مخاوف من اختطاف حزب الله للحراك الشعبي أو تخريبه

الجيش اللبناني يمنع مسيرة في السيارات وعلى الدراجات تحمل أعلام حزب الله وحركة أمل من اختراق مقر الاعتصام وسط بيروت.

احتجاجات لبنان العابرة للطائفية تربك أحزاب السلطة وحزب الله
حزب الله يتحاشى ردا عنيفا في معاقل الشيعة خشية تمدد الاحتجاجات
لا قداسة لنصرالله وزعامات السلطة في الحراك الشعبي
الاحتجاجات الشعبية تهدد مكاسب حزب الله وهيمنته على السلطة
إيران تروج للحراك اللبناني على أنه مؤامرة خارجية كما فعلت مع الحراك العراقي

بيروت - هزّت الاحتجاجات في لبنان كل القوى السياسية بمن فيها حزب الله، كاسرة المحرمات لتطال الشتائم أمين عام الحزب حسن نصرالله من داخل معاقل الشيعة في سابقة تشير إلى انعطافة في تاريخ لبنان المحكوم بنظام المحاصصة الطائفية وزعامات قامت على الإرث الأسلاف السياسي أكثر من قيامها على برامج ورؤى سياسية واضحة.

وترى بعض التحليلات أن منظومة الحكم التي فشلت وعودها وورقة الإصلاحات التي أقرها مجلس الوزراء اليوم الاثنين في تهدئة الاحتجاجات، ربما لاتزال تحتفظ بأساليب أخرى لإخماد الحراك الشعبي.

ولم تخف أوساط لبنانية من قيام ميليشيات تابعة لأحزاب السلطة بمواجهة المظاهرات وتحويلها من حالات الفرح التي تعيشها إلى حالة رعب وخوف تفرّغها من بعدها الجماهيري المدني.

وتسود لبنان أيضا مخاوف من ردّ فعل حزب الله تحديدا حيث يُرجّح أنه لن يستطيع تحمل تبعات الحراك الشعبي العابر للطوائف والذي خرج عن المألوف بأن وضع المحتجون كل الزعامات السياسية التي تمثل منظومة الحكم، في سلّة واحدة كسبب في الأزمة التي تدفع بشدّ الاقتصاد إلى حافة الهاوية وضربت ارتداداتها مقدرتهم الشرائية ومعاشهم اليومي.

تصريحات نصرالله الأخيرة تتضمن تهديدات مبطنة للحراك الشعبي
تصريحات نصرالله الأخيرة تتضمن تهديدات مبطنة للحراك الشعبي

وتذهب بعض التحليلات إلى أن حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا المدّ الشعبي الرافض لمنظومة الحكم والذي تمرد على كل المحرمات مع تمدد الحراك الشعبي وعلى نحو مقلق إلى جنوب لبنان والبقاع الشمالي وهي معاقل شعبية أساسية للحزب في لبنان.

وإلى حدّ الآن لم ينزل الشيعة من أنصار حزب الله بثقلهم إلى الشارع ولم يتحرك الحزب لوقف الحراك، في تطور يشير إلى أن هذا الموقف ربما سيشجع مزيدا من اللبنانيين الشيعة المحسوبين على "جمهور المقاومة" على مغادرة "الغيتو" الفكري للجماعة الشيعية للالتحاق بباقي الشرائح السياسية والمدنية اللبنانية في حراكها الجماعي للتخلص من النخبة السياسية المهيمن على الحكم منذ عقود بحكم المحاصصة الطائفية والتوريث السياسي.

ونفى حزب الله في بيان له مساء اليوم الاثنين علاقته بمظاهرة للدراجات النارية والسيارات ترفع أعلام الحزب  وأعلام حركة أمل، كانت نزلت إلى وسط بيروت.

وقال الحزب في بيان "يهم العلاقات الإعلامية في حزب الله أن توضح أن حزب الله ليس له علاقة بتاتا بمظاهرة الدراجات النارية التي نزلت مساء اليوم إلى وسط بيروت".

وكانت مسيرة للدراجات النارية تحمل أعلاما لحزب الله وحركة أمل قد جابت مساء الاثنين عددا من شوارع بيروت وحاولت الدخول إلى وسط العاصمة الذي يشهد احتجاجات مطلبية وقام الجيش اللبناني بمنعهم من الاقتراب من المعتصمين.

واعتبرت مصادر سياسية أن تصريحات نصرالله الأخيرة التي هدد فيها بالنزول للشارع تعتبر خطيرة في توقيتها ومضامينها.

وكان قد رفض الدعوة إلى إسقاط العهد وهدد الهاربين من المسؤولية بالمحاكمة ملمحا لإسقاط الحكومة أو استقالتها.

وأشارت إلى أن نصرالله ينظر للحراك الشعبي العابر للطائفية، كتهديد لـ"دولة حزب الله" في لبنان بعد أن تغلغل الحزب في مفاصل الدولة وارتهن سياستها بولائه لإيران أكثر من ولائه للبنان.

ومسيرة الدراجات النارية التي حاولت اليوم الاثنين اختراق ساحة الحراك الشعبي شكّلت رسالة من حزب الله للمحتجين الرافضين لكل القوى السياسية بمن فيها حزبه.

ورأت المصادر أن نصر الله يتصرف من موقع اعتباره أن الحراك اللبناني يهدد "دولة حزب الله" في لبنان، وأن الحزب سيتخذ التدابير اللازمة لمنع ذلك.

وتأتي هذه التطورات وسط معلومات تشير إلى أن كوادر حزب الله تعمل في صمت لاستعادة الحاضنة التقليدية للحزب.

وتخشى دوائر القرار في حزب الله من أي تحرك عنيف قد يقوم به الحزب في هذا التوقيت في المناطق الشيعية التي تعالت فيها لأول مرة شتائم طالت نصرالله، قد يواجه بردّ فعل عكسي بحيث يوسع (رد الفعل العنيف) من الحضور الشيعي في الحراك الشعبي.

والرهان على اكتساح الشارع واختراق الحراك الشعبي على غرار ما فعل حزب الله وحلفاؤه حين احتلوا وسط بيروت وعطلوا البرلمان وحاصروا مقرّ الحكومة، قد لا يلقى تجاوبا داخل معاقل الشيعة هذه المرة والتي قد ترفض الاصطفاف معه في مواجهة بقية اللبنانيين.

عون وفريقه بقيادة صهره باسيل يراهنان على دور لحزب الله في وقف الحراك
عون وفريقه بقيادة صهره باسيل يراهنان على دور لحزب الله في وقف الحراك

وتهدد الانتفاضة الشعبية التي لا لون طائفيا أو سياسيا فيها،المكاسب التي حققها حزب الله خلال السنوات الأخيرة من هيمنة على السلطة والحكم وهو مصدر الخطر الذي يستشعره الحزب وقد يدفعه إلى جانب الضغوط الدولية والإقليمية للمجازفة والتحرك لوأد الحراك الشعبي.

وتسوق إيران هذه الأيام عبر وسائل إعلامها للحراك الشعبي في لبنان على أنه مؤامرة على تيار الممانعة والمقاومة تماما كما فعلت حين اندلعت الاحتجاجات العابرة للطائفية في العراق، فقد حذّرت من استغلال قوى خارجية الاحتجاجات العراقية لنشر الفوضى.

وتسويق طهران للاحتجاجات الشعبية في لبنان على أنها مؤامرة يعطي لحزب الله الذي يدين لولاية الفقيه، الحجة للتحرك لإخماد الحراك.

وتذهب بعض المراجع السياسية المسيحية إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن صمت الرئيس اللبناني العماد ميشال عون والاكتفاء بالقول إن تلك الاحتجاجات تعبر عن آلام الناس لكن ليس من العدل أن توجه الاتهامات للجميع، يشير إلى أن عون وفريقه بقيادة صهره وزير الخارجية جبران باسيل يراهنان على دور لحزب الله في وقف الحراك خاصة بعد أن تعرض الحراك الشعبي للغطاء المسيحي الذي أمنه العماد عون لحزب الله منذ "ورقة التفاهم" الموقعة مع نصر الله في كنيسة مار مخايل في فبراير عام 2006.

وكشفت مصادر سياسية لبنانية أن بيروت تلقت بالفعل معلومات من عواصم خارجية تحذر من عمليات تخريب تُعد من أجل تقويض الحراك الشعبي في لبنان أو التأثير على طبيعته وعلى شعاراته.

وأشارت إلى أن الاحتجاجات تهدد المنظومة الحاكمة برمتها ما قد يدفعها إلى التحرك بكل الوسائل للحدّ من توسع المدّ الشعبي المناوئ لها

وأضافت المصادر أن التحذيرات الخارجية تضاف إلى أعراض داخلية أخرى تجري مراقبتها عن كثب. وتعتبر المصادر أن النظام السياسي اللبناني برمته قد يعمد إلى التحرك بوسائل مختلفة للحد من المدّ الشعبي الذي انفجر منذ مساء الخميس الماضي.

وتنذر هذه التطورات مجتمعة بصدام حتمي في بين منظومة الحكم بكل أجهزتها مع الحراك الشعبي الذي رفض مغادرة الشارع حتى بعد الإجراءات الإصلاحية التسكينية، لكن مصادر استبعدت أن ينخرط الجيش اللبناني أو قوى الأمن الداخلي في مواجهة مع المحتجين وأن بيان الجيش الأخير يشير إلى أنه سينأى بنفسه عن الصدام مع المنتفضين على منظومة الحكم.

كذلك  أعطى تحرك وزيرة الداخلية ريا الحسن لوقف أعمال العنف التي مارسها بعض رجال الأمن ضد المتظاهرين وأمرها بإطلاق سراح كافة المعتقلين، إشارة قوية إلى أنها تسعى لعدم دخول قوات الأمن في مواجهة مع المحتجين.