معرض حياة القاسمي مجال شاسع للفن العفوي

الرسامة التونسية حياة المدب القاسمي تعرض لوحاتها ودواوينها وكتالوغ عن التجربة برواق بن عروس للفنون.
المعرض يبرز شحنة هائلة وطاقة بينة من التعاطي التلقائي مع اللوحة
مشاركات متعددة في تونس وخارجها سواء في  المعارض الخاصة أو الجماعية

من عوالمها الدفينة التي منحتها النظر والقول وفق فسحة من العبارة وتلويناتها برزت الفنانة التشكيلية حياة المدب القاسمي بكم من نتاج تجربتها الممتدة على عقود أربعة في العلاقة مع الفن التشكيلي وكذلك مع المغامرة الأدبية في الشعر والكتابة لتفرز هذا العدد المهم من اللوحات الفنية وكذلك الكتب الشعرية حيث - وكما تقول هي في عدد من لقاءاتها الثقافية ومناسبات المعارض - إن القصائد الشعرية لديها لون آخر من الألوان الفنية التشكيلية وهي تسعى لتقول بالشعر والكتابة ما به تقوى الصلة مع الرسم في سياق من العبارة الفنية والمزج بين الأشكال الابداعية في الحياة الثقافية والفنية.
الفنانة حياة المدب القاسمي احتفت مؤخرا بمعرضها الاستيعادي ضمن عرض لوحاتها التي تلخص حوالي أربعة عقود في العلاقة مع الفن التشكيلي حيث كانت لها مشاركات متعددة في تونس وخارجها سواء في  المعارض الخاصة أو الجماعية.
هذا المعرض المشفوع بكتالوغ فني يلخص الفترة المعنية من حياتها الفنية وفيه اللوحات والكتابات التي تخص تجربتها ومختلف المناسبات التي شاركت فيها بأعمالها التشكيلية وكذلك المقالات الصحفية وذلك تحت عنوان "ولادة وبعث" وهو كتاب صدر بدعم من وزارة الشؤون الثقافية. وكذلك عدد من الكتب والإصدارات منها حيز من الشعر في ديوان عنوانه "عشق تحت المطر" ومنه هذا الجزء من قصيدة عنوانها "جزيرة القمر": "
"يسكن جزيرة هادئة / متداعية الأطراف / منزله قريب من الميناء / يحلم بالسفر ...". 

fine arts
القصائد الشعرية لون آخر من الألوان الفنية التشكيلية

هذه المرة كانت المناسبة في نفس الإطار ولكن بمصافحة جديدة لجمهورها وأحباء فنها حيث شهد رواق الفنون ببن عروس عشية الخميس 5 مارس/آذار الجاري افتتاح معرض خاص بالرسامة حياة المدب القاسمي وبحضور عدد من الفنانين وأحباء الفنون الجميلة، ورواد الرواق، وضم المعرض عددا كبيرا من لوحات القاسمي التي عبرت فيها وبها ومن خلالها عن جانب من تجربتها مع المنحى والتيار العفوي الذي اشتغلت وفقه من سنوات لتبرز لنا المشاهد المتعددة والتيمات والحالات من خلال تعاطيها العفوي حيث لمساتها اللونية الخاصة، ومن ذلك التركيز على عالم المرأة، ودون أن تغفل ولعها بعوالم النسوة الأفارقة وهذا ما برز من سنوات في أعمال الفنانة التشكيلية القاسمي.
وقد ظلت الرسامة على هذا الوفاء لشكلها الفني في الرسم، وكذلك المضامين فهي الفنانة القادمة من مدينة فلاحية بالشمال الغربي وهي باجة حيث تشبعت وارتوت كثيرا من تلك المناخات حيث المرأة الفلاحة والكدو أجواء الشجن والبهجة والاحتفال، تحتفي في رسوماتها بكل هذا وغيره في تخير لوني حافظت عليه وعملت على التصرف فيه. وهي تتعاطى مع فضاء اللوحة في ضرب من العفوية والنظر للأشياء في بساطتها كالأطفال. 
في لوحاتها تعبير فني يقول بالبراءة المبثوثة في عوالم الأطفال وهم يتحسسون خطاهم الأولى مع الأشياء والعناصر والتفاصيل. لوحات عديدة زينت جدران وفضاء رواق الفنون ببن عروس في ضرب من الاحتفاء بالتجربة الفنية إلى حد الآن، وقد تحدثت الرسامة حياة المدب القاسمي لكل من زار المعرض وجمهور الرواق مشيرة إلى تفاصيل في لوحاتها معبرة عن دواخلها وأحاسيسها مع كل لوحة معروضة لتقول بأن العمل الفني بالنسبة لها هو جزء من الكينونة.
ببن عروس كان المجال لمحطة فنية أخرى للفنانة القاسمي هي فسحة مع لوحات وكتب و كتالوغ وفرحة فنانة تسعى للانطلاق مجددا بعد تجربة أربعة عقود مع القماشة واللون والأروقة.
إنها لعبة الإبداع الفني في هذه العوالم والأكوان الضاجة بالأصوات والكلمات والأغاني نحتا لأهمية السؤال وتمجيدا للبهاء وقتلا للتوحش والسقوط، حيث الفن درب الفكرة الملونة والمصقولة بمعادن الوجد والابتكار والقول بالذات الحالمة والفنان يتخير طريقه بما يلائمه من الرؤى والأشكال والتيمات.
في هذه المسارات تطل الرسامة بتلويناتها ضمن المعرض الفني الخاص بها. حياة المدب القاسمي بلوحاتها ومجموعاتها الشعرية التي منها "مسيرتي" و"سيمفونية الحياة" و"حنين" تستعيد حيزا من طفولتها في الشمال التونسي وتحديدا بباجة بلدة الفنان الأمهر عمار فرحات  وانحدرت من وسط عائلي مثقف فيه المثقف والمربي، واهتمت في رسوماتها بالتراث والعادات والمواقع والحرف والمعالم على غرار باب العين، سيدي بوتفاحة، وباب الجنائز.
في تجربتها الفنية التشكيلية التي اهتم بها عدد من الكتاب والنقاد مجال شاسع للفن العفوي الذي يبرز شحنة هائلة وطاقة بينة من التعاطي التلقائي مع اللوحة ضمن سياق جمالي ويبرز ذلك بالخصوص في ملامح الشخوص داخل العمل الفني. 

فنون تشكيلية
الوفاء لشكلها الفني في الرسم

الفنانة التشكيلية حياة المؤدب القاسمي تتواصل في هذا المعرض مع جمهورها المتابع للفنون التشكيلية والذي سيجد مرة أخرى هذه المميزات الفنية التي تعمل عليها حياة بكثير من الاقتناع والدأب الاستمرار. والفن بالنهاية هو هذه الروح التواقة للجديد والمواصلة للنهج المتخير مع حلم الإبداع والتغير والابتكار.