ندوة بوتفليقة تثير الانقسامات داخل الحزب الحاكم

الناطق باسم جبهة التحرير الوطني يطالب بانتخاب رئيس جديد في حين يسارع الحزب إلى النأي بنفسه عن تصريحاته في انقسام واضح داخل السلطة.
الناطق باسم الحزب الحاكم يطالب بانشاء الهيئة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات
الحزب الحاكم يؤكد التزامه بخارطة طريق بوتفليقة
المعارضة تقترح خارطة طريق ردا على خطة الرئيس الجزائري

الجزائر - أعلن حسين خلدون المتحدّث باسم "جبهة التحرير الوطني"، الحزب الحاكم في الجزائر، الأحد أنّ "الندوة الوطنية" التي دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعقدها تمهيداً لتنحّيه عن السلطة "لم تعد مجدية" ولا بد من انتخاب رئيس جديد "الآن"، في تصريح سارع الحزب إلى النأي بنفسه عنه.

نحن في جبهة التحرير الوطني نعتبر اليوم أنه حتى الندوة لن تحل المشكلة لأن من سيشارك في الندوة ليس منتخباً

وقال خلدون لقناة "دزاير نيوز" التلفزيونية "بصراحة الآن، نحن سنراجع موقفنا من قضية الندوة، لنقرّر ما إذا كنا سنشارك أم لا نشارك فيها".

وأضاف "نحن في جبهة التحرير الوطني نعتبر اليوم أنه حتى الندوة لن تحل المشكلة لأن من سيشارك في الندوة ليس منتخباً".

وأضاف أنّ الحلّ يكمن في "انتخاب رئيس للجمهورية الآن".

وأوضح المتحدّث أنّه "إذا أردنا أن نكسب الوقت اليوم، علينا أن ننشئ الهيئة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات ونعدّل مادة أو بعض مواد قانون الانتخابات حتى نضمن شفافية ونزاهة الانتخابات، وبعدها ليتفضلوا إلى الانتخابات ومن يعطِه الشعب الأغلبية يكون هو الرئيس الذي يخاطب الشعب ويخاطب الحراك، لأنّه سيكون متمتعاً بدعم أغلبية الشعب الجزائري".

لكنّ الحزب الحاكم منذ 1962 سارع إلى إصدار بيان "توضيحي"، جدّد فيه "التزامه بخارطة الطريق التي أقرّها" بوتفليقة.

وأوضح البيان أنّ "حزب جبهة التحرير الوطني، المتمسك بتنظيم ندوة وطنية جامعة، يشارك في النقاش الوطني من خلال إطاراته ومناصليه، ويعبّر عن مواقفه من خلال بيانات رسمية صادرة عن قيادته".

وكان معسكر بوتفليقة تعرّض الأربعاء لشرخ جديد بإعلان معاذ بوشارب، رئيس حزب جبهة التحرير الوطني، مساندته "للحراك الشعبي" مع الدعوة إلى "الحوار" من أجل الخروج من الأزمة.

وقال منسّق جبهة التحرير معاذ بوشارب في اجتماع لمسؤولي الحزب في المحافظات إنّ "الشعب قال كلمته كاملة غير منقوصة وأبناء حزب جبهة التحرير الوطني يساندون مساندة مطلقة هذا الحراك الشعبي ويدافعون بكل إخلاص من أجل أن نصل إلى الأهداف المرجوة وفق خارطة طريق واضحة المعالم".

وأضاف بوشارب "الشعب طالب من خلال مسيرات حاشدة بالتغيير وكان له هذا التغيير وقالها رئيس الحزب فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بصريح اللفظ والعبارة بأنه ذاهب نحو تغيير النظام" لذلك "يجب علينا جميعا أن نجلس إلى طاولة الحوار للوصول إلى جزائر جديدة".

منسّق جبهة التحرير معاذ بوشارب
منسق جبهة التحرير يساند بالمطلق الحراك الشعبي ضد بوتفليقة

واتفقت أحزاب المعارضة الجزائرية الإسلامية والعلمانية في اجتماع تشاوري عقد السبت بمقر حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي على تغيير اسم اللقاء التشاوري إلى 'فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب'. كما دعا المشاركون في اللقاء إلى الاستمرار في الحراك الشعبي والحذر من المندسين لاختراق الحراك واضعافه والالتفاف على مطالبه.

واقترح اللقاء التشاوري ايضا خارطة طريق سياسية للخروج من الأزمة في رد عملي على الخطة التي طرحها الرئيس بوتفليقة في الفترة الأخيرة على أن لا يكون فيها لرموز النظام اي دور.

واشار إلى أن خارطة الطريق التي تقترحها المعارضة هي ضمن اطار الشرعية الشعبية وفق المادة 7 من الدستور الجزائري وتنفذ بعد انقضاء المدة الرئاسية الحالية للرئيس بوتفليقة أي في 28 أبريل/نيسان على أن أساس مرحلة انتقالية قصيرة يجري خلالها نقل صلاحيات الرئيس المنتهية ولايته لهيئة رئاسية.

ودعا المشاركون في اللقاء التشاوري في بيان ختامي المؤسسة العسكرية للاستجابة لمطالب الشعب والمساعدة على تحقيقها ضمن احترام الأطر الشرعية والقانونية.

ويكون تشكيل الهيئة الرئاسية من شخصيات وطنية تتبنى مطالب الشعب بتغيير النظام على أن لا يترشح أي من أعضائها للاستحقاقات الانتخابية القادمة وتتولى الهيئة مهام رئيس الدولة بما يشمل تعيين حكومة كفاءات وطنية لتصريف الأعمال في المرحلة الانتقالية.

ومن ضمن بنود خارطة الطريق التي اقترحتها المعارضة في لقائها التشاوري، تشكيل هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات بما يضمن نزاهتها.

وكانت القوى السياسية من المعارضة قد بدأت السبت اجتماعها لبحث خارطة طريق ردا على خطة أعلنها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قبل أيام للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أسابيع.

وشكّل ترشّح بوتفليقة (82 عاماً) المريض لولاية خامسة شرارة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع عدّة.

وفي 11 آذار/مارس عدل بوتفليقة عن الترشّح لولاية رئاسية خامسة، غير أنه قرّر البقاء في الحكم بعد انتهاء ولايته في 28 نيسان/أبريل عبر تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان/ابريل إلى ما بعد انعقاد "ندوة وطنية" هدفها ادخال إصلاحات وإعداد دستور جديد.

وسرعان ما عبّر المحتجون الذين يتظاهرون بشكل مستمر منذ 22 شباط/فبراير عن رفضهم لهذا القرار وطالبوا بتنحي بوتفليقة ومساعديه و"النظام" الحاكم.

والتحق بالركب الداعم للحراك الشعبي "التجمّع الوطني الديموقراطي"، ثاني أكبر حزب في البرلمان والمتحالف مع حزب الرئيس، حيث اعترف متحدّثه الرسمي صديق شهاب بأنّ الحزب "أخطأ التقدير" بترشيحه بوتفليقة لولاية خامسة.

وأخطر من ذلك قال شهاب إنّ "قوى غير دستورية كانت تتحكّم في تسيير الجزائر. قوى غير مهيكلة، غير دستورية، موجودة في كل مكان. الجزائر سيّرت من طرف هذه القوى خلال السنوات الخمس، الست، السبع الأخيرة".

وأضاف أنّه لا يعرف من يقرّر "حقيقة" في الرئاسة.

ومثل هذا الخطاب عادة ما يردّده معارضو الرئيس بسبب ندرة ظهور بوتفليقة وعدم مخاطبته الجزائريين إلا من خلال الرسائل المكتوبة، منذ إصابته بجلطة في الدماغ أقعدته على كرسي متحرّك وتسببت له في صعوبة الكلام.

وحتّى وإن حاول الحزب، الذي يقوده رئيس الوزراء المُقال أحمد أويحيى، تصحيح التصريح من خلال تبريره ب"الانفعال والابتعاد عن المواقف المعروفة" للحزب المساند للرئيس، إلا أنّ ما قيل قد قيل.