ما الضمان لإيران مسالمة؟

لا يوجد شيء في إيران إسمه رئيس مسالم ومرشد يدعو للحرب. إيران نظام واحد إسمه ولاية الفقيه لا يفهمها من هو مثل جون كيري.

هل يمكن ضمان الامن والاستقرار في المنطقة مع بقاء النظام الحالي حاكما في إيران؟ هل يمكن لإيران أن تضع حدا لمشروع الخميني الفكري ـ السياسي وتنهي تدخلاتها في المنطقة؟ هل يمكن أن تلتزم إيران بأية تعهدات دولية تتناقض مع مشروع الخميني؟ والسٶال الذي من المفيد جدا طرحه بهذا السياق هو: هل تمكن الاتفاق النووي الذي تم إبرامه مع إيران في عام 2015، من جعل إيران أكثر أمانا في المنطقة والعالم؟ الاجوبة على هذه الاسئلة التي تدور كلها في سياق واحد، يمكن أن يعطينا صورة واضحة جدا عن إمكانية إعادة تأهيل إيران "كنظام حاكم" وتأقلمها مع المنطقة والعالم. ولكن لا يبدو إن الاجوبة إيجابية ولاسيما إذا ما نظرنا الى الواقع الموضوعي في إيران والاحداث والتطورات الجارية هناك.

الفلسفة التي بني على أساسها النظام الحاكم في إيران، هي فلسفة توسعية شئنا أم أبينا، ذلك إنه وبموجب نظرية "ولاية الفقيه"، يعتبر "الولي الفقيه"، ولي أمر المسلمين وإن من يقلدونه في بلدان المنطقة والعالم عليهم أن ينفذوا فتاويه التي يصدرها، حتى وإن كان ضد بلدانهم وشعوبهم، وإن نظرة واحدة على الاحزاب والميليشيات والجماعات التابعة لإيران وفق الشرح هذا، تثبت لنا ذلك، خصوصا عندما يعتبرون طاعة خامنئي وتنفيذ أوامره فوق طاعة حكومات بلدانهم. وهذه الحالة باقية لا يمكن أن تتغير أبدا بصعود تيار روحاني (على فرض لو كان حتى مٶثرا)، بل وإن روحاني نفسه طالما تفاخر بالتدخلات في المنطقة وبرر الاعدامات وإعتبرها ضرورية حتى.

عندما يقول جون كيري، وزير الخارجية الاميركي السابق إن "ما فعله ترامب هو تقوية الإيرانيين المعارضين للتعامل مع الولايات المتحدة"، وإنه يعتقد أن الرئيس الإيراني حسن روحاني كان "يحاول دفع البلاد نحو اتجاه مختلف"، فإن كلامه هذا لا يمكن أبدا أن يتطابق مع ماسردناه أعلاه والذي يعتبر أساس وحجر الزاوية للحكم الايراني، بل وإن كيري عندما يزعم بأن الولايات المتحدة كانت "تحملهم فعليا على القيام بالأمور بهدوء"، بما في ذلك تهدئة النزاع في اليمن. لكن ما جرى في اليمن حتى في عهد أوباما كان على النقيض من ذلك، فهو كما في العراق مثلا، كان يٶسس لترسيخ وتقوية النفوذ الايراني في اليمن وليس العكس كما يقول كيري، خصوصا وإنه ليس هناك ما يدعم أقواله هذه.

المشكلة الاساسية بل جوهر القضية في إيران، تكمن في نظرية ولاية الفقيه، إذ أن بقائها وإستمرارها يعني بقاء وإستمرار النهج الذي تسير عليه إيران منذ أربعة عقود ولحد يومنا هذا، وكما هو واضح فإن تيار روحاني، لا يسعى من أجل تغيير النظام كما يمكن أن يعتقد البعض، وانما يسعى لتجميله وجعله مقبولا أمام العالم وهو لا ولم يعلن يوما عن معارضته لنظام ولاية الفقيه ومن هنا ووفق ما قد أسلفنا ذكره، فإنه ليس هناك من ضمان لإيران مسالمة في المنطقة، الضمان الوحيد هو التغيير الجذري والذي لا يمكن أن يتم إلا بإسقاط النظام.