مخاوف متزايدة في أفغانستان من توسيع طالبان مناطق سيطرتها

تقدم طالبان نحو السيطرة على مزيد من المناطق يستنفر السلطات الأفغانية ويدفعها لتشغيل نظام دفاع جوي لحماية مطار كابول في مؤشر جديد إلى المخاوف المتنامية مع التقدّم السريع للمتمردين.
مخاوف من قصف مطار كابول من قبل متمردي طالبان
طالبان تغتنم رحيل القوات الأجنبية للتمدد في مناطق شاسعة بالعمق الأفغاني
الولايات المتحدة تطوي صفحة "الحروب بلا نهاية" بانسحابها من أفغانستان

كابول - أعلنت السلطات الأفغانية الأحد تشغيل "نظام دفاع جوي" لحماية مطار كابول، سبيل الخروج الوحيد للرعايا الأجانب، في مؤشر جديد إلى المخاوف المتنامية مع التقدّم السريع لمتمردي حركة طالبان والتي تجسّد آخرها بإجلاء الهند موظفي قنصليتها في قندهار.

ففي ضوء شروع القوات الأجنبية في الانسحاب نهائياً من البلاد، أطلقت طالبان في بداية مايو/أيار هجوماً واسع النطاق على القوات الأفغانية المرتبكة لفقدانها الدعم الجوي الأميركي بالغ الأهمية، غانمةً مساحات شاسعة في العمق الأفغاني.

ولم تعد القوات الأفغانية تسيطر سوى على المحاور الرئيسية وكبرى المدن الإقليمية وسط حصار يفرضه المتمردون حول الكثير منها.

وباتت طالبان تسيطر على عدّة مناطق مجاورة للعاصمة الأفغانية، ما أثار الخشية من شنّ هجوم على كابول أو مطارها في المدى المنظور.

وقالت وزارة الداخلية الأفغانية في بيان إنّ "نظام الدفاع الجوي الحديث الإنشاء دخل طور التشغيل عند الساعة 2:00 فجر هذا الأحد" (21:30 السبت ت غ)، مضيفة "أثبتت هذه المنظومة فاعليتها في أرجاء العالم في صدّ الهجمات بالصواريخ والقذائف".

واكتفى المتحدث باسم الوزارة طارق عريان بالتوضيح لفرانس براس أنّها نشِرت في مطار كابول، ولا تحمي سوى منشآته.

بدوره، كشف المتحدث باسم القوى الأمنية الأفغانية أجمل عمر شينواري إنّ المنظومة "زوّدنا بها أصدقاؤنا الأجانب وحتى الساعة، يستمرون في تشغيلها ريثما نكتسب الدراية".

وطوال 20 عاماً في أفغانستان كانت القوات الأميركية قد زوّدت قواعدها بعدة منظومات من طراز "سيرام/C-RAM" القادرة على رصد القذائف وتدميرها. وكانت منظومة مماثلة موجودة في قاعدة برغام الضخمة على مسافة 50 كلم شمال كابول والتي استلمتها القوات الأفغانية في بداية يوليو/تموز.

إن كان الانسحاب الأميركي من أفغانستان يجري بسرعة خاطفة باغتت الكثيرين، فالواقع أن واشنطن قررت قبل أربع سنوات أنها سئمت "الحروب بلا نهاية"، محولة اهتمامها إلى مجال المنافسة مع دول كبرى مثل الصين وروسيا.

فالحملة ضد مجموعات إرهابية خارجة عن نطاق أي دولة مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية استهلكت كل إمكانات المؤسسة الأمنية الأميركية والتهمت تريليونات الدولارات منذ اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.

انسحاب القوات الأجنبية يربك القوات الأفغانية ويفسح المجال لتمدد طالبان
انسحاب القوات الأجنبية يربك القوات الأفغانية ويفسح المجال لتمدد طالبان

إجلاء دبلوماسيين

سبق لطالبان أن نفذت سلسلة هجمات بالقذائف على القوات الأفغانية والأجنبية، كما شنّ تنظيم الدولة الإسلامية عام 2020 هجوماً مماثلاً على كابول.

وقال مصدر أمني أجنبي إنّ "طالبان تفتقر إلى الوسائل المنظمة، ولكنّها أثبتت قدرتها على إطلاق قذائف معدّلة من آليات وإثارة الذعر، خصوصا في حال استهدافها مطارا".

وكانت تركيا أعلنت التزامها ضمان أمن مطار كابول مع انتهاء انسحاب القوات الأميركية والأجنبية المرتقب في 31 اغسطس/آب، فيما كشف الرئيس رجب طيب إردوغان الجمعة أنّ أنقرة وواشنطن اتفقتا على "ترتيبات" تسلّم قوات بلاده المطار.

وفي انعكاس للمخاوف المتنامية من الاشتباكات قرب قندهار، أعلنت الهند إجلاء موظفيها من قنصليتها في كبرى مدن الجنوب الأفغاني.

فقد شكّلت ولاية قندهار، المعقل التاريخي لطالبان، مسرحا لاشتباكات عنيفة في الآونة الأخيرة. واستولى المتمردون في بداية يوليو/تموز/على إقليم بنجاوي على مسافة 15 كلم من قندهار المدينة واعتدوا الجمعة على سجن في ضواحيها ولكن جرى صدّهم.

وقالت وزارة الخارجية الهندية إنّ "القنصلية العامة (في قندهار) لم تغلق أبوابها. ولكن بسبب القتال العنيف قرب قندهار، جرى إجلاء موظفيها الهنود في الوقت الحالي"، مضيفة "إنّه تدبير موقت تماماً، إلى حين استقرار الوضع. تتابع القنصلية عملها بفضل موظفيها المحليين".

وأفاد مصدر أمني في كابول أنّ نحو 50 شخصا هنديا من موظفي السفارة، بينهم ستة دبلوماسيين، جرى إجلاؤهم من قندهار، من دون معرفة إن كانت وجهتهم الأخيرة العاصمة الأفغانية أو نيودلهي.

وكانت روسيا أيضاً أغلقت حديثاً قنصليتها في مزار شريف، أبرز مدن ولاية بلخ المحاذية للحدود مع اوزبكستان، في قرار اتّخِذ على خلفية المعارك في شمال أفغانستان.

كما دعت بكين رعاياها إلى مغادرة البلاد وأجلت 210 من بينهم في بداية تموز/يوليو.

من جهتها، دعت وزارة اللاجئين الأفغانية الدول الأوروبية إلى التوقف عن ترحيل مهاجرين في الأشهر الثلاثة المقبلة بسبب "تصاعد العنف" وتفشي وباء كوفيد-19.

وحاول أجمل عمر شينواري بثّ الطمأنينة الأحد نافياً سيطرة طالبان على 85 بالمئة من مساحة البلاد كما تدّعي، وهي تصريحات يستحيل التثبت من صحتها بصورة مستقلة.

وقال "ليس صحيحاً. المعارك مستمرة في غالبية المناطق" التي تدّعي طالبان الاستيلاء عليها، مكررا الدعوة إلى الشبان للالتحاق بالجيش، موضحا أنّ "الحكومة يسّرت إجراءات التجنيد".

ويأتي هذا التصريح تزامناً مع حشد الحكومة وزعماء حرب يناهضون طالبان ميليشيات محلية، ما يثير الخوف من وقوع حرب أهلية جديدة.

إلا أنّ منصور أحمد خان، سفير باكستان التي اتهمت كثيرا بمساندة طالبان، حذّر السبت من نشر الميليشيات، موضحا لفرانس برس أنّ من شأن ذلك مفاقمة الوضع في البلاد وإفساح المجال أمام تنظيمي القاعدة أو الدولة الإسلامية.