هل هي ولاية ثانية لترامب حقا؟

ما سيفعله بايدن مع إيران لن يتخطى القرار الإسرائيلي.
كل شيء بالنسبة لإيران وحلفائها كان معطلا في انتظار هزيمة ترامب
هل يُعقل أن يلتفت الرئيس الأميركي إلى الماضي لكي يحكم أميركا الحاضر
سيكون مفاجئا أن نكتشف أن بايدن يعتبر قرارات ترامب بشأن إيران صائبة ولا يمكن التراجع عنها

غادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض متمنيا للإدارة الجديدة النجاح. ما فعله ترامب حين امتنع عن حضور حفل التنصيب كان استثنائيا لكنه لم يكن غريبا على سلوك رئيس استثنائي.

كان ترامب رئيسا استثنائيا في كل ما فعله عبر الأربع سنوات التي قضاها في البيت الأبيض. كان رئيسا اشكاليا ترك وراءه حزمة من القضايا التي سيكون على خلفه جو بايدن أن يعالجها بطريقة تناسب فكرته عن أميركا التي تقود العالم من غير قطيعة.

سيعيد بايدن النظر في عدد من القرارات التي اتخذها ترامب والتي يعتقد أنها أضرت بسمعة ومكانة الولايات المتحدة كونها الدولة الأقوى في العالم.

وكما يبدو فإن السعداء برحيل ترامب في الشرق الأوسط قد شعروا بالخيبة وهم يطلعون على فقرات مما سيفعله بايدن في أيامه الأولى من أجل أن يكون يوم تنصيبه يوما جديدا في أميركا بحيث رفعوا مبكرا شعار "ولاية ثانية لترامب" وهو أمر يتعلق بآمالهم التي هي ليست جزء من أجندة الرئيس الأميركي الجديد.

وإذا ما عدنا إلى الأشهر التي سبقت انتخاب بايدن فإن كل شيء بالنسبة لإيران وحلفائها في المنطقة كان معطلا في انتظار هزيمة ترامب. كان ترامب أشبه بالكابوس الذي لو طويت صفحته فإن المعادلات كلها ستنقلب لتكون الطرق سالكة أمام إيران لتفعل ما تشاء من غير أن يكون هناك أي نوع من الضغط أو الرقابة.

لقد خُيل إلى إيران وحلفائها أن مشكلتهم ستحل في السطر الأول من القرارات التي يتخذها الرئيس الأميركي الجديد فهو لن يبات ليلته الأولى في البيت الأبيض من غير أن يرفع العقوبات الاقتصادية.

كان حزب الله قد وضع مصير الحكومة اللبنانية على نار هادئة في انتظار كلمة من بايدن، تكون مصدر قوة يستعين بها على الرئيس الفرنسي ماكرون ومشروعه.

كان متوقعا أن يرفع بايدن يده منذ اليوم الأول لتنصيبه عن الشرق الأوسط لتكون إيران هي القوة الوحيدة التي تتحكم بمصيره من غير أن يوقفها أحد أو يلزمها بشروط لا يمكن سوى الاستجابة لها وإن طال الزمن.

ذلك توقع ساذج وهو يعبر عن غباء سياسي مطلق.

كان هناك مَن يفكر في أن يكون بايدن هو اوباما الأبيض. كان نائبه وصاحب مشاريع فجائعية بالنسبة للعالم العربي أبرزها الدعوة إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دول.

ولكن متى حدث ذلك؟

حدث قبل سنوات. فهل يُعقل أن يلتفت الرئيس الأميركي إلى الماضي لكي يحكم أميركا الحاضر. الزمن الأميركي هو أسرع مما نعرفه عن الزمن. ومَن يركب عربة ذلك الزمن لا يميل إلى الالتفات إلى الوراء حتى وإن كان ذلك من أجل التعلم.

هل يتذكر الرئيس الأميركي ما كان يفكر فيه يوم كان نائبا للرئيس؟

كان الإيرانيون يضحكون على شعوبهم في انتظار الفرج. الملف الإيراني الذي يمكن أن يوضع أمام الرئيس بايدن في الأشهر القادمة هو ملف شائك لا يمكن طيه بمجرد العودة إلى الاتفاق النووي.

سيكون مفاجئا أن نكتشف أن بايدن يعتبر القرارات التي اتخذها ترامب في حق إيران صائبة ولا يمكن التراجع عنها. وهو ما أنا على يقين منه. ولقد أثبتت إيران من خلال سلوكها في الزمن الذي تلا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي أن ترامب كان محقا في كل ما قرره.

لقد رسم ترامب خطة لإجبار إيران على التراجع عن برنامجيها النووي والصاروخي لا يمكن لبايدن أن يتخلى عنها. وهي خطة تحفظ للولايات المتحدة هيبتها أمام إسرائيل وفي المنطقة.

ما سيفعله بايدن لن يتخطى القرار الإسرائيلي.

هل يعرف حزب الله ذلك؟

سيكون من الصعب الشك في ذلك. إذاً لمَ الرهان على حصان خاسر؟

كل ما حدث وما سيحدث انما يدخل في باب الاحتيال.

لقد كانت إيران تمارس الاحتيال على شعوبها وعلى أتباعها حين أوهمتهم بأن بايدن سيكون نسخة من اوباما الذي زحف من أجل اقناعها بتوقيع الاتفاق النووي.

وها هم الأتباع يمهدون لتحولها من الامل إلى الخيبة من خلال الحديث عن بايدن الذي خذلهم ولم يمض على تنصيب الرجل سوى ساعات قليلة.

ما كانت إيران على يقين منه صار موقع شك. فتصريحات أركان إدارة بايدن تؤكد على العودة إلى الاتفاق النووي ولكن أي اتفاق؟

إنه الاتفاق الذي عرضه ترامب من غير أية تعديلات. فما من عودة إلى الاتفاق القديم وما من مفاوضات مع إيران من غير معالجة مشروعها الصاروخي ونشاطها التوسعي في المنطقة.

انتهى عصر ترامب. أشياء كثيرة ستتغير غير أن كابوس ترامب سيظل مخيما على إيران وأتباعها.