مَن يعادي إيران التي لا أصدقاء لها؟

تحاول إيران أن تمارس دورا خبيثا ومراوغا حين تظهر نفسها ضحية في مواجهة القوى الإقليمية والدولية.

إذا حاولت إيران أن تحصي أعداءها فإنها ستعجز عن العد. لن يكون الامر مفاجئا أو صادما. إذا لم يكن المرء يكره إيران من قبل فقد صار عليه أن يكرهها بسبب طريقتها في التعامل مع أزمتها الحالية. المقصود هنا ليست إيران بل نظامها طبعا.  

سيكون من الصعب القبول بأسلوب الغرور والعجرفة الذي يتبعه الإيرانيون في ظل إمكانية أن تقوم حرب، ستخسرها إيران مئة بالمئة. ذلك ما يُعرض بلدا بشعبه للخطر بسبب غباء حكامه. أليس ذلك ما حدث في العراق عام 1991 ومن بعده في عام 2003؟

من غير الأخلاقي أن يحتمي الحكام المستبدون بالشعب حين تقود سياستهم الخاطئة إلى حرب مدمرة وليست عادلة بل وليست ضرورية. وهو ما يفعله ملالي إيران اليوم. فالحرب التي يقتربون من حافاتها وهي حربهم التي خططوا لها منذ عقود قد لا تؤدي إلى سقوط نظامهم غير أنها بالتأكيد ستلحق ضررا كبيرا بالشعوب الإيرانية التي عزلتها سياساتهم عن العالم. إضافة إلى انها ستدمر كل المنشآت التي أهدروها في بنائها أموالا طائلة.  

إيران اليوم بلا أصدقاء. لا يمكن النظر إلى الأتباع باعتبارهم أصدقاء. فحزب الله مثلا ليس صديقا لإيران. إنه واحدة من أدواتها لتنفيذ مخططها التوسعي العدواني في المنطقة. وهكذا هو حال كل الميليشيات التي عبأتها إيران بروح الكراهية للاستقرار والتنمية البشرية.

من المؤكد أن المرشد ومن حوله مريدوه يراهنون على أن الحرب ستكون مكلفة بالنسبة للعالم. لذلك فإنهم يظهرون قدرا من الاطمئنان إلى أنها لن تقع. وهو رهان يضع في الاعتبار شعور الجهات الأخرى بالمسؤولية. ولكن ماذا عن شعور حكام إيران بالمسؤولية؟      

يكاد ذلك الشعور في المعادلة أن يكون صفرا.

فهم لا يضعون في اعتبارهم مخاوف المجتمع الدولي من أن تؤدي سياستهم التوسعية إلى الاضرار بمصالح العالم الاقتصادية بحيث تتحول إيران إلى قوة تتحكم من غير أي حق بمصير امدادات المنطقة النفطية.

مشكلة حكام إيران أنهم يديرون ظهورهم لحقوق الدول الأخرى في المنطقة في أن تبسط سيادتها على أراضيها وتتصرف بثرواتها بالطريقة التي تنفع شعوبها ولا يكون تصرفها عثرة أمام انسياب الامدادات النفطية بطريقة طبيعية إلى العالم.

ما يقف بين حكام إيران واستيعاب تلك الحقيقة هو أنهم يعتقدون أنه ليس من واجب المجتمع الدولي الوقوف أمام مشروعهم "العقائدي" الذي هو في حقيقته مشروع اقتصادي ذو مضامين سياسية.

فإيران التي تزعم أنها تقوم بنشر اسلامها من خلال ممارستها للوصاية على جزء من سكان المنطقة وهي وصاية تتم عن طريق قوة السلاح انما تسعى إلى أن تستولي على ثروات المنطقة "لتضعها في خدمة الامام الغائب" وهو ما يعني حرمان شعوب المنطقة من ثرواتها لتستعمل إيران تلك الثروات في حروبها ضد العالم دفاعا عن خرافاتها ومعتقداتها البالية والرثة.

تحاول إيران أن تمارس دورا خبيثا ومراوغا حين تظهر نفسها ضحية في مواجهة القوى الإقليمية والدولية التي تسعى إلى الانتقاص من سيادتها وحريتها في اتخاذ القرارات السيادية.

فالأمر بالتأكيد ليس كذلك. وهو ما يعرفه المرشد جيدا حين يؤكد مرة تلو الأخرى رفضه الذهاب إلى مفاوضات ستقف بإيران في مواجهة استحقاقات لن تكون قادرة الإيفاء بها في ظل تمسكها بسياستها التوسعية.

غير أنه أصبح واضحا بما لا يقبل الشك أن لجوء إيران الى التلكؤ والمماطلة والعبث بأمن الممرات المائية لن ينفعها في شيء ولن يؤدي إلى تحسين وضعها في المفاوضات. بل قد يقود ذلك السلوك إلى ما هو أسوأ بعد أن تنجح الولايات المتحدة في الحصول على دعم من مجلس الامن. وهو ما متوقع في ظل عزوف الدول الكبرى عن الاستمرار في تفكيك لغز العناد الإيراني.

وحين تتأكد الولايات المتحدة من أن إيران باتت من غير أصدقاء تماما وهو أمر حتمي فإنها لن تتردد في توجيه ضربة إليها.