من يضمن من؟

لا تستطيع إيران أن تسوق فكرة أن أوروبا يمكن ان تنقذها من المقاطعة الأميركية.

تمر إيران بمرحلة يمكن أن تعتبر الاسوأ منذ تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، إذ إنها تواجه مشاكل وصعوبات غير مسبوقة على كافة الاصعدة وبكل الاتجاهات. والذي يجعل القادة الايرانيين يشعرون بالاحباط المفعم بالمرارة هو إن الدور الاوروبي الذي تعقد عليه طهران الكثير من الآمال لكي يعينها على مواجهة العقوبة الاميركية لا يزال أكثر قربا وميلا للولايات المتحدة مع ملاحظة أن أصوات إرتفعت من طهران تٶكد إن الدور الاوروبي لم يحقق شيئا لحد الان وهو إمتداد أو مساير للاميركيين. لكن الذي يبدو واضح إن أوروبا تلعب دور الضاغط على إيران لكي تجلس الى طاولة المفاوضات مع الاميركيين، وهو أمر لا يبدو إن طهران بمقدورها أن تنأى بنفسها بعيدا عنه.

عندما يقول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بأن بلاده لا ترى داعيا لإجراء محادثات نووية جديدة مع الولايات المتحدة دون الحصول على ضمانات بعدم الرجوع عن أي اتفاق يتم التوصل إليه، فإنه يريد أن يدفع عن نظامه الشبهات بعدم إلتزامها بتعهداتها وإنه لا يوجد ضامن لإلتزامها حرفيا، خصوصا وإن إدارة الرئيس دونالد ترامب التي قامت بإلغاء الاتفاق النووي المعقود مع طهران لأنها تراه غير ضامن لإلتزام إيران وإن فيه الكثير من العيوب والثغرات ولاسيما وإن الاخيرة قامت بخرقه لمرات عديدة كما أكدت المصادر الاستخبارية الالمانية خلال عامي 2016 و2017، وهو مايدل على إن ظريف يحاول التلاعب بالكلمات والمناورة.

مشكلة النظام الايراني إن له تأريخا في عدم إلتزامه بتعهداته ولاسيما في المجال النووي، إذ أن الاتفاق الذي قام بإبرامه مع وفد الترويكا الاوربي في عام 2004، حيث كان الرئيس روحاني يقود الجانب الايراني في المفاوضات، لكن لم يف النظام بإلتزاماته كما إن إتفاق يوليو/تموز 2015، قد شهد هو كما أسلفنا خروقات عديدة من جانب طهران ولاسيما عبر الشركات الصينية من أجل الحصول على أجهزة ومعدات يمكن إستخدامها للبرنامج النووي، وإن شكوك ومخاوف واشنطن لها مايبررها مثلما إنها تلقى قبولا لدى الاوساط السياسية والاستخبارية الدولية، في وقت ليس هناك من يأخذ بالانتقادات والمآخذ الايرانية بشأن عدم إلتزام واشنطن بتعهداتها ويجب ضمان ذلك.

الاوضاع في إيران كما أسلفنا صعبة وهناك الكثير من القلق وحتى التخوف من المستقبل الذي لم يعد هناك ما يمكن أن يضمنه للنظام الحالي، حيث لايجب أن ننسى بأن مسٶولون إيرانيون بأنفسهم يتخوفون من إندلاع إنتفاضة شعبية أكبر من تلك التي إندلعت في 28 ديسمبر/كانون الاول 2017 بحيث تسقط النظام، وإن الشعب قد صار معبئا وممتلئا رفضا وكراهية للنظام ولهذا فإن طاولة المفاوضات سيكون الملاذ الاخير لطهران وسيكون جلوسها مرهون بتنازلات مٶلمة جدا.