هلوسات إيرانية في الوقت الضائع

لا تريد إيران أن تصدق أنها دولة انتهت صلاحيتها على مستوى الهيمنة على المنطقة. لذلك فإنها تفكر في الحرب حلا لأزمتها.

تقول إيران ما يحلو لها. لا خطأ في ذلك الحق. غير أن المجتمع الدولي ليس مجبرا على تصديق ما تقوله دولة وجدت غير مرة أن خيارها الوحيد يكمن في الحرب. كانت تلك هي حربها المؤجلة على العالم الذي لن يعرف سببا مقنعا لقيام تلك الحرب.

من المؤكد أن إيران وهي المنفصلة بسبب نظامها العقائدي الكئيب عن العالم تريد شيئا تظن أنه الشيء الوحيد الذي يجعل منها دولة محترمة فيما العالم يريد شيئا آخر يحترمها من خلاله. ذلك الخلاف يحدث لأن إيران تفكر وهي نائمة على وسائد خرافاتها التي لم تعد تعني شيئا بالنسبة للعالم.

إيران بلد أغلق أبوابه على خيال رجال دينه الرث. وهو وإن كان قد تمكن من الحصول على تقنيات عسكرية حديثة فإنه بفكر في الانتصار على أعدائه بقوة ملهميه الذين يقيمون في عالم الغيب. ذلك لأن لهاثه التسليحي لا يعد شيئا مقارنة بما يملكه أولئك الأعداء المفترضون من سلاح تدميري.

"أن تكون شرطي الخليج" ذلك ما تحلم به إيران وهو تجسيد لفكرتها عن حماية الملاحة في الخليج. فكرة لن تكون مقنعة بالنسبة للعالم في ظل الظروف الحالية. فليس معقولا أن توكل الولايات المتحدة مهمة خطيرة من ذلك النوع لإيران التي اثبتت أن لا وجود لشيء يربط بينها وبين السلام، فهي دولة حرب إن تمكنت من السيطرة على الممرات الدولية فإنها ستجد الفرصة سانحة أمامها لخنق جزء حيوي من الاقتصاد العالمي.

وإذا ما كان الإيرانيون يتمسكون بالإتفاق النووي الذي سبق لخامنئي شخصيا أن رفضه وشكك بجدواه فعليهم اليوم أن يدركوا أن ذلك الاتفاق صار جزءا من الماضي ولا أحد يرغب في العودة إليه. وما الوساطة الفرنسية بينهم وبين الأميركان والتي يتمنون لها أن تنجح إلا وسيلة لعقد مفاوضات بين الطرفين لإبرام اتفاق نووي جديد، يأخذ بعين الاعتبار سلوك إيران المزعج في المنطقة إضافة إلى تمويلها ورعايتها لعدد من الميليشيات الإرهابية.

وفي سياق الهلوسة الإيرانية التي صارت بمثابة عادة يمكن النظر إلى تصريحات الرئيس روحاني في صدد نظام إقليمي تطرحه طهران على دول المنطقة لحماية الملاحة في الخليج.

تأتي تلك التصريحات في الوقت التي حملت فرنسا وبريطانيا وألمانيا إيران مسؤولية الهجمات التي استهدفت منشآت النفط السعودية. فهل قرر روحاني أن يعبر خط النار بمشروعه "الاستراتيجي" المضحك؟

أعتقد أن الإيرانيين يلعبون دور المهرج الذي يسلي نفسه وتابعيه بحركاته فيما العالم يضحك عليه بسبب حماقته وصغر عقله وتفاهة تفكيره.

فليس لدى الإيرانيين سوى هلوسات صغيرة عن قوتهم ودولتهم العظمى.

وإذا ما كان العالم حتى هذه اللحظة يتردد في أن يدوس على اللغم الإيراني خشية انفجاره فإنه لابد أن يملك الوسائل الكفيلة بتعطيل ذلك اللغم.       

لا تريد إيران أن تصدق أنها دولة انتهت صلاحيتها على مستوى الهيمنة على المنطقة. لذلك فإنها تفكر في الحرب حلا لأزمتها. وهو حل لا يفكر فيه العالم، ذلك لأنه صار قديما. هناك حلول أكثر تأثيرا، في مقدمتها الحل الاقتصادي. وهو خيار صار على إيران أن تفكر فيه لتتخلص من خلاله من سياستها القديمة التي لم تعد عليها بالنفع.

إيران ليست دولة صغيرة وفي إمكانها أن تساهم إيجابيا في الاقتصاد العالمي إن تخلصت من عقدتها العقائدية وتصرفت باعتبارها دولة ترعى مصالحها وتهتم بتطوير سبل العيش لسكانها والانضمام إلى ركب العالم الحر.

اما أن تستمر في هلوساتها فإن ذلك لا يضمن لها سوى المضي في طريق الهلاك المؤكد الذي لا نجاة منه.