معاصر الزيتون التقليدية تأبى الاندثار في الجزائر

معاصر الزيوت التقليدية في الجزائر تقاوم انتشار المعاصر الحديثة، والمهنة يتوارثها الأجيال لقدرتها على توفير منتجات تتميز بمذاق جيد وجودة عالية.

الجزائر -  تقف معاصر الزيوت التقليدية بالجزائر شامخة في مواجهة رياح العصرنة، رغم انتشار المعاصر الحديثة.
وتعد الجزائر السابعة عالميا في إنتاج زيت الزيتون، إذ تخصص آلاف الأفدنة الزراعية لأشجار الزيتون في جميع أنحاء البلاد، ويمتد موسم جني ثماره من أكتوبر/تشرين الاول إلى ديسمبر/كانون الاول سنويا.
وتتحدد مرحلة عصر ثمار الزيتون وفقا لتقاليد كل منطقة على حدة، حيث يقوم بعض المزارعين بمرحلتي الطحن والعصر فور جني الثمار، فيما يُفضل أخرون إنجاز المرحلتين مع قدوم فصل الربيع في أبريل/نيسان.
ووفق أحدث إحصاء لوزارة الفلاحة الجزائرية، تمتلك البلاد نحو 60 مليون شجرة زيتون و1700 معصرة تقليدية وحديثة، بإنتاج تجاوز 10 ملايين قنطار من مادة الزيتون خلال موسم 2019-2020.
 المعاصر التقليدية
رغم انتشار الأدوات والماكينات الحديثة، لا تزال المعاصر التقليدية تحتل جزءا كبيرا من ذاكرة المهنة يتوارثها الأجيال في الجزائر، وتتكون تلك المعاصر من أحواض أسمنتية مثبت بها عجلات حجرية ضخمة تدور في حركات دائرية بواسطة الدواب.

في الماضي كان يتم عصر الزيتون يدويا باستخدام الأحجار والأخشاب، وأحيانا من خلال الدهس بالأقدام

وبعكس المعاصر الحديثة التي تعمل بالكهرباء، تستغرق المعاصر التقليدية عدة أيام لعصر ثمار الزيتون، وتستخدم المياه الساخنة لفصل وتصفية الزيت عن نواة الزيتون (الصلبة) في مرحلة طحن الثمار، ثم تبدأ مرحلة العصر.
وقالت الباحثة الجزائرية في التراث لويزة بلعربي، إن تاريخ المعاصر التقليدية يرتبط بزراعة أشجار الزيتون، إذ يعود تاريخ بعض أنواعها البرية إلى العصر الحجري القديم.
وأضافت بلعربي: "في شمال إفريقيا بدأ ظهور أشجار الزيتون في العصر الحجر القديم المتأخر، وهناك رسومات جدارية صخرية في الطاسيلي ناجر بمحافظة إليزي (جنوبي الجزائر) يظهر فيها رجال معصوبي الرأس بأطواق من أغصان الزيتون".
وأوضحت: "في الماضي كان يتم عصر الزيتون يدويا باستخدام الأحجار والأخشاب، وأحيانا من خلال الدهس بالأقدام".
 طقوس شعبية
وقال إسماعيل أقدوش، صاحب معصرة تقليدية بمحافظة برج بوعريريج (شرق)، إنّ المعاصر التقليدية تظل تراثا عريقا يتوارثه الأجيال بالجزائر، وإن قطاعا واسعا من المواطنين لا يزالوا يفضلون الطرق التقليدية في صناعة الزيوت لاعتبارات لها علاقة بالجودة.

المعاصر التقليدية تمنح الزبائن عصارة بواقي الزيتون بعد مرحلة العصر، والمعروف باسم (المورج)،  

وأضاف أقدوش: "المعاصر التقليدية تمنح الزبائن عصارة بواقي الزيتون بعد مرحلة العصر، والمعروف باسم (المورج)، والذي تتعدد استخداماته ولا توفره المعاصر الحديثة".
وأوضح محند زروقي، صاحب حقل زيتون أنّ "المعاصر التقليدية هي الواجهة الأولى لمن لديهم كميات زيتون قليلة، إضافة لمن يريدون مذاق جيد وجودة عالية".
وقال زروقي: "استبعد اندثار المعاصر التقليدية لارتباطها الوثيق بالفلاحين والمزارعين في القرى والمناطق الريفية".
وعادة ما يرتبط بموسم جني ثمار الزيتون وعصرها بطقوس شعبية مميزة أبرزها ترديد الأغاني وإعداد الأكلات التقليدية والحلويات وتوزيعها على الأطفال، تيمنا بقدوم الفرح والخير من رحم أشجار الزيتون.