مخرجون يرسمون هوية سينمائية في 'أحداث بلا دلالة' المغربي

الفيلم المعروض في قسم 'بانوراما السينما المغربية' بمهرجان مراكش يسلط الضوء على فترة كانت السينما المغربية فيها تتلمس خطواتها وتحاول إعادة تعريف نفسها في حقبة ما بعد الاستقلال.
عناصر المغامرة في الفيلم تتجاوز فكرته الى ظروف إنتاجه وعرضه
'فيلموتيكا دي قطالونيا' قامت بترميم النسخة الأصلية من الفيلم
علامات مميزة في تاريخ السينما المغربية في مهرجان مراكش

مراكش (المغرب) - في مدينة الدار البيضاء وفي العام 1974، يقرر أربعة مخرجين مغاربة النزول للشوارع والتحاور مع الناس بشأن سؤال يعتبرونه مصيريا.. ما نوع السينما التي يحتاجها المغرب؟
تجربة فريدة أخرجها للنور المخرج المغربي المخضرم مصطفى الدرقاوي في فيلمه "أحداث بلا دلالة" الذي عرض السبت في قسم "بانوراما السينما المغربية" خلال الدورة الثامنة عشر من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
تدور أحداث الفيلم حول أربعة مخرجين شبان يحاولون رسم ملامح الهوية السينمائية المغربية في فترة السبعينيات، وهي الفترة الي كانت السينما المغربية فيها تتلمس خطواتها وتحاول إعادة تعريف نفسها في حقبة ما بعد الاستقلال.
يقرر الأربعة النزول إلى الشوارع للتحاور مع الناس ومعرفة انطباعاتهم عن السينما المغربية وتوقعاتهم لما يجب أن تتناوله هذه السينما.
بطبيعة الحال تتنوع الإجابات بين من لا يهتم سوى بالقيمة الترفيهية للسينما ومن يريد للسينما أن تكون صوت الطبقة العاملة والمنبر البصري لطرح مشاكلها ومن يريد أفلاما شخصية حميمية، لكن الإجابة التي تثير اهتمام المخرجين الأربعة تأتيهم على لسان عامل ميناء عندما يقول لهم "أنا لا أعرف ما انتظره من السينما".

يقودهم فضولهم تجاه هذا العامل إلى تتبعه وتتخذ أحداث الفيلم منحى مثيراً عندما يوثق هؤلاء المخرجون بكاميرتهم جريمة قتل يرتكبها هذا العامل. ويجبرهم البحث عن الدافع وراء هذه الجريمة على إعادة النظر في تصوراتهم عن السينما ودور الفنان في المجتمع.
يغلب على الفيلم الروائي طابع وثائقي واضح، بفضل الحركة الانسيابية للكاميرا التي تدور لتلتقط المحادثات بشكل يبدو عشوائيا. ويشارك في بطولة الفيلم نخبة من أهم فناني ومثقفي المغرب في ذلك الوقت مثل محمد الدرهم نجم مجموعة جيل جيلالة، وعبدالعزيز الطاهري وعمر السيد نجمي من مجموعة ناس الغيوان، والصحفي خالد الجامعي، والشاعر مصطفى نيسابوري والمخرج شفيق السحيمي.

لكن عنصر المغامرة في هذا الفيلم لا يقتصر على فكرته فحسب بل على ظروف إنتاجه وعرضه أيضا. فالفيلم الذي أنتج عام 1974 لم يعرض سوى مرة واحدة في باريس، لينتهي الأمر بالفيلم في خزانة الأرشيف بإقليم قطالونيا الإسباني ويطويه النسيان لعقود حتى اعتقد أنه فقد.
لكن مؤسسة "فيلموتيكا دي قطالونيا" استخرجت النسخة الأصلية من الفيلم المصورة بخام 16 ميليمترا وعملت على ترميمه ليعود الفيلم إلى النور مرة أخرى ويعرض بعد أكثر من أربعين عاما على إنتاجه للمرة الأولى في مهرجان برلين السينمائي في فبراير/شباط.
ويعرض قسم بانوراما السينما المغربية خمسة أفلام تعد علامات مميزة في تاريخ السينما المغربية في مختلف مراحله.
وتستمر الدورة الحالية من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي يبرهن على حركة فنية نشطة في المغرب حتى السابع من ديسمبر/كانون الأول.