منافسة روسية أميركية على النفوذ في حمص ودير الزور

القوات الأميركية تعزز تواجدها في قاعدتها الرئيسية بالرقة بشكل يعكس التزامها بالحفاظ على نفوذها ومصالحها في المنطقة رغم التوترات مع القوات الروسية.

دمشق - قالت وزارة الدفاع الروسية، إن سلاح الجو التابع لها أغار على 13 موقعًا للمسلحين في محافظتي حمص ودير الزور شرقي سوريا، بالتزامن مع عمليات استطلاع أطلقتها في محافظات حمص والرقة ودير الزور، حيث تتمركز قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، مع تكثيف تحركات القوات الروسية والأميركية في مدينة الرقة وريفها، مع سعي كل طرف لإثبات وجوده عبر إنشاء القواعد والنقاط العسكرية وتسيير الدوريات.

وتشهد المنطقة اضطرابات مستمرة، ويظهر التنافس بين القوات الروسية والأميركية جلياً من خلال التحركات العسكرية المكثفة، ونقلت وكالة الأنباء الروسية (تاس) عن يوري بوبوف نائب رئيس مركز “المصالحة” الروسي (التابع لوزارة الدفاع)، أن عمليات استطلاع مستمرة أطلقها الجيش الروسي بالتنسيق مع قوات الجيش السوري تستهدف المناطق الصحراوية والجبلية بمحافظات حمص والرقة ودير الزور.

وتتمركز القوات الأميركية في قاعدتها الرئيسية ضمن الفرقة 17 الواقعة شمالي مدينة الرقة. وتعد هذه القاعدة من أهم المواقع الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، حيث تشمل مستودعات للأسلحة ومهبط للطيران وعدة ثكنات عسكرية. ومؤخراً، عززت القوات الأميركية من تواجدها في هذه القاعدة، مما يعكس التزامها بالحفاظ على نفوذها ومصالحها في المنطقة، رغم التوترات مع القوات الروسية.

السيطرة على مناطق الرقة وحمص ودير الزور تتيح للقوى الكبرى نفوذًا كبيرًا على الأرض، وتأثيرًا مباشرًا على الأحداث الجارية في سوريا.

وتعتبر مدينة الرقة وريفها مناطق استراتيجية بالغة الأهمية نظراً لموقعها الجغرافي وقربها من الحدود التركية والعراقية، بالإضافة إلى كونها مركزاً سابقاً لتنظيم "داعش". وتتيح السيطرة على هذه المناطق للقوى الكبرى نفوذًا كبيرًا على الأرض، وتأثيرًا مباشرًا على الأحداث الجارية في سوريا.

ويزيد التنافس الروسي-الأميركي في الرقة وريفها من تعقيد المشهد السوري، حيث تسعى كلتا القوتين لتعزيز مواقعها ودعم حلفائها المحليين. هذا التنافس قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد والتوترات، خاصة مع وجود قوات نظامية سورية وفصائل محلية مختلفة. ويزيد من حدة هذا الوضع استمرار التوترات السياسية بين واشنطن وموسكو على المستوى الدولي.

وقال بوبوف، دمرت القوات الجوية الروسية، الأحد 13 موقعًا لانتشار مسلحين خرجوا من منطقة التنف حيث تتمركز القوات الأميركية، وكانوا يختبئون في مناطق يصعب الوصول إليها في سلسلة جبال العمور بمحافظة حمص وجبال البشري في دير الزور.

بدوره، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القوات الروسية كثفت برفقة القوات الحكومية السورية من دورياتها العسكرية في ريف الرقة الشمالي، بالإضافة إلى مناطق في ريف عين العرب (كوباني). ولم تكتفِ القوات الروسية بتسيير الدوريات فحسب، بل عززت أيضاً عدة نقاط عسكرية مشتركة مع القوات الحكومية، في خطوة تهدف إلى تعزيز سيطرتها ووجودها العسكري في المنطقة.

وقبل أيام، أفادت وزارة الدفاع الروسية عبر “تلجرام”، إن أطقم القوات الجوية الروسية والسورية تدربت على عمليات مشتركة في أجواء سوريا. وأضافت أن التدريبات شملت دوريات على الحدود الجوية في الجزء الشرقي والجنوبي من الأجواء السورية، كما تدربت الطائرات على شن غارات جوية فردية وجماعية على أهداف في إحدى مناطق التدريب بالبادية السورية.

ونشرت الدفاع الروسية، السبت تسجيلًا مصورًا أيضًا قالت إنه من تدريبات عسكرية بالقرب من مدينة طرطوس الساحلية السورية، تحاكي هجومًا من البحر تتعرض له المنطقة. وتستمر التدريبات العسكرية بين قوات النظام السوري وروسيا منذ نحو أسبوع، وتركزت في مدن الساحل السوري، إلى جانب أخرى في منطقة البادية السورية شرقي محافظة حمص، وفق إعلانات رسمية.

وبين الحين والآخر، تتحدث موسكو عن غارات جوية تستهدف “مسلحين مدعومين من التنف”، والأسبوع الماضي، قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، إن القوات السورية أطلقت بدعم جوي مكثف من الطيران الروسي واحدة “من أكبر الحملات العسكرية في منطقة البادية وسط البلاد” منذ نحو ست سنوات.
وأضافت أن الحملة العسكرية البرية تهدف لتمشيط البادية السورية بشكل عام، وصولًا إلى منطقة “التنف” على الحدود السورية– العراقية– الأردنية، والتي تتمركز فيها القوات الأميركية.

ووفق الوكالة الروسية، اشتركت تشكيلات عسكرية من “الفرقة 25″ و”الفرقة الرابعة” و”الحرس الجمهوري” التابعة للجيش السوري، مدعومة بتشيكلات من المدرعات والدبابات والعربات العسكرية، بحماية جوية “مكثفة” من الطيران الروسي- السوري، وبمشاركة حوامات “B-52” الروسية.

ونقلت الوكالة عن مصادر لم تسمّها، أو تحدد طبيعتها، أن التحركات العسكرية “أسفرت عن تدمير جميع معاقل ومواقع المسلحين في الرصافة وزملة ومحيط حقل التوينان النفطي وقلعة الرصافة ومحيطها”.

وتكرر إعلان وزارة الدفاع الروسية عن استهدافها جوًا مواقع لـ”مسلحين ومتشددين” في منطقة التنف شرقي محافظة حمص، حيث تتمركز قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بمنطقة تعرف باسم منطقة “55 كيلومترًا” أو قاعدة “التنف” العسكرية.

وتثير التحركات الروسية والأميركية قلقًا بين السكان المحليين الذين يخشون من تصاعد العنف. كما تراقب القوى الإقليمية والدولية هذه التطورات بحذر، حيث يمكن لأي تصعيد أن يؤدي إلى تداعيات أوسع تتجاوز الحدود السورية.