مراجعة نقدية لـ'مستقر محمود درويش' بين الذاتي والموضوعي
بعد القراءة الأولى التي قدمتها في كتاب "مستقر محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ"، (صحيفة الاتحاد، حيفا، 29/11/2024) وتناولت فيها ما اعتقدت أن صاحبه الناقد صبحي حديدي يبتغي تحقيقه، ألا وهو رسم صورة مثالية لمحمود درويش، ولم أتعرض فيها إلى "منهج التأليف"، ولهذا الغرض أخصص هذه الوقفة.
أولاً: من الضروري أن أشير أن كتاب حديدي هذا، يتألف من مجموعة من المقاربات الطويلة، أو الطويلة نسبياً، وبعض المقالات التي تندرج ضمن "مقالات الرأي" الصحفية التي نشرها الكاتب في الصحف والمجلات قبل أن تستقرّ في كتاب مطبوع. والجامع لهذه المواد هو أن موضوعها الشاعر محمود درويش. تغطي مادة الكتاب فترة تمتد ما بين أواسط التسعينيات حتى الشهور الأولى من عام 2024، كما جاء في المقدمة، وهي فترة طويلة، مؤسسة أيضاً على فترة أبعد من هذه الفترة؛ إذ تعود هذه المعايشة إلى وقت مبكر في حياة الناقد. وقد نشر بعضها- وربما كلها- في صحف ومجلات عربية، من بينها على سبيل المثال، لا الحصر، القدس العربي، ومجلة دراسات فلسطينية.
هذه الملحوظة لها أثرها في الكتاب، مع تأكيد شرعية هذا النوع من التأليف، وكثير من الكتاب يلجؤون إليه على نحو لا يجعله نافراً، ولا مستكرهاً، أو معيباً، إنما هو شكل من أشكال التأليف، لكنها تترك أثرها السلبي، فيكون في الكتاب شيء من التكرار، كما حدث مع الناقد صبحي حديدي في مؤلفه هذا فيما يخص مثلا الحديث عن ديوان درويش الأول الذي أعدمه "عصافير بلا أجنحة"، فقد تكررت بعض العبارات التي تخص هذا الإعدام في غير موضوع. والشيء نفسه حدث عندما وصف الناقد ديوان "سرير الغريبة" في أنه من "مرحلة الموضوعات المستقلة".
لقد تفلتت من الناقد أيضا بعض العبارات التي كانت تشير إلى راهنية الكتابة الأولى، كوصفه لأحد دواوين الشاعر أو كتبه أنه "الأخير"، أو استخدامه الظرفي الراهن "الآن"، ومعروف أن ذلك "الأخير" وذلك "الآن" أصبحا متجاوزين وقد نشر الكتاب بعد أن راكم درويش بعد زمن الكتابة إنجازات أخرى، فكان حريّاً به أن يلتفت الناقد إلى ذلك، علما أن الناقد لم يشر إلى زمن كتابة كل مادة من المواد، ولا أين نشرت، عدا الحوار المثبت في القسم الثالث الذي يعود إلى عام 1997.
وكل هذه المواد لها علاقة مباشرة بالشاعر محمود درويش وشعره إلا تلك المقالة الصحفية التي تعود إلى عام 2007، ونشرت أولاً في صحيفة القدس العربي تحت عنوان "جدل الشاعر الكبير"، فلم يكن موضوعها الشاعر درويش، فموضوع المقال يتناول أساسا مناقشة تصريح للناقد المصري جابر عصفور، أشار فيها إلى شعراء ثلاثة كبار، أحدهم محمود درويش. هل هذا الذكر يؤهّل المقالة لتكون في الكتاب؟ رأيتها بعيدة عن هدف الكتاب التمجيدي لدرويش. يذكرني هذا بالكيفية التي بنى فيها الناقد عبد الله الغذامي كتابه "اللابس المتلبس"، حيث جمع فيه كل مادة ورد فيها للمتنبي ذكر، حتى لو لم تكن في صلب مناقشة المتنبي وأفكاره وقصائده.
عدا أن الناقد حديدي خصص جزءا كبيرا من تلك المقالة للحديث عن الشاعر زهير أبو شايب. فما هو الداعي لذلك؟ وهل كان إقحامها في الكتاب نوعا من استرضاء الشاعر أبو شايب، العامل في دار النشر التي أصدرت الكتاب، بحيث يجعله "شاعراً كبيراً" يُقرأ في سياق ممتدّ للشاعر الكبير "محمود درويش"؟ أم أن الناقد لم ينتبه إلى ما في المقالة من جدل ليس له صلة كبرى بدرويش، مطمئنا إلى العنوان فقط، فلم يُعد القراءة؟ لكنني لا أعتقد أن أحدا من المؤلفين المتمرسين بصنعة الكتابة، ولا حتى أي كاتب ولو كان مبتدئاً، فقيرا، يبحث عن مادة لتضخيم كتابه، يفعل مثل هذا، وبطبيعة الحال، لن يفعلها الناقد صبحي حديدي لهذا الغرض.
أم كان الناقد مأخوذا بألق العنوان على اعتبار أن درويش هو الشاعر الكبير؟ ولذلك جاءت المقالة نوعاً من "اللعب على الحبلين"، وفيها مراوغة للقارئ وخداع له، لأن درويش حسب ما يحمل حديدي من أفكار تجاهه، لا يخضع لجدل الوصف، إنما كان غيره من يقع ضمن هذا الجدل، ومن بينهم الشاعر زهير أبو شايب، فيبدو دفاع الناقد عنه، دفاعاً باهتا وهو يجعله في سياق الضرورة الدرويشية التي جعلت كل الشعراء الفلسطينيين خلفه، فلا يقدّم ولا يؤخر مثل هذا الدفاع.
ثانياً: يفتقر الكتاب إلى البعد البحثي التوثيقي، فالناقد لم يقم بتأصيل آرائه ومقالاته، وما جاء من مراجع أو مصادر في ثنايا الكتاب كانت عرضية ثانوية، لا تمنح الكتاب بعدا بحثيا رصيناً، وفي تفسير هذه المسألة أقول إن طبيعة الكتاب ليست بحثية، كما أشرت في المراجعة الأولى، بل إنه يريد أن يقول وجهة نظره كناقد مقرّب من الشاعر، محل الحديث، وصلت العلاقة بينهما أنه كان "صديقا كبيرا، وأخا قريباً لم تلده أمّي"، فأراد إبراز ذاتيته أكثر من كونه باحثا يسير على أصول بحثية، تمنح كتابه أصالة وعمقاً يستمدهما من طبيعة بناء المادة، وتأصيلاتها العلمية والمنهجية، لا من طبيعة موضوع الكتاب المرتبط بالشاعر. وفي مثل هذا النوع من الكتابة يحتل الكاتب الناقد المحلّ الأول قبل الشاعر نفسه محل الحديث، لأن الهدف من الكتابة- على ما يبدو من الكتاب- إظهار قدرة الناقد على تحليل شعر الشاعر بعيدا عن أدوات منهجية خارج الذات، فلا يريد استحضار أدوات الآخرين لقراءة شعر صديقه المقرب، فعلاقتهما كفيلة أن تكون بديلا عن المنهج.
ومهما يكن من أمر هذا النوع من التأليف، وهو مشروع كذلك، لكن ما يعتريه من معايب النظرة الذاتية المغرقة في نرجستيها تجعل الدراسة نفسها، دراسة ذاتية، ومهما استطالت لا تعدو كونها نظرة انطباعية، وليست دراسة أو بحثاً.
ربما يراهن الناقد صبحي حديدي- أولاً- على سلطته النقدية التي بناها طويلاً، وكأنه- ثانياً- يريد أن يجعل نفسه مرجعا في دراسة درويش، بحكم تلك الصداقة التي خوّلت الناقد فهما أعمق لشعر الشاعر، فيحق له أن تكون تحليلاته الذاتية مرجعا بحكم هذه العلاقة، وفي كلتا المراهنتين ملحوظات سيحذرُ منها الدارسون لاحقاً، لأنها تُنقص من هيبتها البحثية الموضوعية؛ فهي لم تكن محايدة بشكل كافٍ، بل منحازة مرتين، إحداهما للذات، والأخرى للشاعر نفسه بوصفه يدور في "دائرته مع الذات وجزءا منها"، ولو على مستوى اللغة، وعلاقة الصداقة.
لذلك عادة ما تكون هذه الآراء من هذا الجانب غير موضوعية، ويُنظر إليها في المجتمع العلمي على أنها غير نزيهة، لأن ثمة عاطفة توجهها، وما زاد الطينَ بِلّة- كما يقول المثال- إعراب الناقد صراحة عن هذه العلاقة، ما يجعل كل تلك الآراء محل شكّ كبير من الدارس الموضوعي الذي يستنطق التجربة ذاتها كما استقرت عليه، دون روافع غير محايدة من أي دارس كان.
ثالثاً: من الواضح في الكتاب الاقتباسات الكثيرة الطويلة، بحيث يمكن أن تشكل ما يشبه المختارات الشعرية والنصية الممثلة لتجربة درويش الشعرية التي يريد الناقد أن يتشارك مع القارئ في قراءتها وتذوقها، وشملت هذه الاقتباسات الشعر والنثر، من دواوين وكتب وحوارات.
إلام تؤشّر هذه الاقتباسات بهذا الحجم؟ أعتقد أنها غير منبتّة في نشأتها عن تلك العلاقة التي تحكم الشاعر والناقد، ولعلها تجلٍّ من تجليات الذاتية، لكن في انحيازها لموضوع الكتاب لا لصاحب الدراسة، لكن هذا الدارس غير بريء في اختياراته المنصبّة في اتجاه تعزيز قدرة الذات على الاستمتاع بتلك الاقتباسات وفرضها على القارئ الذي سيستسلم نفسيا تحت ضغط السلطتين النقدية والإبداعية، فكل اقتباس هو في حقيقته تعبير عن الذات، وما يستكن فيها، فما بالكم إذا كانت كل المادة موجهة لهذا الغرض الذاتي، أو للتعبير عن حب الشاعر المقتبَس من أشعاره أو من دراسات تحوم حوله، وتسبّح بمجده العالي؟
رابعاً: يتتبع الناقد شعر درويش وتجربته، ويلجأ إلى ممرحلتها، ومن هذه المراحل، يذكر "مرحلة الموضوعات المستقلة"، ويدرج فيها دواوين: لماذا تركت الحصان وحيدا، وسرير الغريبة، والجدارية، وحالة حصار. ولم يفسر الناقد المقصود بالموضوعات المستقلة، سوى أن الشاعر في هذه المجموعات انتبه إلى شؤون نفسه، فهل هذا كافٍ لوصف تلك الدواوين أنها ذات موضوعات مستقلة؟ كأنه أراد استقلاليتها عن القضية الفلسطينية، وهذا هاجس ممتد في الكتاب، أعرب عنه الناقد منذ التقى بالشاعر أول مرة عام 1976، ويؤكده في قوله "بعد أن غادر صفة البطولة وانتقل إلى صفات اليومي العاديّ".
في اعتقادي إن ما قدّمه الناقد في هذه المرحلة من شعر درويش غير دقيق، وذلك لأن الشاعر- أي شاعر- بوصفه شاعرا غنائيا، دائما يلتفت إلى شؤون نفسه، فلم تكن ذات الشاعر مغيبة إطلاقا، عن قصائد من مثل "أحن إلى خبز أمي" مثلا، ولا عن قصائده المبكرة التي تجنح نحو الغزل في غرامياته اليهودية، وغيرها الكثير. ودرويش نفسه يقول في واحد من حواراته المبكرة: "إن الغناء العظيم لا يكون إلا فردي التأليف، جماعي البعد"، راسما تلك العلاقة التي تحكمه بين هاتين الدائرتين، فالشاعر جزء من المجموع، وله يتبع، ومنه ينبثق في رؤاه وتصوراته، حتى الذاتية المنغرسة في تربة الذات الحميمية جداً، كحديثه عن أمه، وعن حبيبته، وعن القهوة، وأشياء أخرى ذاتية الطابع.
ولو اطلع الناقد- وهذا قصور كبير منه- على ما وفّرته الباحثة امتياز دياب في كتابها المهم "ميلاد الكلمات" وما فيه من مواد ومخطوطات واعترافات درويشية، أو على ما صدر من كتب خلال فترة معايشة الناقد لأشعار الشاعر لم يكن ليقع في هذا الخلل، وربما هذا عائد مرة أخرى إلى البعد الذاتي المحض، وما يحيل عليه من الاستهانة بما قدّمه الآخرون من جهود في خدمة شعر الشاعر.
إضافة إلى أن هذه المجموعات الممرحلة في "الموضوعات المستقلة" تتحدث عن المعاناة الإنسانية، بما فيها معاناة الذات الشاعرة، وذات الفلسطيني، والشاعر عندما يتحدث عن ذاته إنما يضعها في السياق العام الوطني أو القومي وحتى العالمي الإنساني، وهي الدوائر التي وضعها غسان كنفاني مبكرا لأدب المقاومة، ومحمود درويش لم يكن ليفصل ذاته عن السياق العام، فعندما كتب ديوانه "حالة حصار" كان يتحدث عما أصاب رام الله من حصار همجي لدبابات الاحتلال، حيث الدمار والحصار حتى الموت خلال الانتفاضة الثانية (2000- 2007)، وجاء الديوان في ذروة التصعيد الصهيوني على الشعب الفلسطيني عام (2002)، كما أن درويش في هذه الحقبة من الإنتاج الشعري أنتج قصائد مهمة، ومنها قصيدة القربان التي رثى فيها الطفل الشهيد "محمد الدرة" الذي قتله الجنود عن سابق إصرار وتحدٍ في الثلاثين من شهر سبتمبر/ أيلول عام 2000، في البدايات الأولى لتلك الانتفاضة. يبدو أن الناقد لم يطلع اطلاعا جيدا على هذه المرحلة، أو أنه لم يرد أن يدرسها إلا كما توهم هو؛ بعيدا عن القضية الفلسطينية لتكون بنظره مستقلة، ولكن كيف تكون مستقلة ودرويش في ديوان "لماذا تركت الحصان وحيدا" لم يكتب سيرته الذاتية فقط، بل كتب سيرة اللجوء الفلسطيني، على قاعدة أنه واحد من الفلسطينيين اللاجئين، وواحد من العائدين تسللا، وواحد كذلك من الذين عانوا من مأزق المنفى داخل فلسطين، حيث لم يعد إلى قريته التي دُمرت بالكامل، وحل محلها مستعمرة صهيونية.
إذاً، فإن درويش في هذه المرحلة كان يرتفع بالذاتي إلى مصافّ الجماعي، وليس العكس، فلم ينزل "الموضوع الجماعي" ليكون شخصياً، لأن الشاعر مهمته معروفة، الحديث عن الذات في سياق التجربة العامة الجمعية، وهذا داخل في مفهوم "الغنائية" الشعرية، وهذا ما فعله درويش في شعر هذه المرحلة، عندما يُدرس دراسة منهجية موضوعية، خالية من النوازع الذاتية.
خامساً: يتجاهل الناقد بشكل لافت موضوع غناء شعر درويش، على الرغم من أن "الغنائية" بمفهومها الأساسي لها اتصال بموضوع تلحين قصائد الشاعر وأداء المطربين لها. إن الناقد يقفز عن هذا المعنى الأوليّ للغنائية، ويستتفهه تماما، فناقش على نحو سلبي هذه المسألة، معتبرا الأداء الغنائي الصائت نوعا من "التطريب المبتذل"، ويضيف قائلا: "ولا يعقل أن يلجأ إليه شاعر يشتغل على تقنيات مختلفة مثل تفجير اللغة والإيقاع الداخلي".
ومهما يكن من أمر، فإن في هذه المسألة التباسا لدى الناقد؛ إذ يضع كل التراث الشعري المغنّى بشقيه، سواء أسعى الشاعر إلى ذلك أم لم يسعَ، ضمن دائرة من الاتهام، فثمة شعراء كبار كتبوا القصائد لتغنى أصلا، وهي أعمال فنية ناجحة لغة وتلحينا وأداء، منذ الجاهلية وحتى العصر الحديث مرورا بكتاب الأغاني والموشحات. فكيف إذاً يمكننا فصل الشعر عن الغناء، وهو أداة من أدوات جماهيرية الشاعر، وشيوع شعره، واستحسانه؟
ربما ما دعا الناقد إلى التمترس حول هذه القناعة غير المقنعة للقارئ والباحث، وتنال بشيء من الاتهام تراث الحضارة العربية برمته، هدفه تغييب ما قام به الفنان مارسيل خليفة، فلم يذكره الناقد صبحي حديدي إطلاقاً على الرغم من العلاقة التي كانت تجمع الشاعر والمغني، حتى كادا يشكلان ثنائيا أشبه بثنائية الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، وأنتجت هذه العلاقة أعمالا فنية راقية، ستظل علامة فارقة في مسيرة محمود درويش، يعود الفضل فيها إلى الفنان مارسيل خليفة الذي أعجب بشعر الشاعر ولحنه قبل حتى أن يلتقي به أو يتعرف إليه، فهذه العلاقة بينهما من الأهمية بمكان، وكان من حقها الظهور والبيان وإعطاؤها شيئا من الحقّ، وباعتقادي يعود هذا التغييب إلى ذاتية الناقد المفرطة.
لقد كان لهذه التجربة أثرها في شعر درويش، وامتدّت إلى أن يكونا معا في الأمسيات الشعرية، مارسيل عازفاً، ودرويش مغردا شعرياً، ولم تقف عند مارسيل ودرويش، بل اشترك في ذلك نصير شمة، الموسيقي العراقي الشهير، والإخوة جبران. كما أن فنانين آخرين انتبهوا لسلاسة شعر درويش وأقبلوا على تلحينه وأدائه، دون أن يطلب درويش- حسب علمي- من أحد أن يغني له شعرا، بل إن هناك موقفا طريفا، متعلقا بقصيدة "يطير الحمام يحط الحمام"، فقد رفض درويش أن يلحنها مارسيل خليفة، وأن تتحول إلى أغنية، لدواعٍ عاطفية خاصة بالشاعر، إلا أنه في نهاية المطاف استجاب للطلب ونزل عند رغبة مارسيل، فكانت من أجمل تلك الأعمال التي أبدعها اتحاد الشعر مع اللحن في أداء شفيف غنيّ بالشجن العاطفي المؤثّر.
إن هذا الصمت الرهيب عن ذكر هذا الجانب في تجربة درويش الشعرية أمر يعيب الناقد، وطريقته في الكتابة، ويضع علامة استفهام كبيرة، وراء هذا التهميش غير المبرر، خاصة أن الكتاب جاء مناقشا مصطلح "الغنائية" في جزء منه حتى وإن توسع الناقد في مفهوم هذا المصطلح وإكسابه أبعادا دلالية، تتجاوز المفهوم الكلاسيكي التقليدي له، فهل كان يبغي التوسع في المفهوم ليخرج منه مارسيل خليفة وما قدّمه من خدمات للقصيدة الدرويشية، إشباعا لرغبة الذات وظهورها مجاورة للشاعر الكبير دون أن يزاحمهما شخص ثالث؟ أم أن للنفس دوافع أخرى، ذاتية أيضا غير ما ذكرت؟