مَن لا يريد الخير لإيران

يتمنى الكثيرون لو أن إيران افاقت من أوهام الخمينية واستعادت صوابها لكي تتصرف باعتبارها دولة ترعى وجودها ضمن الأسرة العالمية.
على إيران الاعتراف بأن مبدأ تصدير الثورة لم يعد عمليا فهو يتناقض تماما مع العصر
إيران في اربعين عاما لم تقدم لمحيطها شيئا ينفع
"الوصاية على شيعة العالم" الحق الذي صنعته ايران لنفسها لتبرر تدخلها في شؤون العرب

"إيران أكثر الدول خطرا على الأمن والسلام العالميين" تلك حقيقة مَن يقولها صراحة لا يقصد من ورائها أنه يريد لإيران الشر، بل العكس هو الصحيح. 
فالخطر الإيراني يتضمن أيضا دعوة للانتحار الذاتي. 
بقدر ما تهدد إيران الأمن والسلم في العالم بقدر ما تضع نفسها في موقع، يجلب عليها كوارث الحروب مع أطراف لا تقوى على الصراع المسلح معها وإن ادعت أنها قوة عظمى. 
يتمنى الكثيرون لو أن إيران افاقت من أوهام الخمينية واستعادت صوابها لكي تتصرف باعتبارها دولة ترعى وجودها ضمن الأسرة العالمية بقدر من الشعور بالمسؤولية ومراعاة المواثيق والاعراف القانونية. 
حينها تريح الآخرين وترتاح من قلقها وهلعها الدائمين.
ينبغي على إيران أن تعترف بأن الخمينية قد ذهبت إلى التاريخ ولم يعد مبدأ تصدير الثورة عمليا ذلك لأنه يتناقض تماما مع العصر. فهو مبدأ متخلف، هدام ولا يمكنه أن ينسجم مع طموحات الشعوب في التنمية والتنوير واتباع الروح العلمية. 
إيران تحارب كما لو أنها تصنع فيلما تاريخيا. إنها تخترع أعداء لتحاربهم أو لتحث الآخرين على عدائها ومن ثم محاربتها من أجل الحد من سلوكها العدواني الضار. لا تريد إيران أن تكون دولة سوية.
من وجهة نظرها فإن السلام معناه التواطؤ مع الولايات المتحدة وإسرائيل والخضوع لهما. وذلك ليس صحيحا.   
فالسلام يعود بالنفع أولا وأخيرا على مَن يسعى إليه. ولقد قضت إيران الأربعين سنة الماضية وهي تقاوم كل فكرة، تعتقد أنها يمكن أن تقدمها دولة تسعى إلى شراكة ايجابية مع العالم أو على الأقل مع محيطها على أساس تبادل الخبرات العلمية والثقافية والاقتصادية من خلال مشاريع استثمار تنموية تعود بالنفع عليها. 
عبر سنوات ثورتها لم تقدم إيران لمحيطها شيئا ينفع. ولو أنها اكتفت بذلك وعاشت منغلقة على نفسها لما وقعت في المحذور ولما شكل وجودها خطرا على سواها. ما فعلته إيران أنها شذت بسلوكها عما تفرضه قوانين العلاقات بين الدول وبالأخص على مستوى حسن الجوار. لقد كانت دائما جارا سيئا ومصدر إزعاج. وهي إذ تصر على القيام بذلك فإنها تنطلق من وهم حقها في الوصاية على شيعة العالم وهو حق صنعته لنفسها لتبرر من خلاله تدخلها في شؤون الدول العربية.
ولو وضعنا تلك المعادلة على طاولة التشريح لاكتشفنا أن الدول التي ابتليت بتدخلات إيران لم تبادلها السياسة نفسها فلم تتدخل في شؤونها الداخلية بالرغم من أن ذلك كان ولا يزال ممكناً ومتاحاً. لا أحد يرغب في التدخل في شؤون إيران الداخلية. لا أحد يرغب في أن يجرها إلى مزيد من المتاعب. ولكن نظامها لم يرحم شعبها. 
سيكون من الصعب تجريد الشخصية الفارسية من عنادها وغرورها. 
كانت تلك الصفة تقع دائما في صلب طريقة تصريف إيران لعلاقاتها بالعالم الخارجي. فهي بعد أن استغلت الظروف السيئة التي مرت بها المنطقة وتمادت في توسيع نفوذها صارت تتوهم أنها قادرة على إدارة محمياتها من غير أن تتعرض للمساءلة القانونية الدولية. 
اعتقد النظام الإيراني إن ادارته من خلال ميليشياته لممتلكاته الجديدة ستنتقل بإيران إلى مصاف الدول الكبرى التي يتم التفاوض معها إذا ما تعلق الأمر بتقرير مصائر الشعوب. ولقد أهدرت إيران مالا عزيزا في سبيل تكريس ذلك الموقع الذي هيأت نفسها للدخول في حروب من أجل الاحتفاظ به. كانت الحرب ولا تزال هي العلامة التجارية التي اعتمدها نظام الملالي في التعريف بإيران التي تحتفي بالمناسبات الجنائزية. 
لم تصدر إيران إلى العالم العربي سوى المخدرات والأسلحة. ذلك يعطي فكرة عن الدور الذي مارسته إيران في تخريب العراق وسوريا ولبنان واليمن. تلك الدول التي كان من سوء حظها أنها أهملت عربيا وعالميا لتقع فريسة للأطماع الإيرانية التي تتعارض تماما مع أي فكرة للبناء والازدهار والتنمية والتطور.  
كانت عسكرة مجتمعات الدول التابعة من خلال بسط نفوذ الميليشيات هي الهدف بالنسبة لإيران لكي تعيش المنطقة في حالة حرب دائمة. فإيران وهي دولة حرب ترى في السلم عدوا لا تملك سوى أن تكون نموذجا لامبراطورية مضى زمانها وفسدت عدتها وإذا ما كان خطرها على الآخرين واضحا فإن خطرها الداخلي هو الأشد هولا. ذلك لأنه ما من أحد في المنطقة إلا ويتمنى أن يُزال مصدر ذلك الخطر. 
لقد انفقت إيران أموالا هائلة على مشروع استعماري فاشل. فبغض النظر عن الأوقات العزيزة التي خسرتها الشعوب التي وقعت تحت وطأة النفوذ الإيراني فإن ما خسرته وما ستخسره الشعوب الإيرانية هو أضعاف ذلك. 
لا أحد يريد الشر لإيران ولكنها تريده لنفسها.