسي على التهديدات الايرانية والذي جاء بصورة لا تتفق وتتناغم مع كانت طهران تنتظره من الاوروبيين عموما ومن الروس خصوصا، يدفع للتفكير بما يمكن أن تفكر به طهران من خطوة أو مناورة جديدة من أجل التأثير على الموقف الاميركي المتشدد، لكن الذي يجب ملاحظته هنا وأخذه بنظر الاعتبار، هو إن طهران قد سعت في بداية الامر من أجل اللعب على ورقة الرأي العام الاميركي عشية الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايراني للولايات المتحدة، ولكن، وعندما وجد إن الرأي العام الاميركي لا يأبه له وإنه على الاغلب يتفهم المواقف العقلانية الحذرة للرئيس ترامب، ولاسيما بعد إلغائه الهجوم الاخير على إيران في اللحظات الاخيرة والذي أعطى زخما وقوة لترامب داخليا على المستويين الشعبي والرسمي بل وحتى إن إستطلاعات الرأي تشير الى إن الشارع الاميركي يقف الى جانب الرئيس في سياسته حيال إيران والتي تعتمد على ممارسة الضغوط الاقتصادية بصورة غير عادية.

تخوف إيران الكبير جدا هو من الورقة الداخلية الايرانية التي لوح ترامب أكثر من مرة بها، بل وإن نائبه قد ذهب أبعد عندما أشاد بالتظاهرات العارمة التي نظمتها وتنظمها المقاومة الايرانية للآلاف من أبناء الجالية الايرانية مٶكدا ضرورة تأييد المطالب المشروعة للمتظاهرين، وإن استمرار الضغوط الاقتصادية الاميركية على الاقتصاد الايراني المتهالك من شأنه أن يٶثر كثيرا على الاوضاع الداخلية الايرانية ولاسيما خلال الاشهر القليلة القادمة، ولكن التهديدات الايرانية الاخيرة والتي لم تحقق أية نتيجة إيجابية، فإن من شأنها أن تزيد الطين بلة، خصوصا إذا أفضت الى خروج إيران من الاتفاق النووي وهو ما يعني عودة العقوبات الدولية والذي يعرف القادة الايرانيون قبل غيرهم بأنها ستفجر الاوضاع الداخلية ضدهم!