مصر.. لماذا سيفشل الإخوان؟

صيغة الجماعة الدينية التي اصطدمت بالنظم الملكية والجمهورية يجب أن تطوى وإن ما جرى في عهد الرئيس السادات من قبول بعودة الإخوان بشروط الجماعة الدينية يجب ألا يتكرر في أي عهد فالأحزاب يجب أن تكون مدنية وتعمل في ظل دستور مدني.

بقلم: عمرو الشوبكي

بيان جماعة الإخوان المسلمين الذي صدر الأسبوع الماضي دلَّ على أنها لم تراجع شيئًا في التنظيم ولا الممارسة، وظلت مادة حية لكل النظم لكي تقول إن الديمقراطية لا تصلح للمجتمع المصري، لأن هناك خطر الإخوان.

صحيح أن الجماعة أظهرت الوجه المعتدل في لحظات الاستضعاف كما جرى في عهد مبارك وأظهرت وجهًا شرسًا حين لاحت مرحلة التمكين ومارست استعلاءً وعنفًا وتحريضًا بحق كل مخالفيها في الرأي.

ومع ذلك فإن القضية ليست في نقاش حول أخطاء وخطايا السياسة ولا رد على اتهامات الإخوان للتيار المدني بأنهم معادون للديمقراطية و«عبيد العسكر» ونسوا أو تناسوا ما فعلوه أثناء حكمهم، والتغييرات التي أجروها داخل قيادات الجيش الذي يتهمونه بأنه انقلب على الشرعية، في حين أنه انحاز للإرادة الشعبية.

إن المشكلة الأساسية في صيغة جماعة الإخوان نفسها التي ستؤدي إلى فشلهم في أي حقبة قادمة كما أفشلتهم سابقا، لأنها تقوم على فكرة إدخال جماعة دينية (تصف نفسها بالربانية) في مجال السياسة ودهاليزها، عبر حزب كان مجرد ذراع «لا تحل ولا تربط» في يد مكتب إرشاد جماعة دينية متطرفة.

معضلة الإخوان أنها جماعة دخلت السياسة من باب أنها جماعة دينية ربانية، كما تصف نفسها، وبالتالي فهي تبدو جماعة شبه طبيعية ومسالمة في الظروف العادية كما جرى في الفترة من 1928 حتى مؤتمرها الخامس في 1937، وبعدها ظهر الوجه القبيح مع بدايات أزماتها مع الحكومة، فاغتالوا رئيس الوزراء محمود فهمي باشا النقراشي والقاضي الخازندار وعشرات آخرين، وعاد وتكرر نفس الأمر مع عبدالناصر، فقد أظهروا وجهًا مسالمًا حين قَبِل بوجودهم في بداية ثورة يوليو ثم حاولوا اغتياله عقب خلافه معهم.

لا يُسمح لأي جماعة دينية في أي بلد مدني وديمقراطي في العالم أن تكون طرفًا سياسيًّا وحزبيًّا، فما بالنا أنه سمح لها بالوصول للحكم ولو عبر آلية ديمقراطية (باختيار 51% من الشعب المصري)، إلا أن هذا الوصول من الأصل كان لا علاقة له بالمبادئ الديمقراطية التي لا تسمح من الأساس لجماعة دينية بالاشتغال بالسياسة فما بالنا بالوصول للسلطة.

خبرة كل الجماعات الدينية التي وصلت للسلطة كانت كارثية على دول المنطقة والعالم، وإذا أراد الإخوان أن يقدموا أي مراجعة من أي نوع، فعليهم أن يعرفوا أنهم الشريك الأصلي في كل ما جرى في مصر منذ 25 يناير وحتى اللحظة.

إن صيغة الجماعة الدينية التي اصطدمت بالنظم الملكية والجمهورية يجب أن تطوى، وإن ما جرى في عهد الرئيس السادات من قبول بعودة الإخوان بشروط الجماعة الدينية يجب ألا يتكرر في أي عهد، فالأحزاب يجب أن تكون مدنية وتعمل في ظل دستور مدني ديمقراطي لا مكان فيه للجماعات الدينية.

نُشر في المصري اليوم