مقاطعة المنتجات الاماراتية

حملة قطرية مضحكة للنيل من المنتجات الإماراتية.

إنه أمر محزن أن يأتي الهدم من العرب ضد العرب، في حملة شرسة تدعو الى مقاطعة المنتجات الاماراتية. وقد سبق لمختلف دول العالم أن تعرضت لحملات مشابهة، مثل شركة نستلة التي اتهمت بالكثير من الاتهامات بسبب سوء منتجاتها وخطرها على الصحة، ثم ما لبثت نستلة أن قامت بتصحيح الخطأ وشددت الرقابة على منتجاتها وهي اليوم موجودة في كافة المتاجر في دول العالم، ولكن الاتهامات كانت محددة كوجود قطع زجاج في النسكافيه أو عدم ملائمة بعض أنواع الحليب الخاص بالرضع، ولكن الحملة ضد الامارات شملت جميع المنتجات، مما يدل على أن الحملة مصطنعة والهدف منها هدم قطاع الصناعة والتجارة فيها، وهذا باعث على الأسى والحزن. وبدلا من تشجيع العرب لبعضهم البعض، نراهم يتحدون للهدم والإحباط وليس للبناء والتطور.

وعند التدقيق في مصدر المقاطع والإعلانات الداعية للمقاطعة، تبين أنها صادرة من قطر وفي تواريخ قديمة تعود الى أشهر مضت، مما يعني أن الإعداد كان يجري سابقا، في وقت تنتشر فيه أخبار عن قرب مصالحة مع قطر، فما بال القطريين يصرون على استحكام العداوة وتعميق الجراح؟

لم تخطئ الإمارات في حرب اليمن، بل أنها كانت تصد المحاولات التي تقوم بها ايران لإنشاء دولة من حلفائها، وإشعال الفتنة بين الشيعة والسنة، وإغراق الناس في التفاهات والجهل والخرافات وجرائم الكراهية، بل أن الإمارات تريد أن تنشل الناس من مستنقع الجهل الى العلم والتقدم الاقتصادي والتقني، ولكن الناس عند مناقشة الأديان والمذاهب والطوائف يصبحون أصناما لا يسمعون ولا يفهمون، ويصبحون وحوشا ولا يرون التبعات القاسية المترتبة على اختيارهم لهذا المسار، خلافا لجميع الشعوب المتحضرة التي تجتهد لرفع مستوى المعيشة والاقتصاد وإطلاق الحريات وترسيخ الحكم الديمقراطي وتقوية اتخاذ القرار المؤسسي وليس الفردي الذي تغرق فيه الشعوب العربية منذ آلاف السنين. أهذا هو ذنب الامارات؟

لست إماراتية ولست مستفيدة منها على المستوى الشخصي، ولكن ما تفعله الامارات هو في صالح الشعوب لكي تبعدهم عن السقوط في دوامة الحكم الديني الذي يجلب دولا طامعة بالعرب وتسعى للسيطرة عليهم ومصادرة حرياتهم وفكرهم وترسم لهم المسار الذي يجب عليهم أن يتبعوه وهم صاغرون.

لا بد أن الناس شاهدوا محاكمة ترامب وإجراءات عزله لمجرد أنه طلب من دولة أجنبية وهي أوكرانيا أن تتدخل في الانتخابات الأميركية ضد خصمه جو بايدن، فاعتبر الكونغرس الأميركي هذا التصرف من جانب ترامب خيانة للدستور الأميركي والمصلحة الوطنية للدولة. فكيف يضع العرب يدهم بيد دول أجنبية وهم يعرفون جيدا أنهم لا يحترمون العرب ويعتبرونهم جبناء وأغبياء وخونة؟

إنهم منومون مغناطيسيا ومنقادون لمن يرفع شعار الاسلام حتى لو كان مجرد جسر للدول الأجنبية لكي تعبر عليه الى الداخل العربي، والغريب أن العرب جربوا حكم الفرس وجربوا حكم الأتراك ويشاهدون ما وصل اليه العراق بسبب ايران، ويدركون أن أي تحالف معهم لن يكون نديا، بل سيكون علاقة العبد بمولاه، لكنهم لا يزالون يطربون لمن يرفع شعار الاسلام بصرف النظر عن الأهداف البعيدة التي يرمي اليها.

وهكذا نعود حيث كنا، طوائف أندلسية تستعين بالإسبان ضد ملوكها، وسوف تكون النهاية حتما بكاء النساء على ملك لم يحافظوا عليه كالرجال.