معنى لا يعرفه الإخوان!

جماعة الإخوان المسلمين بعيدة عن فهم الواقع وما تزال ترفض الاعتراف بأن حجمها في الشارع السياسي لا يعطيها الحق في حكم البلد فضلًا عن الانفراد بحكم البلد رغم أنف أهله كما فعلت خلال العام الذي حكمت في مصر.

بقلم: سليمان العودة

حين جرت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في تونس، منتصف هذا الشهر، خاضها عبدالفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة الإسلامية، ضمن قائمة ضمت 24 مرشحًا، وحين جرى إعلان نتيجة الجولة، لم يكن «مورو» من بين مرشحين اثنين سيخوضان جولة الإعادة!

حصل مرشح «النهضة»، التي توصف في العادة بأنها إخوان تونس، على 13%‏ من مجمل أصوات الناخبين في الجولة الأولى، فجاء في المرتبة الثالثة بعد رجل أعمال وإعلام، هو نبيل القروى، الذى حل ثانيًا، وبعد أستاذ قانون، هو قيس سعيد، الذى حل أولًا!

وعندما تقدم مرشحون خاسرون للطعن في النتيجة، لم يكن «مورو» من بينهم، بما يعنى أنه استوعب ما حدث، وأن الحركة التي يتولى موقع نائب الرئيس فيها آمنت بأن هذا هو حجمها في الشارع بين الناس، وأن النسبة التي حصلت عليها من الأصوات هي نسبة عملية وواقعية!

كان هذا في حد ذاته نوعًا من التعقل، ما تزال جماعة الإخوان الأم عندنا بعيدة عنه، ولا تعرفه، وما تزال ترفض الاعتراف بأن حجمها في الشارع السياسي لا يعطيها الحق في حكم البلد، فضلًا عن الانفراد بحكم البلد رغم أنف أهله، كما فعلت خلال العام الذي حكمت فيه!

ويوم جرت انتخابات في ليبيا في مرحلة ما بعد العقيد القذافي، خاضها الإخوان هناك، حصلوا على نسبة من الأصوات لا تزيد على النسبة التي حصل عليها إخوان تونس، وكان معنى ذلك أنه لا شيء على الأرض يعطيهم حق حكم ليبيا، فهذا هو الصندوق، وهذه هي حصيلته، ومع ذلك لم يتوقفوا إلى اليوم عن استهداف الجيش الوطني في الأراضي الليبية، ولم يتوقفوا عن التحالف مع الميليشيات ضد جيش البلد!

لو جرت انتخابات في اليمن، فسوف تكون النسبة التي ستحصل عليها الجماعة الحوثية قريبة من نسبة حركة النهضة في تونس، وقريبة من نسبة إخوان ليبيا، وسيكون المعنى من جديد هو نفسه، إنها نسبة لا تمنح حق الحكم في تونس، ولا في ليبيا، ولا في اليمن، ولا من قبل في القاهرة!

وقد كانت جماعة حسن البنا مدعوة إلى أن تؤمن بأن سعى إدارة بوش الابن إلى تمكينها من السلطة في مصر، أيام مبارك، لم يكن إيمانًا من تلك الإدارة بإمكانات الجماعة، ولا بشعبية لها في الشارع، ولا بقدرة لها على الحكم والإدارة، بقدر ما كان رغبة من مجموعة بوش الابن في وضع عقبة في طريق البلد، وفي تعطيل مسيرته، وفي إرباك خطواته، وكذلك فعلت إدارة باراك أوباما!

هذا ما لم تفهمه جماعة البنا إلى هذه اللحظة، ولو كانت قد فهمته لوفرت على الوطن الكثير من الإهدار لوقته، وموارده، وثرواته! ولن تفهمه إلا إذا أدركت معنى كلمة وطن!

نُشر في المصري اليوم