هزيمة الاخوان وانحسار الإسلام السياسي

ليس هناك شعور أخواني معلن بالإحباط، فلا تزال جماعة الاخوان تقاوم وكأنها مندفعة بقوة في اتجاه الحكم. الجماعة تعلمت الاحتيال.
تبخر كل أثر للدين ولم تبق سوى السياسة عارية
حين وصل الاخوان الى الحكم، لم يعد بإمكانهم العودة إلى ماضي تربيتهم الحزبية
الاخوان ضحكوا على اردوغان وجعلوا منه دمية وضحكوا على مموليهم ونهبوا أموالهم

مع ازدياد عدد الدول التي تصنفها جماعة ارهابية لا تزال جماعة الاخوان المسلمين تمني اتباعها بالعودة إلى حكم مصر. وهي أمنية لا حظوظ لها على مستوى الواقع بعد افتضاح حقيقة جماعات الإسلام السياسي القائمة أصلا على اللجوء إلى العنف وسيلة للوصول إلى السلطة التي تستعملها لإشاعة التخلف والجهل والفساد والتمييز بين فئات المجتمع الذي يُراد له أن يعيش انقطاعا تاما عن العصر حيث تسود لغة الكراهية في تعامله مع العالم.

وفي كل ذلك انما يعتمد الاخوان على طريقتهم في النظر إلى الإنسان العربي، وهي طريقة صارت جزءا من الماضي بعد هذه السنوات العشر من ربيع كاذب امتلأ بكل أنواع الجرائم التي ارتكبها دعاة الدين ومرتزقته في حق الناس البسطاء الذين صدقوهم فإذا بهم يقودونهم إلى المحرقة. لقد تبخر كل أثر للدين ولم تبق سوى السياسة عارية وهي سياسة لا ترى في الإنسان سوى أداة لتنفيذ غاياتها الدنيوية. في سنة حكم واحدة بمصر افتضحت حقيقة الاخوان التي حرصوا على اخفائها سبعين سنة.

يعتقد الاخوان أن ستار الدين لا يزال مسدلا على حقيقتهم السياسية.

وهم يتصرفون بطريقة مزدوجة. فمن ناحية يغلب على نشاطهم العلني في الارياف والمدن الصغيرة البعيدة الجانب الدعووي حيث يبدو أحدهم بهيأة رجل دين لا تهمه أمور الدنيا في شيء ومن ناحية أخرى فإن نشاطهم السري في المدن وبالأخص في الجامعات يغلب عليه الطابع السياسي. فهم معارضون للبنى السياسية القائمة التي يسعون إلى قلبها.

في الحالين فإن الاخوان يخفون أكثر مما يظهرون.

فعلاقتهم بالوطن التي يضطرون في المدن إلى تغليفها بكثير من الأكاذيب والحيل هي أشبه بعلاقتهم بالدين التي يحاولون من خلالها إلى جر البسطاء من الناس إلى مواقع التكفير من غير أن ينطقوا به. فهم محتالون. تعلموا فنون الاحتيال عبر عقود من اللعب مع الانظمة السياسية المختلفة. ملكية وجمهورية. اشتراكية ورأسمالية. قومية ومنغلقة على نفسها.

لقد تعلم الاخوان كيف يتعايشون مع الانظمة على اختلافها. غير أنهم بعد أن وصلوا إلى الحكم لم يعد في إمكانهم أن يعودوا إلى ماضي تربيتهم الحزبية. أولا لأن سياستهم صارت معلنة وثانيا لأن علاقاتهم بدول بعينها قد افتضحت وثالثا لأن مصادر تمويلهم قد تم الاعلان عنها.

لقد اتضح أن دين الاخوان كذب ووطنيتهم كذب وهم يكذبون في كل ما يقولونه من جهة مشروعهم السياسي. وربما يمكننا أن نكتشف شيئا من مشروع جماعات الإسلام السياسي حين نلقي نظرة سريعة على العراق. بلد ثري يعيش نصف سكانه عند حد الفقر أو دونه أو حين ننظر إلى تونس التي قادتها حركة النهضة الاخوانية إلى مرحلة التعاسة المطلقة فلا نفع من ثرواتها البشرية أو المادية ولا أمل في نهوض قريب.

لقد استولى الاخوان على الربيع العربي واعتقدوا أن اليوم الذي سيعلنون رجب طيب اردوغان فيه أبا روحيا مستعادا للأمة بات قريبا. ولم يكن ذلك الحدث لو أنه وقع إلا حدثا رمزيا. ذلك لأن الاخوان لا يعترفون بالسلطنة العثمانية ولا بما يمثلها في العصر الحديث. لقد ضحكوا على اردوغان وجعلوا منه دمية وضحكوا على مموليهم ونهبوا أموالهم.    

يوما ما سيكتشف العالم أن جماعة الاخوان المسلمين هي أخطر تنظيم ارهابي مافيوي عرفه التاريخ. ستكون عائلة آل كابوني مجرد فقرة صغيرة من فقرات درسه المعقد. فالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وضع دولا تحت أبطه وهناك دول غنية فتحت خزائن أموالها له. "خذ ما تشاء" ترى ما السر في ذلك؟ أعلينا أن نفكر في دول عديدة كانت إلى وقت قريب تضع تنظيم الاخوان قريبا من القلب.   

ولكنها لم تعد تفعل ذلك. هل هذا حقيقي؟

لقد بدأت دول مهمة تتبرأ من علاقتها بالجماعة حيث صارت تعتبرها تنظيما ارهابيا. ولكن تلك الجماعة لن تجد نفسها وحيدة. ذلك لأن هناك دولا لا تزال تملك حرية الحركة في تمويل ودعم الجماعات الارهابية من غير تسميتها. لا يزال رمز رابعة قائما بالرغم من أنه صار أشبه بالرسوم الهزلية.

لا تزال جماعة الاخوان تقاوم وكأنها مندفعة بقوة في اتجاه الحكم. ليس هناك شعور معلن بالاحباط، ذلك لأن الجماعة تعلمت الاحتيال. مثلما احتالت على الانظمة السياسية فإنها صارت اليوم تحتال على الشعوب.

لقد اختصت جماعة الاخوان بالاحتيال. لذلك فإن ما تظهره من خلال تصريحات زعمائها لا يمت إلى حقيقة ما يحدث لها بصلة. فهي اليوم تعيش مرحلة أفولها بل أن الإسلام السياسي كله يعيش مرحلة انحساره.