
مراد السوداني يشارك في افتتاح مهرجان الشعر بكولومبيا
افتتح الشاعر الفلسطيني مراد السوداني، الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، إلى جانب الشاعر الكولومبي فيرناندو ريندون، رئيس حركة الشعر العالمية، ومدير مهرجان ميديين الدولي للشعر، والذي يقام سنويا في مدينة ميديين بكولومبيا، المهرجان بطبعته الـ35، حيث اقتصرت الكلمات الافتتاحية على كلمة ريندون والسوداني.
وقد بدأ الشاعر ريندون افتتاحية المهرجان بتحية المشاركين، داعيا الجميع للوقوف دقيقة صمت وحداد على أرواح شهداء غزة وفلسطين، حيث وقف المشاركون لترداد نشيد لغزة وفلسطين، وقد سلط الضوء على الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة، وما تواجهه من عذابات يومية وجرائم فاقت الاحتمال والتصور.
وأضاف ريندون: هل سيوقف الشعر الحرب؟! وهل بمقدور الشعراء أن يحققوا ذلك؟! الشعر هو الجمال والفرح والحياة.. ونحن ندافع عن العدالة والحرية، وقد آن لهذا القتل أن يتوقف وأن يرفع الحصار عن غزة.. عن الأطفال والشيوخ والنساء، عن شعب يتعرض لأبشع المجازر أمام مرأى العالم.. نرفع صوتنا اليوم من أجل فلسطين ومن أجل العالم، ففلسطين تستحق الحرية وليس الموت والدمار.. ونحن كشعراء لا نمتلك سوى قوة الكلمة لتقول للعالم: كفى ولا بد للاحتلال أن يتوقف عن القتل اليومي. ونحن اليوم نؤكد وقوفنا إلى جانب غزة وإلى جانب الشعب الفلسطيني وثقافته المقاومة.
ودعا الشعراء المشاركين والشعراء في العالم إلى دعم فلسطين وقضيتها العادلة في هذه الأوضاع بالغة التعقيد التي تعيشها فلسطين أمام سمع وبصر الجميع ولا أحد يحرك ساكنا.

وفي كلمته التي ألقاها بالعربية ومترجمة للإسبانية، قال الشاعر السوداني "شكرًا عاليًا للصديق الشاعر الكبير فرناندو ريندون رئيس المهرجان ورئيس حركة الشعر العالمية، وللقائمين على هذا المهرجان، على هذه التظاهرة الشعرية العالمية، وشكرًا ثانيًا على الحدث الكبير الذي نظمه بالتعاون مع منسقي حركة الشعر العالمية بمشاركة 170 شاعرة وشاعرًا من 110 دول في العالم، انتصارًا لغزة ورفضًا للإبادة الجماعية والثقافية".
وتابع "666 يومًا من الموت والقتل والإلغاء، اليوم في غزة وعموم فلسطين، وما زال الاحتلال الإسرائيلي يواصل مسلسل الدم على الشاشات، والعالم غارق في صمت مريب وعجيب. وفلسطين صامدة، لا تدافع عن حريتها فقط، بل عن الحرية في العالم، والحرية في العالم ناقصة دون حرية فلسطين وشعبها العظيم الصامد والثابت على أرضه وحقه. فلسطين ليست قضية سياسية فقط، هي قضية جمالية، تدافع عن الجمال والجماليات في منازلة قبح الاحتلال وتوحشه وتدافع عن الحق والعدالة والخير العام والقيم السامية والسلام في وجه الاحتلال وما ينتجه يوميًا من إبادة يواصلها منذ ما يزيد على قرن من الزمان، من إعادة إنتاج للموت والنهب والدمار، وسرقة التراث وتزوير التاريخ وقلب الحقائق والتضليل والقبح والسواد والكذب. لقد اغتال الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد على 46 مبدعًا وكاتبًا في غزة، نصفهم أعضاء في اتحاد كتاب فلسطين، ودمر المكتبات والمدارس والجامعات ودور النشر، ونهب المتاحف والآثار في محاولة لمحو وعي وهوية وذاكرة الشعب الفلسطيني. واغتال ما يزيد على 100 من المفكرين الفلسطينيين والأكاديميين، ورؤساء الجامعات، وما زال يعمل على تهجير أهلنا في غزة أمام مرأى ومسمع العالم. لقد سقطت كل القيم الإنسانية أمام ما يحدث من مجازر في غزة والضفة والقدس وكل فلسطين، فأين العدالة وحقوق الإنسان؟ إنها ديمقراطية قهر الشعوب ونهب ثرواتها، واستعمارها .القدس تستهدف يوميًا، ويتم تهويدها وأسرلتها وتغيير معالمها وتزوير حضارتها وتاريخها، ويقوم المستوطنون المحروسون بجنود الاحتلال بانتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية وتغيير المناهج التعليمية في القدس من أجل صهر الوعي الفلسطيني وتذويبه. أكثر من 921 حاجزاً وبوابة حديدية في الضفة الغربية، حيث يتم عزل المدن والقرى والمخيمات عن بعضها. فلسطين سجن كبير، بل قبر كبير. العشرات من كتابنا داخل السجون، وقد اغتالوا المفكر، وليد دقة، المصاب بالسرطان، بعد أن منعوا عنه الدواء والعلاج حتى استشهد. لقد أمضى المفكر دقة 40 عامًا في سجون الاحتلال، ولم يُفرج عن جثمانه حتى اللحظة، هذا توحش لم يحدث في التاريخ. شعبنا الفلسطيني يقاتل من أجل حريته وكرامته وأرضه التي تُسرق يوميًا، يقاتل دفاعًا عن الحياة. لن نرفع الراية البيضاء رغم كل المجاز؛ ففلسطين، كما قال محمود درويش: أرض الغزالة والأرجوان وجغرافيا السحر الإلهي. هي لنا من قبلُ ومن بعد".
وأضاف السوداني "السيدات والسادة، الشعراء والشاعرات: هل سينقذ الشعر العالم من القتل والتوحش والرداءة!! أم أن الشعر والجمال يحتاج لمن ينقذه أمام هبوب رياح الزيف السوداء؟ الشعر جذر الجمال والحياة، وهما مهددان من أعدائهما ومن كل الشرور الناهبة. فلسطين تحتاج إلى كل صوت حر في العالم. والدم المسفوك في غزة وكل فلسطين هو جرس كوني لإيقاظ الضمائر النائمة في العالم، وتعزيز الضمائر الصاحية والحقيقية التي ترفض الظلم والظلام والاحتلال وسلب حرية الإنسان. إذا كانت الكتابة في العالم كتابة بالحبر الجاف، فإن كتاب غزة وفلسطين يكتبون بالحبر الساخن، بحناء وردة السادة الشهداء. هؤلاء إنهم كتاب غزة، وكتابنا في سجون الاحتلال، كتابنا في الوطن والمنافي. صوتكم هنا يعني الكثير لشعبنا الشهيد، وكتابنا الذين يدافعون عن كرامة وحرية الكتاب في العالم. أرادوا إخراجنا من الجغرافيا، لكن فلسطين عبرت التاريخ بقوة الثقافة العميقة المقاومة، والإرادة، والإصرار على الحياة والفرح والأمل. فلسطين بحاجة إلى الجبهة الثقافية العالمية من أجل فلسطين، وأن يرفع شعراء وكتاب ونخب وأكاديميو وأحرار العالم صوتهم لوقف المجازر والانتصار لفلسطين الشهيدة الشاهدة، ورفع الحصار عن غزة وكل فلسطين. شكراً لأن تكون فلسطين هنا. من يكتب يقاوم .. ومن يقاوم ينتصر.
فيما اختتم الافتتاح بقراءات شعرية لشعراء من: كولومبيا، الترويج، السودان، الأرجنتين، ليبيا، كندا، الصين، نيوزيلاندا، المغرب وفيتنام. وقد كانت غزة وفلسطين حاضرة في قصائد الشعراء. وقد شارك في هذه التظاهرة الشعرية العالمية 64 شاعراً وشاعرة من كل أنحاء العالم.