معنى الرجولة المفقود.. عند الإسلاميين

شريعة الاستضعاف عند هؤلاء عقوبة القتل لأجل الشرف جرائم الشرف والتي تكون فقط ضد النساء مارسوا هتك أعراض الناس والأيزيديات مثالا.

بقلم: توفيق حميد

حينما كنت طفلا صغيرا في المدرسة، كنا نعتبر أن أي تلميذ يضرب طفلا أصغر منه سنا أو حجما فهو كما كنا نقول للأول أنه " ليس برجل" لأنه يضرب من هو أقل حجما منه أو أقل قوة جسدية! ونقول له إن أردت أن تضرب أحدا فلتذهب إلى من هم في سنك أو حجمك إن كنت "رجلا"، فكان مفهوم الرجولة عندنا حينذاك هو الوقوف بجانب الأضعف وليس الاستقواء عليه!

ولذا أطرح هنا سؤالي: هل فقد الإسلاميون رجولتهم؟

فأنا لا أرى منهم ـ أي ممن يطلق عليهم بالإسلاميين والإسلام منهم براء ـ غير استضعافٍ لمن هم أقل منهم عددا أو قوة؛ فتارة يفجرون كنائس المسيحيين في بلادهم، وتارة يستضعفون المرأة فيبيحون ضربها ويظلمونها في الكثير من حقوقها، وتارة يصدرون القوانين التي تقهر الأقليات الدينية بعدم إعطائهم نفس الحقوق مثل باقي المواطنين المسلمين، وهم في كل هذه الحالات يستضعفون من هم أقل منهم عددا وقوة فيذكروني بالطالب الذي "يستقوي" على من هو أقل منه حجما والذي كنا نقول إنه ليس برجل وإنه فاقد الرجولة الحقيقية والتي تحتم عليه نصرة الضعيف وليس الاستقواء عليه.

ومن أمثلة انعدام الرجولة عند هؤلاء "الإسلاميين" الاعتداء على النساء لإرغامهن على الحجاب وإرغام البنات على الزواج حتى لو كان ضد إرادتهن وطرد عائلات من المسيحيين من القرى التي يعيشون فيها كما يحدث في بعض الدول الإسلامية وقتل المفكرين الذين لا يحملون سلاحا إلا أقلامهم مثل الراحل شهيد الفكر فرج فودة والاعتداء على المبدعين مثل الراحل نجيب محفوظ وغيره.

وفي شريعة "الاستضعاف" عند هؤلاء عقوبة القتل لأجل الشرف "جرائم الشرف" والتي تكون فقط ضد النساء لا الرجال، في حين أن الفعل واحد في الحالتين، ولكن فقدان الإسلاميين لمعاني الرجولة الحقيقية يجعلهم يصبون اللعنات فقط على المرأة بينما يصفون نفس الفعل عند الرجل بأنه "شقاوة شباب"!

والعجيب في هذا الأمر أن أبشع جريمة ذكرها القرآن هي جريمة استضعاف من هم أقل عددا مثلما فعل فرعون في بني إسرائيل فارتكب بذلك واحدة من أفظع الجرائم.

في تاريخ الأمم كما ذكر القرآن الكريم ألا وهي "الاستضعاف" ومن الآيات التي ذكرها القرآن في هذا الشأن:

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (سورة القصص آية 4)

والأعجب من ذلك أن القرآن أمر في بداية الإسلام بالقتال لنصرة المستضعفين في الأرض:

وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (سورة النساء آية 75)

فما بالنا بمن يستضعف عباد الله بدلا من أن يغيثهم!

إن "الرجولة" هي نصرة الضعيف لا قهره ودعم الأقليات لا ظلمها

واليوم ـ وللأسف الشديد ـ نرى ممن يقولون إنهم يتبعون الإسلام من يستضعفون غيرهم من البشر كما يحدث للمسيحيين والبهائيين وللأقليات الدينية الأخرى في البعض ـ إن لم يكن الكثير ـ من الدول الإسلامية وكما نراه (أي الاستضعاف) يحدث أيضا للمرأة كما ذكرنا أعلاه.

ولهؤلاء الذين "يستضعفون" غيرهم من البشر أو من الأقليات أقول لهم يا ليتهم يستفيقون ويستعيدون "رجولتهم" المفقودة ويعاملون من هم أقل منهم عددا أو قوة بعدل ومساواة ورحمة كما هم يطالبون غيرهم من الأمم بمعاملة المسلمين في الدول الأخرى، وأقول لهم أنهم باستضعافهم لآخرين يرتكبون واحدة من أبشع جرائم التاريخ، كما ذكر القرآن. وأقول لهم قبل أن تطالبوا غيركم من الأمم بإعطائكم المزيد من الحقوق ـ وهم في الواقع يفعلون لكم ذلك عن طيب خاطر تبعا لقوانينهم العادلة ـ فلتنظروا إلى أنفسكم أولا في المرآة وتعاملوا أتباع الديانات الأخرى ومن هم أقل منكم عددا بالعدل والمساواة!

وأخيرا أقول لهم إن "الرجولة" هي نصرة الضعيف لا قهره ودعم الأقليات لا ظلمها والوقوف بجانب المظلوم حتى يأخذ حقه وإقامة العدل بين الناس أيا كان دينهم أو عرقهم. فيا ليت دعاة التطرف يدركون هذا لكي يستعيدوا معنى "الرجولة" المفقود عندهم.

كاتب مصري